حتى يحفظ عم أبوالغيط «الكاتة» الأولى، آخذكم إلى مصطفى، لنُعطى فرصة لمن لم يتابع الحواديت أن يُلقى نظرة على خط سير أبوالغيط قبل أن نستكمل رحلته فى بلاد الغُربة.
كانت الدراجات قد بدأت تظهر فى الريف بعد العجل الكاوتش وأعواد الحطب، فى البداية كانت الدراجتان الأشهر لأستاذين فى المرحلة الإعدادية، والمُبخت منا من يُرسله أحدهما «مشوارا» بالدراجة، كنت واحدا من المحظوظين الذين يقع عليهم الاختيار، وأتذكر أننى كنت أسير بالدراجة كواحد من الأعيان فى القرية، وحينما أقف أخبط حمالة الجنب بقدمى فى تعالٍ وكبرياء، بعد فترة أعطانى عمى دراجته الحمراء وأخذ صديقى سعيد من والده دراجة برتقالى أطلق عليها اسم «عزيزة» ذلك الاسم الذى وضعه فى مواقف كثيرة محرجة منها أن مدرس الإنجليزى سأله ذات مرة عن سبب تأخيره وكان الدرس فى قرية مجاورة لنا فأجاب: «معلش يا أستاذ أصل عزيزة بعافية شوية»، غضب الأستاذ وظن أنه يسخر منه وطرده من الدرس، ثم شرحنا له الأمر، فضحك وقال له: «ما يصحش.. العجلة اسمها Bicycle»، وفى يوم من الأيام مررت على صديقى بدراجتى لنذهب معا للدرس فوجدته ينعى حظه لأن «جنزير العجلة انقطع»، اقترحت عليه أن يركب على «الشبكة» خلفى وندخل من الطريق الأقرب داخل الأراضى الزراعية. كنا قبل المغرب وكانت الشمس لم تغب والحمد لله وصلنا الدرس فى الميعاد، انتهينا من «حصة الدرس» بعد العٍشاء، وكما أتينا قررنا أن نعود من نفس الطريق، أخبرت صديقى أن هذا الطريق فى الليل يكون مليئا بـ«الكلاب» لكنه أصر، وبالفعل ولدى دخولنا الطريق سمعنا النباح فى كل مكان، وبرغم أن رجفته كانت تهز الدراجة إلا أنه كان يتظاهر بالشجاعة: «بقولك امشى والكلب اللى هييجى ناحيتنا تبقى أمه داعية عليه»، استوقفنى قليلا وملأ «حجر جلبابه طوب» وأصبح كلما هم كلب بالاقتراب منا قذفه بـ«طوبة» وصاح: «امشى يا بتاع الكلب» ثم يضحك بصوت عالٍ ويقول لي: «بدل بسرعة شوية»، ونحن على مشارف قريتنا جاء كلب فى دهاء ثعلب واقترب منا دون نباح ثم «هبر صديقى من مؤخرته» وجرى على حين غفلة، صديقى بات يصرخ وأنا لم أتمالك نفسى من الضحك وكلما ضحك صرخ أعلى حتى سمعه بعض الفلاحين فى الأراضى فجاءوا إلينا: «ورينا يا بنى الكلب عضك فين»، خجل صديقى منعه من أن يكشف للناس عن «مؤخرته» فقال كذبا: «ملحقش يعضنى بس أنا اتخضيت»، كان يبكى حتى وصلنا إلى بيته فأخبرت والده ووالدته بما حدث وتحت إصرارهما رأينا موضع «العضة» وكأن الكلب ترك فكه كاملا على «مؤخرة صديقي»، الذى صرخ حينما عرف أن العلاج «٢١ حقنة حول سُرّة البطن».
جيل المضادات الحيوية ومراهم الجيل والعلاج بالليزر لا يعرف شيئا عن تلك الإبر التى بتنا يوميا نذهب إليها أنا وصديقى فى المركز الطبى فى المدينة، كان كل صباح يكشف عن بطنه فتغرس له الممرضة الإبرة حول سُرته، كان المصابون من عقر الكلاب كثيرين ولا أعرف ما سبب العداء فى هذا الوقت بين الإنسان والكلاب؟ لكنى سمعت عم أبوالغيط ذات يوم يقول: «إن هناك رجل أعمال استورد هذا المصل وأراد أن يبيعه للحكومة فحرض الكلاب على عض المواطنين من مؤخراتهم».
فى الوقت الحالى، أنت تعمل بصورة جيدة من خلال الفريق، وأنت مستمتع بذلك أيضًا.