من النادر أن تجد صادقًا فى زماننا، فالكل يمارس الكذب ليل نهار ويقرنون عادة الكذب باليمين، فيقسمون بالله أنهم من الصادقين، ويبررون لأنفسهم هذا السلوك المشين بمبررات واهية ليست من الإسلام فى شىء، وهم يتغاضون عن قول الله تعالى فى سورة التوبة {يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين}، وكذلك يتجاهلون وعد الله سبحانه وتعالى للصادقين والصادقات، وقد جاء فى سورة المائدة: {هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم}، وهذه الآية تؤكد منزلة الصدق الذى هو فى اللغة مضاد الكذب، وقد جـاء فى صحيـح مسلـم قـول النبى صلى الله عليه وسلم: «عليكم بالصدق؛ فإن الصدق يهدى إلى البر، وإن البر يهدى إلى الجنة، وما زال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقًا، وإياكم والكذب؛ فإن الكذب يهدى إلى الفجور، وإن الفجور يهدى إلى النار، وما زال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا». وهاهم غالبية أمتك يا رسول الله فى عصرنا هذا لا يقولون إلا كذبا، وتشهد على ذلك مواقع التواصل الاجتماعى، فالناس من أجل تحقيق أغراضهم ومصالحهم يكذبون ويصدقون كذبهم وقد تناسوا جميعًا أن النبى صلى الله عليه وسلم كان صادقًا ولم يكذب قط، ولذا فقد سمى بالصادق الأمين وهو من قال «اضمنوا لى ستًا من أنفسكم أضمن لكم الجنة: اصدقوا إذا حدثتم، وأوفوا إذا وعدتم، وأدوا إذا ائتمنتم، واحفظوا فروجكم، وغضوا أبصاركم، وكفوا أيديكم»، والصدق يؤدى إلى راحة الضمير، وقد روى عن النبى أنه قال: «الصدق طمأنينة»، والكذب يؤدى إلى محق البركة وقلة الخير، قال «البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما فى بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما»، فتعالى يا رسول اشهد ما يحدث الآن فى الأسواق ومن التجار، وتعالى ذكرهم بقول الله تعالى {ألا لعنة الله على الكاذبين}، وقولك: «كبرت خيانة أن تحدث أخاك حديثًا هو لك به مصدق، وأنت له به كاذب»، أما هؤلاء الذين يحلفون بالله كذبًا، فقد قال الله تعالى عنهم: {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلًا}– أى شيئًا يسيرًا من أمور الدنيا- {أولئك لا خلاق لهم فى الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم}، وقال النبى صلى الله عليه وسلم: «الكبائر: الإشراك بالله وعقوق الوالدين وقتل النفس واليمين الغموس»، والغموس هى التى يتعمد الكذب فيها، وسميت غموسًا لأنها تغمس صاحبها فى نار جهنم.. ولكن للأسف الشديد فإن قسوة الحياة أنستنا ما يجب أن يتحلى به المسلم من أخلاق... وللحديث بقية.
آراء حرة
واحة الخميس.. أخلاقيات المسلم (3)
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق