الأحد 24 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

بدل السكوت.. حكاية لا يعرفها شباب الإخوان

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في مذكراته التي حملت عنوان "أيام الوفد الأخيرة"، يكشف إبراهيم طلعت عن سر خطير كان من الممكن أن يغير مجرى التاريخ المصري، الحكاية - كما يرويها بطلها - تقول إن حركة يوليو قامت ومصر تعاني من ويلات انقسام وتخبط وتفاوت طبقي، وتعهد ضباط يوليو بتطهير الوطن ثم وضع دستور وإجراء انتخابات نزيهة بين التيارات والقوى السياسية المختلفة، وإقامة حياة مدنية ديمقراطية سليمة.
وقد جرت في الساحة أحداث واضطرابات دفعت عبد الناصر ورجاله إلى التخلي تماما عن وعودهم، وأصروا على إلغاء الأحزاب تماما وإقامة حكم مستبد، وقتها فكر المحامي الوطني إبراهيم طلعت فعليا في تنفيذ عدة عمليات اغتيال لرجال "ناصر" لإعادة الحزب صاحب الشعبية الكبرى - وهو الوفد - إلى الحكم، ذهب "طلعت" كما يقول إلى أحد أقطاب الوفد وأخبره بنواياه، فأخبر بها مصطفى باشا النحاس الذي استدعاه وأمره أن يخرج تلك الوساوس الشيطانية من رأسه، وقال النحاس لراوي الشهادة: "إن أمن مصر أسبق وأكبر وأهم من أى شىء"، قال "طلعت": "لقد تنصلوا من وعودهم وسيحاكمونكم"، فردّ النحاس: "ولو، إن القوات المسلحة هي ضمان أمن الناس، ولا يمكن أن تتحول إلى خصم"، واحتضن النحاس ابنه وتلميذه إبراهيم طلعت وأخبره أن الغدر والاغتيال لا يقيمان دولة ولا يردّان حقا". 
تذكرت الشهادة وأنا أحاول تحليل خطاب المتأسلمين في تبرير العنف والإرهاب ضد مصر وأهلها وجيشها وشرطتها ومثقفيها، تذكرت السطور السابقة - مع الفارق بين حزب كانت له شعبية طاغية وأبى أن يلجأ إلى العنف لاسترداد حقوقه، وجماعة فاشية ترفضها الجماهير وتصرّ على تحويل مصر إلى بحيرة دماء إن خلعت من الحكم -  لقد طُرد مصطفى النحاس باشا وهو أكبر الساسة شعبية في مصر قبل ثورة يوليو من الحكم أربع مرات، ولم يفكر يوما في اللجوء إلى العنف أو إلى الوسائل غير الشرعية ليعود إلى رئاسة حكومة مصر، خمس مرّات تولى فيها النحاس باشا رئاسة الوزراء وفي كل مرة ينقلب فيها الملك على الدستور ويقيله، وكان النحاس يعود إلى حضن الشعب ليجاهد جهادا سلميا، ويجهز حزب الوفد لخوض الانتخابات مرة أخرى، ثم يفوز بأغلبية كاسحة، وحتى عندما حل نظام يوليو حزب الوفد لم يطلق الحزب جماهيره لتخرب وتحرق وتعطل الحياة والأرزاق، وإنما فضل أمن الوطن على وجود الحزب. 
تلك أمة قد خلت، وهؤلاء رجال وطنيون - قولا وعملا - أما جماعة الضلال فتأبى إلا أن تقتل وتحرق وتخرب وتسفك دماء خصومها وأعضائها على السواء، في سبيل حكم مصر، فإما أن يحكموا أو يحرقوا، إما أن يتسلطوا علينا ويتسيدوا على الوطن أو لا وطن، إن هؤلاء يجهلون أن الملك بيد الله يؤتيه من يشاء وينزعه ممن يشاء، يعز من يشاء ويذل من يشاء، والله أعلى وأحكم.