كانت بداياته فى الستينيات نقطة انطلاق المجد المهنى للإذاعة حيث انطلقت بشدة تبحث عن المواهب بمختلف ساحات الإبداع واقترح أستاذنا الكبير إحسان عبدالقدوس فكرة (مجلة الهواء) لكى تكون توأم للمجلة الورقية ولا تنافسها فقد أثبت أنه مهما قسوة التحدى للصحافة الورقية فهى منبر الرسالة الآمن لكل إنسان، برنامج «مجلة الهواء» الذى كان يطل علينا مساء كل يوم أربعاء وله هتاف صاغه إحسان عبدالقدوس ليقول «مجلة الهواء.. مجلة تسمع ولا تقرأ وتقع فى ستين دقيقة وأصبح من البرامج الشائعة التى تتداول موادها الصحفية على ألسنة الناس وأصبح نجمها الإذاعى شيخ الإذاعيين الأستاذ فهمى عمر رئيس تحرير مجلة الهواء أجندة اهتماماته مستقبل الشباب وقتها ودعمها للجامعات الأشهر القاهرة والإسكندرية وعين شمس وأسيوط، وقد تلقيت مكالمة فى الستينيات من أستاذنا فهمى عمر يستطلع خبر نشرته باسمى عن ظاهرة التفوق ودرجات الإمتياز التى حصل عليها طلاب الحقوق بالإسكندرية فقد عرفت لوحات النتائج تقدير إمتياز وجيد جدًا وأشرت لعودة كلمة ممتاز بالكلية واعتبرته حدثًا علميًا منهجيًا فى تاريخ الجامعات المصرية فكان من نفسى محمد رفعت عبد الوهاب فاستطاع أن يفتح أبواب التفوق الفقهى أمام زملائه ومن الذين حصلوا على جيد جدًا الطالبين محمد زكى أبوعامر ومحمد سعيد الدقاق واختار فهمى عمر هذه النماذج ليقدمها للميكروفون يتحدثون على رؤيتهم للمستقبل فى البحث المنهجى من العلوم الإنسانية، وأصبحت لهذه البرامج رسالة مركبة ومتشابكة ويبدو أن أستاذنا فهمى عمر ما كاد يلتقط هذا الخيط من عناصر الخبر لكى يصيغ منه ملحمة لم نكن ندركها أبناء هذا الجيل وقتها فقد وضع هذه النماذج من جيل الحقوقيين أمام مسئولياتهم وتقديرى أنه من أروع ما قدمته الإذاعة فإنه يؤكد للرأى العام أن الحقوق لم تصبح كلية القاع لكنها كلية القمة فى تخصصها وإيقاع فكرها، وأصبح هذا الثلاثى معيدين أتاحت لهم الدولة الفرصة لحمل رسالة الدكتوراه ويدخلوا لساحة الفقة أولهم فى القانون العام والثانى فى الجنائى والثالث الدولى الخاص، واستطاع هذا الثلاثى تشكيل مجموعة علمية للمدارس الفقهية فالدكتور محمد زكى أبوعامر أصبح أحد رموز الفقة الجنائى استمرارًا لمدرسة الفقيه الدكتور السعيد مصطفى السعيد والدكتور جندى عبدالملك والدكتور محمود مصطفى والدكتور أحمد فتحى سرور وأستاذه العالم الفقيه صاحب النظريات العالمية فى علم الإجرام الدكتور رمسيس بهنام وجاء أبو عامر ليهبط ساحة العلم الجنائى بنظريات جديدة ومتجددة ونهج أكاديمى مميز وكنت قد اقتربت منه بمساعدة أصدقاء العمر المستشار أحمد حافظ مشهور والزميل علاء رفعت وتوثقت أكثر عندما تعرفت فى منزل أستاذى الكبير جليل البندارى على المبدع مرسى جميل عزيز الذى تعمقت الصلة الإنسانية مع هذه الموهبة بل تضاعفت أن اسم أبوعامر عاد يزين حياتنا من جديد بأن يتقدم للارتباط بتلميذته الحقوقية وجدان مرسى جميل عزيز التى اختارها شريكة حياته.
