اعتبر وزير الخارجية رئيس "التيار الوطني الحر" في لبنان جبران باسيل، أن الإصلاحات التي اعتمدتها الحكومة حتى الآن في مشروع الموازنة العامة الجديدة، تعد جيدة ولكنها غير كافية، مشيرا إلى أن الوضع الاقتصادي والمالي الاستثنائي الذي يمر به لبنان يتطلب إدخال المزيد من الإصلاحات الجذرية والتقشف وخفض الإنفاق العام.
جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده باسيل عقب اجتماع تكتل لبنان القوي (الكتلة النيابية الأكبر داخل مجلس النواب اللبناني وتضم التيار الوطني الحر وحزب الطاشناق والقيادي الدرزي طلال أرسلان).
وأكد باسيل أنه وفريقه السياسي بوصفهم أيضا الكتلة الوزارية الأكبر داخل الحكومة، يرفضون استمرار الأوضاع المتردية الراهنة، ويرغبون في إنجاز الموازنة على نحو سريع، ولكنهم في نفس الوقت يرفضون أيضا في المقابل اعتماد المسكنات والمعالجات المؤقتة في التعامل مع الوضعين المالي والاقتصادي، ويتطلعون إلى أن يتحقق الإصلاح الشامل الجذري.
وقال: "نحن في وضع اقتصادي ومالي استثنائي، وهو ما يتطلب موازنة تقشف وإصلاح تعالج العجز المالي وكذلك التجاري، ومعالجة أزمة النزوح السوري لأنها السبب الرئيسي في ارتفاع معدلات البطالة بين اللبنانيين".
وأضاف: "نريد استعادة ثقة الناس في الدولة، وأن يعود الاستثمار الخارجي، خاصة وأن هناك إصلاحا حقيقيا يجري حاليا في لبنان، وعودة الثقة في الأسواق وعجلة الاقتصاد بما تستعيد معه البلاد الارتفاع في التصنيف الائتماني، وأن تنخفض معدلات الفوائد وتكون هناك حركة نشطة في الأسواق".
وأشار إلى أن الخلاف داخل مجلس الوزراء خلال مناقشات مشروع الموازنة مرجعه وجود رأيان، الأول أن الإجراءات التي أُقرت كافية، والثاني أنها غير كافية وأنه لا تزال هناك إمكانية لمزيد من خفض العجز وترشيد الإنفاق والتقشف، لافتا إلى أنه من الفريق السياسي المؤيد للرأي الثاني.
وشدد على أنه لا يجب تصوير الأمر في غير محله أو وضعه في سياق آخر على أنه خلاف سياسي كبير بين القوى الممثلة داخل الحكومة، مؤكدا أن الخلاف ليس مع شخص بعينه "وإنما مع أكثر من فريق سياسي داخل الحكومة يرى تأجيل بعض القضايا الإصلاحية إلى وقت لاحق بداعي الدراسة". على حد قوله.
ولفت إلى أن الاجتماع الأول لمجلس الوزراء لمناقشة خطة خريطة الطريق لمشروع الموازنة، كان قد تم خلاله الاتفاق على النزول بمستوى العجز من 5ر11% إلى 7%، وأن ما أسفرت عنه جلسات مجلس الوزراء لمناقشة الموازنة على مدى 3 أسابيع، أن بلغ مستوى النزول بالعجز إلى 5ر7%، وهو ما يقتضي اعتماد المزيد من التقشف العام.
واعتبر أن تحقيق المزيد من خفض العجز بالموازنة يتطلب "قرارا سياسيا له تكلفته التي يجب أن تتوزع على جميع القوى السياسية" وذلك عبر تنازل الجميع عن المزيد من الامتيازات، وإيقاف المزيد من جوانب إهدار المال العام، ووقف التوظيف العشوائي داخل الدولة.
يشار إلى أن الحكومة ستعقد غدا جلستها المرجح أن تكون الأخيرة في سبيل إقرار مشروع الموازنة لعام 2019 . وسبق وأن عقدت 18 جلسة على مدى أكثر من 3 أسابيع.
وتسود لبنان حالة من الترقب لإنجاز الحكومة موازنة عام 2019 خاصة وأنها تتضمن إجراءات تقشفية غير مسبوقة لخفض الإنفاق والعجز العام، في ضوء حالة التدهور المالي والاقتصادي الشديد الذي تتعرض له البلاد، كما تشمل ضمن بنودها مقترحات بخفض رواتب كبار المسئولين وقيادات الدولة وبعض المخصصات المالية للموظفين والعاملين بالقطاع العام، وترشيد النفقات وإلغاء العديد من الإعفاءات والاستثناءات المالية وفرض ضرائب ورسوم وإيقاف التوظيف العام.
ويمر لبنان بأزمة مالية واقتصادية حادة، حيث تبلغ نسبة العجز في الموازنة 5ر11 % كما تعاني البلاد من تباطؤ في معدلات النمو الذي لم يتجاوز 1 %، إلى جانب الدين العام الذي يبلغ نحو 90 مليار دولار، وبلوغ نسبة الدين العام اللبناني إلى الناتج المحلي الإجمالي نحو 150 %، فضلا عن تضخم عام يبلغ نحو 7 %، ونسبة بطالة بنحو 35 %، علاوة على تراجع كبير في كفاءة وقدرات البنى التحتية للبلاد والأداء الاقتصادي العام.