اعتمد السادات على شرعية انتصار أكتوبر ١٩٧٣ كنقطة لانطلاق التغيير الكامل لإيجاد نظام بديل لنظام عبدالناصر، فكان الانفتاح الاقتصادى الاستهلاكي، وجاءت أحداث ١٨، ١٩ يناير ١٩٧٧ لتصبح نقطة تحول دراماتيكى دفعت السادات لإعلان نظام حزبى تعددى ولكن فى إطار شكلى بعيدًا عن أى مضمون أو معارضة حقيقية للنظام، وفى نوفمبر ١٩٧٧ كانت زيارة السادات لإسرائيل بداية لخلق معارضة واسعة للسادات ونظامه، فعقب كامب ديفيد تحول التيار السياسى الإسلامى من حليف للسادات إلى معارض له باعتبار أن قضية فلسطين هى القضية التى كانت وما زالت تتاجر بها كل تيارات الإسلام السياسي، كما أن تبنى السادات للتيار الإسلامى وسكوته على ممارساته ضد الأقباط، كانت قد خلقت حاجزًا بين السادات وبين الأقباط بقيادة البابا شنودة، ذلك الحاجز الذى كرس خلافًا جذريًا بين السادات والبابا شنودة الثالث على المستوى الشخصي، وأن غلف بمبررات سياسية، وبهذا خسر السادات الشارع المصرى من مسلمين وأقباط.
أما على المستوى السياسى فكان حزب التجمع الوطنى هو الذى يقود المعارضة فى الشارع ضد السادات وسياساته خاصةً بعد توجيه السادات تهمة قيادة أحداث يناير١٩٧٧ للتجمع، وبعد زيارة إسرائيل كان حزب «مصر الاشتراكي» ممثل الوسط وحزب الأغلبية، قد رفض الزيارة وكامب ديفيد، فأصبح الحزب الوطنى الديمقراطى برئاسة السادات بديلًا لحزب مصر الاشتراكى كحزب الأغلبية، حيث هرول الجميع للحزب الجديد صاحب السلطة، وبالرغم من صناعة السادات لحزب العمل الاشتراكى الذى وافق على كامب ديفيد بتحفظ، ليأتى عام ١٩٨١ ليصبح عام الدراما السياسية المصرية الذى ما زالت آثاره حتى الآن، حيث إن المعارضة قد أصبحت صريحة ومكثفة ضد السادات ومن كل الاتجاهات السياسية، بالإضافة لأحداث الزاوية الحمراء الطائفية واستغلال أمريكا والخارج لهذه الأحداث، وهنا وجد السادات ظهره والحائط، فصعد من الطائفية وحمل البابا شنودة تهمة الأحداث الطائفية وإثارة الخارج مما جعل المعارضة السياسية بكل أشكالها بما فيها حزب العمل الاشتراكى ترفض سياسة وممارسات السادات، حتى كانت أحداث ٥ سبتمبر ١٩٨١ التى قام فيها السادات والنبوى إسماعيل وزير الداخلية باعتقال ١٥٣٦ مصريًا بين سياسى ورجال دين إسلامى ومسيحى وقيادات التيار الإسلامي، بل كان هناك شباب وأطفال لا علاقة لهم بأى شيء، وقد كنت ضمن المعتقلين فى سبتمبر ١٩٨١ وشاهد على ما حدث فيها، مما جعل المناخ السياسى والاجتماعى ملتهبًا بشكل يوحى بالخطر الحقيقى الذى يهدد سلامة الوطن.
وفى يوم السادس من أكتوبر عام ١٩٨١ أثناء الاحتفال بنصر أكتوبر، ونحن داخل المعتقل، تم اغتيال السادات لتبدأ مرحلة جديدة بين النخبة والسلطة وهو ما سنتناوله فى المقال المقبل بإذن الله.