الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

النخبة ومبارك «20»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عندما اغتيل السادات فى ٦ أكتوبر ١٩٨١ كان حسنى مبارك نائبًا لرئيس الجمهورية، وكانت النخبة والمعارضة بكل تصنيفاتها فى المعتقل تحت مسمى التحفظ، وعقب الاغتيال وقعت حادثة أسيوط الإرهابية والاعتداء على مديرية أمن أسيوط وقتل أكثر من مائة شرطى وتم القبض على عدد من الجماعات الإسلامية التى كان قد تبناها السادات، وكان منهم عاصم عبدالماجد، وأتى النبوى إسماعيل، وزير الداخلية فى وقتها، بالمقبوض عليهم بطائرة إلى معتقل أبوزعبل الذى كنت معتقلا فيه وقد شاهدت المقبوض عليهم حيث جاءوا بهم فى طرقة سجن التجربة «سجن السجن» أمام الزنازين حيث كنت معتقلا بزنزانة ١٤، وتم تفريغ أبوزعبل لمعتقلى التيار الإسلامى وترحيلنا نحن إلى معتقل وادى النطرون، وجاء مبارك رئيسًا لمصر بديلًا للسادات. ومن المعروف فى مثل هذه الظروف بعد مجيء رئيس بديل لرئيس تم اغتياله، أن يحاول الرئيس الجديد فتح صفحة جديدة مع المعارضة بشكل عام، خاصةً أن زعماء المعارضة السياسية والحزبية كانوا جلهم فى المعتقل، فكانت قيادات أحزاب التجمع ومصر العربى الاشتراكى والعمل الاشتراكى وحزب الوفد الجديد،حيث كان قد أُعلن حزب العمل الاشتراكى بمساعدة السادات كما سبق وأشرنا، كما أعلن حزب الوفد الجديد برئاسة فؤاد سراج الدين، ثم تم القبض على القيادات العليا للأحزاب عدا رؤساء حزبى «التجمع، العمل»، لكن تم القبض على فؤاد سراج الدين كرئيس حزب الوفد مع قيادات سياسية وصحفية وحزبية.
هنا بدأ مبارك بالإفراج عن واحد وثلاثين قيادة من قيادات المعارضة الذين كنت أحدهم وكان ترتيبى فى القرار الجمهورى الصادر بالإفراج رقم ٢١، وكان مبارك قد أمر بالإفراج عنا من السجون والمعتقلات وإحضارنا لمقابلته فى قصر العروبة يوم ٢٥ نوفمبر ١٩٨١، وكان من ضمن الواحد وثلاثين المفرج عنهم فؤاد سراج الدين ومحمد حسنين هيكل والدكتور ميلاد حنا والدكتور حلمى مراد،كما ضم قرار الإفراج أربعة وعشرين وزيرا سابقا، يومها استقبلنا مبارك بشكل مفاجئ للجميع وبدون مقدمات، حيث تم ترحيلى من معتقل وادى النطرون بهدف استكمال التحقيق معى لدى المدعى الاشتراكى للمرة الثالثة وفوجئت بالضابط المكلف بترحيلى بتركى فى سيارة فولكس واجن بعد إنزالى من سيارة الترحيلات وتركنى فى السيارة الفولكس بمفردى أمام مبنى المدعى الاشتراكى الذى سرعان ما نزل منه الدكتور حلمى مراد وزير التعليم الأسبق بعد التحقيق معه، وسار بنا الضابط ولا نعلم إلى أين نذهب حيث فوجئنا أننا داخل قصر العروبة الذى لم أكن أعرفه، دخلنا القصر وفتح باب صالون ضخم وفخم ففوجئت بأننى امام رئيس الجمهورية وفى القصر الجمهوري.
جلسنا مع مبارك أكثر من ساعة ونصف ودار بيننا حوار يملؤه الود والاحترام، وتعرض مبارك أثناء الحديث لحادث الاغتيال موضحًا كيف قامت تلك الجماعات باغتيال السادات بالطريقة التى تمت بها، بعد أن أتى بهم السادات لمواجهة التيار الناصرى واليساري، تصورًا منه أنهم سيخلصون له بعد القضاء على اليسار، كما وضح مبارك الظروف السياسية التى تمر بها البلاد خاصة أنه فى يوم ٢٥ أبريل ١٩٨٢ سيتم تحرير سيناء مما يجعلنا جميعًا مدركين أهمية الحصول على هذا التحرير بعدم إحداث أى فرصة تستغلها إسرائيل لعدم تنفيذ هذا التحرير، وكان مبارك ودودًا ناعتًا المفرج عنهم بأساتذته، فخرجنا من الزنازين إلى القصر الجمهورى إلى منازلنا، ثم عقب تحرير سيناء بدأ عملية الإفراج عن باقى المعتقلين تباعًا حسب نوعية المعتقل وظروفه السياسية وأسباب اعتقاله، وكان تيار الإسلام السياسى آخر المفرج عنهم باستثناء الذين اغتالوا السادات حيث حوكموا أمام القضاء، ولم يظل من المعتقلين أو ما يسمى تحت التحفظ إلا البابا شنودة الثالث حيث كان متحفظًا عليه فى أحد اديرة وادى النطرون، وأعتقد أن تأخير الإفراج عن البابا شنودة كان نتيجة العقبة التى أحدثها السادات أمام مبارك، حيث إن السادات كان قد أقر فى الذهن الجمعى الإسلامى المصرى أن البابا شنودة هو السبب الرئيسى للفتنة الطائفية التى بدأت أحداثها منذ حادثة الخانكة عام ١٩٧٢ التى عكرت الأجواء بين السادات والبابا شنودة وبالتالى بين البابا وكامل التيار الإسلامى سواء كان الإخوان أو الجماعات الإسلامية أو السلفيين وصولًا إلى المسلم المصرى العادى الذى يمثل له الدين والتدين أهمية كبيرة خاصةً وعاطفة الدين متأججة طوال الوقت، وفى ٥/١/١٩٨٥ تم الإفراج عن البابا شنودة وحضر قداس ليلة عيد الميلاد من نفس العام بعد إلغاء القرار الجمهورى الذى أصدره السادات بإلغاء تعيين البابا شنودة بابا الكنيسة، حيث إن هذا القرار يمثل الصفة الرسمية لتعيين البابا وهو غير الصفة الكنسية لموقع البابا داخل الكنيسة، وقد شكلنا وفدًا سياسيًا يمثل حزب العمل الاشتراكى لحضور قداس عيد الميلاد الأول للبابا شنودة عقب خروجه من التحفظ، وترأس الوفد الدكتور حلمى مراد أمين عام الحزب وعضويتي، كما حضر معنا الشاعر صلاح جاهين. هنا وبعد خروج البابا من التحفظ واستقبال مبارك لرموز المعارضة وبعد تحرير سيناء بدأ مناخ سياسي جديد بين السلطة والمعارضة غير المناخ المتوتر الذى خلقه السادات وتياره السياسى الذى كان قد اتخذ الإسلام سلمًا للسياسة. ونستكمل فى المقال التالى بإذن الله.