لا يخفى على أحد تلك الأحوال المادية المتردية للمعلمين ولا يخفى على أحد أن أكبر معلم فى وزارة التعليم (كبير المعلمين) لا يتعدى راتبه ٣ آلاف جنيه، ولا يخفى على أحد أن المعلم المصرى ينهى خدمته، ويخرج إلى المعاش ليتقاضى ١٥٠٠ جنيه، وهو من هو (مربى الأجيال)!
ولا يخفى على أحد أيضًا أن مصر لن تتقدم خطوة والمعلمون المصريون يعانون هذه المعاناة وإذا كان المفروض أن نصبر جميعًا وأن نتحمل جميعًا وأن نعانى جميعًا فعلينا إلا نسمح أن يعانى المعلم المصرى إذا كنا حقيقة نهتم بأن نتقدم وأن نخطو خطوة واحدة إلى الإمام وأن تعود مصر إلى المكان والمكانة التى تناسبها.
ولا يخفى على أحد أن المعلمين المصريين لم يتم إنصافهم منذ صدر قانون (إنصاف المنسيين) فى عام ٤٢، والذى قررت فيه الحكومة وقتها رفع رواتب المعلمين الإلزاميين من ٣ جنيهات مصرية إلى ٩ جنيهات مصرية، وهو العام الذى أطلق كل معلم إلزامى فى ذلك العصر على مولوده رزق بها يومها اسم (انصاف) وإذا راجعنا مواليد ذلك عام ١٩٤٢ (كشف المواليد من الإناث) لوجدنا الآلاف منهم من أبناء المعلمين، وهو ما تسبب وقتها فى طفرة ضخمة انتقلت بالمعلم المصرى من الطبقة الفقيرة إلى رحابة الطبقة الوسطى فتحولوا إلى قيادات فى ريفنا المصرى كما تحولوا إلى ملاك للأراضى ولا يخفى ما نتج عن ذلك من تقدم وازدهار فى التعليم المصرى الذى علمنا بفائضه بعدها كل دول الجوار العربى عن طريق هذا المعلم.
وباستثناء المحاولة التى تمت إبان حكم الرئيس الأسبق حسنى مبارك (كادر المعلمين) وحتى يومنا هذا لا تزال أحوال المعلمين تحول دون إحداث انطلاقة مصرية نحو التقدم والتحديث.
ولا يزال المعلمون يشتكون مر الشكوى من أحوالهم المادية المتردية، التى تلجئهم إلى العمل طوال اليوم واللف والدوران على البيوت أملًا فى الرزق، وهو أن تيسر فقد يتيسر لـ١٠٪ منهم.
وإذا كانت الحكومة جادة فى الاهتمام بتطوير التعليم، فإن محاولة إصلاح أحوال المعلمين المادية لا بد وأن تكون على رأس هذا التطوير، وفى مقدمته فالمعلم هو من سيقوم بهذا التطوير ولا أحد غيره فى النهاية.
وإذا كانت الحكومة عاجزة عن إحداث طفرة حقيقية فى مرتبات المعلمين وعاجزة عن نقل المعلمين إلى بدايات الطبقة الوسطى المصرية التى يصل دخلها إلى ٨ آلاف جنيه شهريًا فإن ما لا يدرك كله لا يترك كله، ويمكن إذا توافرت الإرادة والتى أعلم أنها متوافرة أن نمشى خطوات ولو بسيطة فى هذا المسار الصعب والحيوى والمطلوب وأن نحاول دعم المعلمين وتحسين ظروف حياتهم عن طريق الاهتمام بدعم صندوق نقابه المعلمين مثلًا كى تتمكن النقابة من رفع معاشات المعلمين، وكى تستطيع التوسع فى دعمهم ماليًا واجتماعيًا ورعايتهم صحيًا.
