الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

النمور الآسيوية والأسد القادم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يطلق مصطلح «النمور الآسيوية» على أربع دول آسيوية حققت تقدمًا اقتصاديًا خياليًا فى ظروف قاسية هى (تايوان وكوريا الجنوبية وهونج كونج وسنغافورة) انضمت لدولتين كانتا تتمتعان باقتصاد جيد بدأ منذ نهاية الحرب العالمية الثانية هما: (اليابان والصين). استطاعت هذه الدول أن تستغل فرصة اقتصاد العالم المريض على إثر الحرب العالمية الثانية والحرب الكورية على الأخص، وجدت ساحة اقتصادية ينزف فيها الجميع بلا استثناء، وينظر لسباقات التسلح رغبة فى الانقضاض على المطامع الاستعمارية المختلفة، بينما تمتعت منطقة المحيط الهادى التى تطل عليها النمور الأسيوية بسلام مؤقت تحكمه اتفاقيات تسليم ونزع سلاح بل ومنع تسلح (كما حدث مع اليابان). أسفرت الحرب العالمية الثانية عن تقدم كبير فى مجال الاتصالات والمواصلات والصناعات الثقيلة بدأ حربيًا ثم نشر عباءته على الاستخدامات المدنية، فدخلت دول آسيا فى زمرة مستغلى هذا التقدم، أنشأت تلك الدول مطارات وموانئ وطورت بنيتها الاتصالية وركضت فى مضمار تعليم سكانها بقوة، وحولت كل تلك المعطيات إلى مصانع مستغلة العمالة الرخيصة لعدد السكان الضخم الذى بدأ يضخ منتجات بإفراط. بدأت معها فى حركة تصدير عملاقة لكل شيء بأسعار تنافسية. قدمت تلك الدول تسهيلات استثمارية وإعفاءت ضريبية عالية من أجل جذب شركات كبيرة ومتوسطة لأراضيها.
استعادت البورصة العالمية صحتها التداولية مع سبعينيات القرن الماضي، ولم يكن من المنطقى أن تتجاهل الدول الآسيوية فرصة المشاركة فى التحكم فى الأسواق المالية باقتحام سوق الخدمات المالية، وبالفعل صارت هونج كونج وسنغافورة من المراكز المالية الأهم فى العالم. 
تشير قراءة الخارطة الاقتصادية الحالية، لا سيما فى منطقة أوروبا وأمريكا إلى مناخ يشبه، على نحو مصغر، الأزمة الاقتصادية فى الستينيات، لا سيما مع مظاهر المعاناة المنتشرة بعد أزمتين ماليتين طاحنتين هما: أزمة ١٩٩٧ م الآسيوية التى تأثر بها العالم، وأزمة ٢٠٠٨ م العالمية. إن الدول الآسيوية دول منظمة، أدركت مع الوقت أن أطماعها سياسيًا لم تسفر سوى عن معارك طويلة الأجل لا منتصر فيها. لذا انصرفت لمعارك اقتصادية لا تهدف فيها سوى لتحقيق تقدم دولي، وخابت توقعات الكثير من الخبراء فى ظهور قطب عالمى جديد تمثله الصين منذ أوائل تسعينيات القرن الماضي، وهى القوة الاقتصادية الثالثة فى العالم بالفعل. ويفسح ذلك المجال لتقدم دول كثيرة تملك قدرات سياسية أعلى حتى وإن كانت قدراتها الاقتصادية أقل. يعانى العالم اليوم من أزمات مالية وسياسية طاحنة يمكن أن تساعد دولًا كثيرة على التقدم طالما استطاعت استغلال الناتج الإيجابى خلف كل أزمة. أثبت التاريخ أن العالم فى أزماته يطور قدراته وإمكانياته من أجل التغلب عليها، وهذه الإمكانيات لا تذهب أدراج الرياح بل تظل متاحة للاستخدام السلمي. ألم نقتحم الفضاء بفضل صاروخ قام على فكرة اختراع قنبلة عظيمة؟! ونحن فى انتظار أسد جديد أو متعافٍ.