عاصرت كفاحه فى ساحة العلم فقد عاد بعد تأديته الخدمة العسكرية بالقوات البحرية لساحة الجامعة ليقف أستاذًا بليغًا بين طلابه وأشاع بينهم روح جديدة وتعلق به المجتمع داخل الكلية وأصبح مستشارًا لرئيس الجامعة الدكتور محمد سعيد عبدالفتاح وانتخب عميدًا للحقوق وكانت مرحلة ذهبية للشباب من حاملى لواء المستقبل فى مقدمتهم الدكتور عكاشة عبدالعال الذى كان يعتمد عليه أبوعامر فى العديد من الأمور المقدمة واستمع لنصائح الرموز الوطنية فى كل الساحات بمقدمتهم الأخ الأستاذ عبدالعال الباقورى الشقيق الأكبر للدكتور عكاشة عبدالعال وأصبح أبوعامر واحدًا من الرموز الفقهية والسياسية حينما رشح لتولى منصب وزاري.. وللأمانة فإنه لم يسعى إطلاقًا لموقع سياسى أو وزارى لكن طبيعة المرحلة فرضت على النظام أن يقدم نماذج من الكفاءات فى أرقى مراتبها بحيث لا تكون الحزبية هدفهم الأول وتكون المرحلة طراز جديد من (التكنوقراطين المؤهلين للحكم الرشيد) وفوجئ النظام بالأزمات والصدمات وازدواج الإختصاصات وظهر هذا فى وزارة الدولة لشئون مجلسى الشعب والشورى وأثبتت التجربة صعوبة وجود وزيرين وإن الوزير القوى داخل الحكومة كان يتولى بين مسئولياته منصب أمين التنظيم للحزب الحاكم ويتولى إدارة الأمور الحزبية ويعاونه وزير الإعلام عضو هيئة مكتب الأمانة العامة للحزب ويرأس الهيئة نائب رئيس الوزراء ووزير الزراعة والأمين العام للحزب وهذا جعل الأداء صعبًا لوزير حديث العمل بهذه الأمور مثل أبوعامر ولايمكن أن يؤدى دوره فى هذا المناخ وينحصر دوره فى مجلس الشورى كممثل للحكومة ويتصادم هذا الدور مع وجوده عضوًا بمجلس الشورى وقيل لى من مصادر أن الذى أختاره لهذا المنصب الوزارى هو الرئيس حسنى مبارك شخصيًا بعد إعجابه بالحديث معه فى لقاء عقد بكلية الهندسة فقد التقى الرئيس مع نماذج من الأساتذة وكون عقيدة بترشيح هذا الشاب لمنصب وزارى ومهد له باختياره لأمانة الحزب لعدة شهور وتابع الأداء ولم يعجبه ما تتعرض له هذه الكوادر الشابة من مصادمات وهو الذى اقترح نقله لوزارة التنمية الإدارية وهو الوزير الذى رافقه فى رحلة أديس أبابا التى تعرض فيها لمحاولة الاغتيال واستطاع أن يحقق نجاحًا جماهيريًا فى عملية تشغيل الوظائف بنظام حيث تم توزيع الخريجين بصورة عادلة لتحقيق الهدف بحيث يرتبط التعيين مع التنمية المهارية لكن يبدو أن وزارة الدكتور أحمد نظيف وجدت أن أبوعامر يمثل اتجاهًا يتصادم مع طبيعة هذه الوزارة وخرج لكن أبوعامر لم ينعزل لكنه تفرغ للمجمع العلمى ولم يعتزل لكنه اختار حياته منفردًا بعد رحيل رفيقة عمره لكنه لم يعيش وحيدًا لأنه ارتبط بالكلمة والبحث.
ظاهرة أبوعامر هى التفوق هو وزملاؤه أحدثت انقلابًا فى الفكر بعد أن قيل عن أحد الأساتذة أننى بكيت فى حياتى مرتين.. الأولى حينما ولدت.. والثانية عندما اضطررت أمنح تلاميذى المتفوقين درجة ممتاز.