الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

سلامة الغذاء.. مرة أخرى

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ردًا على مقالى الذى نشر فى جريدة «البوابة»، بعنوان «سلامة الغذاء بالمحافظات»، والذى نشر فى ٩ أبريل الماضى. استقبلت جريدة «البوابة» باهتمام كبير الرد الصادر من إدارة قطاع الإعلام والعلاقات بوزارة الداخلية، توضح فيه دور الإدارة العامة لشرطة التموين والتجارة ووزارة الداخلية وما تقوم به من حملات خلال الفترة الأخيرة لمكافحة جرائم الغش التجارى، والتى أسفرت طبقًا للرد المرسل للجريدة عن مجموعة من القضايا كما هو موضح:
ضبط ١٧٦٣ قضية أسطوانات غاز، ضبط ٥٤٨ قضية مواد بترولية، ضبط ١٦٧٥ قضية دقيق أقماح، ضبط ٢٧.٦٨٠ قضية مخالفات مخابز «خاص بالأوزان والمواصفات»، ضبط ٢١٣٥ قضية سلع تموينية، ضبط ٦١٠ قضايا الاستيلاء على سلع الدعم، ضبط ٦٣٧٤ قضية غش غذائى، ضبط ٣٢٣٩ قضية غش غذائى تموينى، ضبط ٤٤٥ قضية أسماك.
فضلا عن ضبط ٣٧٨ قضية سلع مجهولة المصدر، بالإضافة إلى ضبط ٨٠٦ قضايا ثروة حيوانية، وهى جهود جيدة لوزارة الداخلية من خلال أجهزتها الخاصة بمقاومة الغش التجارى.
وقد كشف ذلك اللواء خالد فوزى المسئول عن إدارة الإعلام والعلاقات بوزارة الداخلية، وهو ما يؤكد حرص الوزارة على التواصل والإيضاح والرد على ما يهم الرأى العام، وهو ما يستحق الشكر والتقدير، فإنه على الجانب الآخر كنا نأمل من باقى الوزارات والهيئات والأجهزة أن يكون لها موقف من التفهم على ما ينشر من قضايا تهم الرأى العام.
ولكن للأسف الشديد؛ فإنه لا توجد حتى الآن منهجية أو رؤية من قبل الحكومة فى ما يخص الردود على ما يثار على صفحات الجرائد أو وسائل الإعلام المختلفة من أجل أن تكون هناك مكاشفة ومصارحة وحلول للمشاكل، ومن هنا نستغرب عدم رد جهاز حماية المستهلك، وهو الجهاز الأهم طبقا للقانون، والمفترض أنه يساعد على حماية المستهلك من الغش التجارى والأسعار وعلى جودة المنتجات.
كما أن وزارة التموين وهى المعنية أيضا بالغذاء وأسعاره والسلع فإنه للأسف الشديد لم نجد ردا من وزارة التموين على ما ينشر فى هذا الموضوع كما لم نجد أى اهتمام من قبل وزارة الصحة وهى الوزارة المعنية أيضا بصحة المواطن المصري.
عموما جاء رد وزارة الداخلية ليعطى آمالا جديدة فى أن هناك ردود أفعال، ومن هنا فإننا نوجه الشكر والتقدير إلى قطاع الإعلام بوزارة الداخلية للاهتمام على ما يثار من قضايا تهم الرأى العام.
وبعد لقد أصبحت سلامة الغذاء فى بلادنا فى موقف لا تحسد عليه، خصوصًا مع انتشار مظاهر الغش التجارى ومحاولة الثراء السريع بالمتاجرة فى ما يسمى «ظاهرة تصنيع الغذاء فى بير السلم»؛ حيث لا ضمير ولا رحمة من أجل المال الحرام.
