يسجل التاريخ حكايات كثيرة عن مهنة الدعارة فى مصر من بينها الهيكل الوظيفى لمنظومة البغاء المصرية قبل إلغائها سنة ١٩٥١، والذي كان يتكون من:
١/ شيخ المشايخ اللى هو النقيب بتاع الشغلانة دي.
٢/ الشيخ اللى هو مسئول عن منطقته الجغرافية بيلم الضرايب بتاعتها علشان يسلمها للشرطة، وبيبلغ الشرطة عن أى بيت أو أى حد شغال من غير ترخيص.
٣/ الشخص المشرف على بيت واحد أو كام بيت بغاء جنب بعض ومسئول عن تشغيلهم وعن توفير احتياجاتهم السلعية والخدمية والأمنية.
٤/ العايقة اللى هى مديرة البيت المقيمة فيه وبتنظم العمل اليومى بتاعه وتقبض من الزباين.
٥/ السحاب أو السحابة اللى هى بتسحب الزبون أو بتسحب الست الجديدة فى الكار علشان تشغلها مقطورة تسحبهم لغاية بيت البغاء
٦/ البرمجى اللى هو بلطجى بيرافق المقطورة غصب عنها ويقطرها ويبرم وراها فى كل حتة علشان يحميها من أى زبون وفى نفس الوقت يمنعها من الهروب مع أى زبون.
٧/ المقطورة وهي عاملة الجنس أو فتاة الترفيه اللى بتقدم خدمة البغاء للزباين بجسمها واللى كل منظومة البغاء قايمة عليها رغم أنها أضعف واحدة فيها.
ويعلق الباحث طارق المهدوي عن تلك المنظومة: يقال والله أعلم، إن محمد حمزة عندما كتب أغنيته التى لحنها بليغ حمدي وغنتها صباح، نحت الكوبليه التكرارى «عاشقة ومسكينة والنبي» عن كوبليه تكرارى فى غناء فلكلورى كان يتم بمناسبة افتتاح أى بيت بغاء جديد يقال فيه «عايقة ومقطورة وبرمجي».
نتعرف على Shbabbek ومن موقع
إبراهيم الغربي.. أمير مملكة البغاء فى القاهرة قبل ١٠٠ عام؛ حيث نقرأ أنه فى ١٥ أكتوبر سنة ١٩٢٦، كان عالم المومسات والقوادين فى القاهرة على موعد مع الحزن بسبب وفاة زعيمهم إبراهيم الغربي، وذلك أثناء تنفيذه عقوبة بالحبس ٥ سنوات بدأت فى منتصف عام ١٩٢٤.
لكن ما قصة هذا القواد؟ وكيف كان يصطاد النساء ويغويهن للعمل بالدعارة؟ وكيف كان يستدرج الرجال الراغبين فى المتعة الحرام؟ الإجابة فى كتاب «ذات يوم.. حكايات ألف عام.. وأكثر» للكاتب سعيد الشحات.
وترتبط قصة «الغربي» بقصة نشاط البغاء فى مصر بقوانين منظمة بدأت من نهايات القرن الـ١٩، عندما أصبح هذا القادم من «كورسكو» بمركز الدر بأسوان، ملكها منذ عام ١٨٩٦ حتى رحيله، وكان والده يعمل بتجارة الرقيق المحرمة فى مصر منذ عام ١٨٧٠.
يصفه «رسل باشا» رئيس بوليس القاهرة، وفقًا لما جاء فى كتاب «مجتمع القاهرة السرى ١٩٠٠ – ١٩٥١» للدكتور عبدالوهاب بكر: «أسمر ضخم الجثة سمين، يجلس كل مساء على مقعد خارج أحد منازله بشارع عبدالخالق، واضعًا ساقًا على ساق، مرتديًا ملابس النساء، ومنتقبًا بنقاب أبيض. كان هذا الفاسد الكريه يجلس كالصنم الأبنوسى الصامت، ويخرج فى العادة يدًا مغطاة بالجواهر ليقبلها أحد المارة من المعجبين، أو معطيًا أمرًا صامتًا لأحد أتباعه من الخدم».
يضيف «رسل»: «كان لهذا الرجل سلطة مذهلة، امتد نفوذه فى محيط السياسة والمجتمع الراقي. كان شراء وبيع النساء للمهنة فى كل من القاهرة والأقاليم فى يده كلية، ولم يكن قراره بالنسبة إلى السعر يقبل المناقشة».
