يجافيني النوم كما تجافيني أشياء كثيرة، تارة تأتيني فكرة فأفزع أدونها حتى لا تهرب، ثم أعود إلى فراشي فأدرك أنه لا جدوى منها فأمسحها.. أتساءل ما جدوى هذا الدوران في تلك الطاحونة اليومية؟ ما الحكمة في أن أسلم روحي لنفس الزيف!.. ماذا سيخسر العالم لو قررت فجأة ألا أستيقظ؟ ماذا سيخسر الناس من حولي لو علقت على باب غرفتي مغلق لترميم روحه؟. هل تعرف أنت إجابة هذه الأسئلة؟ تعرفها حتما تعرفها لكن ما جدوى ذلك؟ لن تستطيع تغيير شيء.. لا توهم نفسك أنه باستطاعتك، كل شيء وضع في مكانه صح خطأ.. لكنه وضع.. لن تستطيع تبديل أي قطعة في لعبة الحياة.. إذا سر كما أنت.. حادث نفسك بأنك موهوب وأنك ستحقق حلمك غدا، وأنت توقن أن نتيجة عمرك المعلقة فيها روحك ليس في أوراقها غدا، والحكمة المكتوبة أسفل ورقة النتيجة فيها عبارة: "انتهى الدرس يا غبي"!
لكني لم أكن غبيا هم الأغبياء.. حقا لكن في كلتا الحالتين النتيجة واحدة سواء أكنت أنا أم هم.
لا عليك من هزياني فإني برغم كل هذا ما زلت أحلم، حتى أنني الليلة جلست أجمع أوراق كتابي كنت متحمسا وفرحتي تسبقني في ترتيب الأوراق، وفجأة وضعته في "درج المكتب" وقلت ما جدوى إذا كان لم يعد أحد يقرأ، وقبل أنهض من مكاني جاءني إشعارا على هاتفي أن شخص ما قرأ مقالي، فحاولت إقناع نفسي أن أكتب طالما بات لي جمهورا ولو شخص واحد، أليس إيصال الأمانة لشخص كإيصالها لألف؟ أليس الوفاء لحرف كالوفاء لكل الكلمات.
في الحقيقة لست مقتنع بعد، لا شئ يعجبني حتى ما أكتبه الآن لكني مضطر أن أكتب فليس لي في الواقع شيئا من أحلامي، هنا حبيبتي وأصدقائي وعالمي.. نجاحاتي وإخفاقاتي هنا روحي على السطر تلهو وتفرح يضمها حرف ويكسرها آخر فتلجأ للسكون قبل أن تفتح أذرعها من جديد للحرف وللحياة.
لا عليكم.. لا تحاولوا تفسير ما كتبت أو إيجاد حلول لمعضلة ما جدوى فقط كنت استيقظت فجأة لأشرب فشربت وأحببت أن أسقي روحي حرفا قبل أن أخلد للنوم مرة أخرى.