وقد ساعد على ذلك الرواج لتجارة الغذاء الملوث الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية المتردية وازدياد مظاهر الفقر، فضلا عن انتشار الأسواق العشوائية مع ضعف الرقابة الكاملة، يضاف إلى ذلك مجموعة من المظاهر الخطيرة منها:
■ وجود أكثر من ١٧ جهة رقابية تتبع عددا من الوزارات والهيئات والأجهزة جميعها تعمل فى جزر منعزلة دون استراتيجية واضحة.
■ وجود ما يقترب من ٢٠٦٣ تشريعا منذ المرسوم الملكى عام ١٨٩٣ منها ١٦ مرسومًا ملكيا قيد التنفيذ، وهذه القوانين والقرارات واللوائح يزيد عمرها على ٢٢٦ عاما «أى قرنين وربع».
■ كثرة الأسماء التى تعمل فى مجال سلامة الغذاء منها «حماية الغذاء – معامل وزارة الصحة – المعامل المركزية – هيئة الرقابة على الصادرات – الرقابة الصناعية – الهيئة البيطرية – مكاتب التفتيش – مباحث التموين- وحماية المستهلك» وغيرها.
هذا غير أن البرلمان المصرى أصدر فى الفترة الأخيرة القانون رقم ١ لسنة ٢٠١٧، والخاص باسم «الهيئة القومية لسلامة الغذاء» والذى يهدف إلى تحقيق متطلبات سلامة الغذاء للحفاظ على صحة المواطنين وعلى أن تتولى تلك الهيئة جميع الصلاحيات والاختصاصات المتعلقة بسلامة الغذاء، وقد نشأت تلك الهيئة باعتبارها شخصية اعتبارية ذات نفع عام تتبع رئيس الجمهورية، وقد أسرعت الحكومة بأن أصدرت اللائحة التنفيذية للقانون لأهميته بالقرار رقم ٤١٢ لسنة ٢٠١٩.
ويبقى السؤال عن الأثر التشريعى فى المجتمع على أرض الواقع بعد ذلك، وأن المستهدف يحقق صحة المواطنين عن طريق التأكد أن الغذاء المنتج أو المصنع والذى يتم توزيعه وتداوله فى الأسواق يحقق المعايير الصحيحة للسلامة والصحة الغذائية.
إن الأمر ليس إصدار قوانين، بل الأهمية تكمن فى التفعيل ويكفى الإشارة إلى أن الكثير من قضايا فساد الأغذية والأطعمة تنتهى بالغرامات المالية أو بالحبس وهى عقوبات غير رادعة مما يشجع الكثير من منعدمى الضمير بالتوجه من أجل الكسب غير المشروع فى تجارة المواد الغذائية المقلدة والمغشوشة وغير المطابقة للمواصفات والتى لا تصلح للاستخدام الآدمي.
فى النهاية؛ فإن المواطنين فى المحافظات وأسواقها وبطول البلاد وعرضها وبعيدا عن العاصمة هم الأكثر تضررا ماديا وصحيًا بسبب أنهم السواد الأعظم من الفقراء وتضطرهم الأوضاع الاجتماعية إلى شراء تلك السلع أو المنتجات الأكثر تلوثا.
وبعد؛ فإننا نقول وندق جرسا لكل المسئولين وبجميع مستوياتهم بضرورة المواجهة وفق رؤية من أجل حماية صحة المواطنين والأجيال القادمة، وذلك فى إجراءات محددة تتم على أرض الواقع منها:
■ إعادة النظر فى التشريعات المتعلقة بالغش التجارى والصناعى من أجل حماية المواطنين.
■ تغليظ العقوبات بالحبس والغرامات المالية الضخمة لتكون رادعا لمنعدمى الضمير.
■ ضرورة اعتبار من يغش الغذاء أو الدواء ويتسبب فى موت المواطنين من الجرائم المخلة للشرف.
■ ضرورة الارتفاع بمستوى العاملين تدريبيًا وماليًا.
■ بالإضافة إلى تطوير المعامل المركزية الخاصة بالمناطق الصناعية ومنافذ الجمارك وغيرها من الإجراءات الكفيلة لحماية سلامة الغذاء والمواطنين حفاظا على الصحة العامة.