وبمناسبة بدأ الحوار بمجلس النواب حول تعديل قانون نقابة المعلمين القانون ٧٩ لسنة ٦٩ وهو لمن لا يعلم موضوع حيوى ومهم وجذرى ويصب فى عملية إنقاذ نقابة المعلمين ومحاولة دعم صندوقها، نناشد السادة نواب البرلمان وفى مقدمتهم السادة أعضاء لجنة التعليم بالمجلس التركيز على محاولة تعظيم موارد صندوق النقابة فى قانون النقابة عن طريق استحداث أفكار يكون من شأنها تعظيم تلك الموارد فوزارة التعليم مثلًا تدعم وزارة الصحة ممثلة فى هيئة التأمين الصحي، ولا تدعم نقابة المعلمي،ن وهذا غريب وغير مفهوم فلا يصح أن تشترط وزارة التربية والتعليم على التلميذ عند تقدمه للرياض أن يدفع طوابع (٤٨ جنيهًا)، وللابتدائى (٨٠ جنيهًا) وللثانوى عام وفنى (٨٠ جنيهًا) كطوابع للهيئة العامة للتأمين الصحى فى مقابل اشتراطها طابع (بجنيه واحد فقط) لنقابة المعلمين (!!)،
ونقترح هنا الاتي:
أولًا: رفع قيمة الطابع الخاص بنقابة المعلمين عند التقديم لرياض الأطفال أو غيره من المراحل إلى ٢٠ جنيهًا على الأقل مثلًا.
ثانيًا: نقترح عمل طابع لنقابة المعلمين بـ٢٠ جنيهًا مثلًا نظير استخراج جميع بيانات النجاح لمن يريدها من الطلاب.
ثالثًا: طابع نقابة معلمين آخر بـ٢٠ جنيهًا مثلًا خاص بالتحويل بين المدارس وبعضها وبين الإدارات التعليمية وبعضها.
رابعًا: طابع نقابة معلمين بـ٢٠ جنيهًا مثلًا على الإفادات لمن يطلبها أيضًا.
خامسًا: يخصم من أموال إعادة التصحيح لأوراق الطلاب فى الشهادات العامة ٢٠٪ لصالح صندوق نقابة المعلمين.
سادسًا: أن تتضاعف نسبة النقابة فى المصروفات الدراسية السنوية بحيث لا تقل عن ٢٠٪ سنويًا.
سابعًا: أن يستقطع من ضرائب المدارس الخاصة المستحقة للدولة ١٠٪ لدعم صندوق النقابة.
ثامنًا: اقترح رفع نصيب نقابة المعلمين من مكافأة تأليف الكتب المدرسية إلى 20% بدلًا من 10%.
تاسعًا: رفع قيمة عقود طبع الكتب المدرسية المبرمة بين الوزارة أو من يمثلها إلى 7% بدلًا من 5% غير كافٍ بالمرة، وكان يجب ألا يقل عن 10% للنقابة مع إدراك أن تلك الزيادات ليس لها مستقبل وأنها ستنخفض سنويًا نظرًا لاتجاه وزارة التعليم إلى إلغاء تأليف وطبع الكتب المدرسية على مدى السنوات المقبلة والتوسع فى بنك المعرفة المصرى ونظام التابلت.
عاشرًا: رفع قيمة رسوم القيد بالنقابة إلى ٥٠٠ جنيه بدلًا من رفعها إلي ٥٠ جنيهًا مع قصر ممارسة المهنة على أعضاء النقابة فقط أو الحصول على تصريح (ممارسة مهنة) من النقابة الفرعية لغير المقيدين بالنقابة نظير سداد مبلغ ١٠٠٠ جنيه سنويًا.
وأخيرًا علينا أن نجتهد فى استحداث أفكار مماثلة لدعم موارد نقابة المعلمين كى تتمكن النقابة من القيام بأدوارها المختلفة، وعلى رأسها مضاعفة معاشات المعلمين وتوفير خدمة صحية تليق بهم.