فى عام ١٨٩٦ استأجر «الغربي» منزلًا كبيرًا فى الحارة «الوسعة» لتشغيل البغايا، ثم اقتنى مقهى بلديًا تعرض فيه الراقصات رقصات خليعة تستفز الغرائز. وفى ١٩١٢ امتلك ١٥ بيتًا للبغاء فى الأزبكية، وكانت تعمل فيها ١٥٠ امرأة، وأصبح اسمه يقترن بمملكة البغاء فى القاهرة مع بداية الحرب العالمية الأولى.
تعرض الغربى للاعتقال مع عدد من المخنثين المنتشرين بحى الأزبكية عام ١٩١٦، وأفرج عنه عام ١٩١٨، وفى كتاب «البغايا فى مصر- دراسة تاريخية اجتماعية من ١٨٣٤ – ١٩٤٩» يقول الباحث الدكتور عماد هلال: «إن القوادين والبغايا نصبوه سلطانًا على عالمهم بعد الإفراج عنه، وألبسوه تاجًا ذهبيًا مرصعًا بالألماس والزمرد والياقوت، وتربع على عرش تجارة الدعارة والفسق، وحكم مملكته بدكتاتورية صارمة، وكان يسن قوانينه الخاصة، ويشرف على تنفيذها، ويعاقب من يخالفها».
وبحسب «هلال»: «جعل الغربى من أحد بيوته سجنًا وحول غرفه إلى زنزانات حقيقية، وكان يحكم فى بعض الحالات بإعدام ضحيته، فيتم رميها فى غرفة تحت الأرض حتى تموت جوعًا، واستفحل أمره بعد الحرب (العالمية الأولى)، وأصبح له وكلاء فى عواصم أوروبا، يستورد عن طريقهم البغايا من كل الأجناس، وكان يدعو الأجانب للتسلية، ويقيم لهم معرضا للفجور والفحش، ويحشر إليه طائفة من الجنسين، يفعلون الفاحشة على طرق متنوعة كأقصى ما وصلت إليه الرذائل، وامتد سلطانه فشمل بغايا مصر كلها».
أصبح «الغربي» حديث الرأى العام عام ١٩٢٣، حين قدم النائب العام محمد إبراهيم باشا بيانًا نشرته صحيفة «الأهرام» فى ٢٣ ديسمبر، عن قضية بدأت وقائعها بتحقيقات أجرتها نيابة السيدة زينب فى بلاغ عن أن بنتًا قاصرًا عمرها ١٤ سنة، قابلتها امرأة بجوار ضريح السيدة زينب ورغّبتها فى الذهاب إلى منزلها لتزوجها بابنها، فذهبت معها، وبعد ٣ أيام أعطتها مخدرًا، وأدخلت عليها شخصًا ففض بكارتها. توسعت التحقيقات لتكشف أن هناك تنظيمًا يغوى الفتيات القاصرات، ثم يؤخذن إلى بيوت الدعارة للعمل بالإكراه، بتزويجهن ثم تطليقهن بعد ٢٤ ساعة ليدخلن فى طابور المومسات، وذلك بتواطؤ بين العصابة والشرطة.
وتبين أن هناك ٤٠٠ فتاة بيع أكثرهن فى أسواق الرقيق الأبيض، ويترأس هذا التنظيم إبراهيم الغربي، ويدير عمليات الرقيق الأبيض من إسنا إلى الإسكندرية.
أحضر المتهمون حشدًا من المحامين أثناء عرضهم أمام النيابة، وانتهت القضية بالحكم على «الغربي» بالسجن فى منتصف عام ١٩٢٤ خمس سنوات مع الأشغال الشاقة، ومات فى السجن بعد نحو عام.
وحين مات كانت ممتلكاته حسب الدكتور عبدالوهاب بكر: «٥٤ بيتًا فى حى باب الشعرية قيمتها وما تحويه ٥٠ ألف جنيه، و١٥٦ سوار ذهب خالص وزمرد وماس، عدا تاج كان يلبسه فوق رأسه قيمته ٣٠٠٠ جنيه بأسعار وقتئذ وكسوة للتشريفة كان يرتديها فى الحفلات الرسمية قيمتها ٥٠٠ جنيه، إلى جانب ١٠ آلاف جنيه».