أعود معكم إلى عم أبوالغيط فقد أفادت التقارير الطبية أنه فى كامل قواه العقلية، وأنه قتل حمارته عامدًا متعمدًا وارتكب جريمته مع سبق الإصرار والترصد، واعترف بجريمته فى محضر الشرطة وأمام وكيل النيابة، ليس هذا فحسب بل إنه قال لوكيل النيابة حينما كرر عليه السؤال: «دى بندقيتك اللى قتلت بيها الحمارة؟»، أجاب: «أما أنت غلباوى أوى يا جدع.. ما قلت لك ١٠٠ مرة أيوا.. إيه لازمته تعيد وتزيد فى الحديت»، قضى أبوالغيط أيامًا فى محبسه يتوعد زوجته قبل أن يتم عرضه على المحكمة، رفض أبوالغيط كل عروض أهله بتقديم محام للترافع عنه وأصر على أن يترافع عن نفسه بنفسه، وقفت سيارة الترحيلات ونزل منها أبوالغيط يضحك كعادته، كانت قد تصادفت جلسته مع جلسة إحدى الفنانات الشهيرات، فظن أن كل الكاميرات التى احتشدت كانت لاستقباله، فأخذ يشير إلى هذا وذاك ويقول: «فين الولية مراتى تشوف أبوالغيط بقى مشهور إزاى وبيطلع فى التليفزيون، وقف فى القفص وبجواره الفنانة التى كانت قد اتهمت بتعذيب خادمتها.. وميض الكاميرات لم يكف وهو يصيح خلاص يا أستاذة مكنتش حمارة دى اللى عاملين عليها الهيصة دى كلتها.. أمال لو كنت قتلت مراتى كنتوا هتعملوا إيه؟!» ثم مال على الفنانة وهمس لها: «محسوبك أبوالغيط خط الصعيد ما تتخضيش من اللى بيحصل هتشوفى دلوقتى أبوالغيط وهو بيترافع عن نفسه»، نظرت إليه بازدراء، فقال لها: عليا الطلاق أنا متجوز فردة بلغة قديمة لها حق تقولى يا حمار.. حلاوة بالسمسم يا ولاه.. يا سعدك يا أبوالغيط.. ده أنا لو أعرف إن موت الحمارة هيدخلنى القفص معاكي. كنت قتلت أهل البلد كلتهم بالعمدة كمان»، ضحكت متعجبة من حديثه فخلع الطاقية عن رأسه وألقاها على الأرض.. ثم عم الصمت «محكمة»، كان أبوالغيط قد نوى أن يبكى أمام القاضى ويخبره أنه رجل فلاح بسيط لا يعرف شيئًا عن الحمارة والبندقية كما لقنه صديقه عويس.. لكن الوضع بات مختلفًا الآن فى ذهنه فتردد ظنًا منه أن الفنانة التى معه فى القفص انجذبت إليه، فصاح وقال يا سيادة القاضي: «أنا أبوالغيط معروف حدانا بعزى وقوتك ومستعد أدفع من جنيه لألف دية الحمارة بس اسألوها ليه قتلتها.. كان فى كل كلمة ينظر للفنانة ويغمز والضحك يملأ القاعة والقاضى يسأله يا جدع إنت بتقول إيه؟ حمارة إيه ودية إيه؟ فين المحامى بتاعك يا جدع إنت؟ تؤجل القضية.. قاطع أبوالغيط القاضى قائلا: «ماشى أنا وعرفت موالي.. الست اللى كيه اللندة دى عملت ليكم إيه علشان تشحططوها إكده.. لو عليها حاجة أبوالغيط سداد من جنيه لميه بس الرز باللبن ده يا بوى حرام تقف وسط الدبان ده»..لم يتمكن القاضى من السيطرة على الضحكات التى ملأت قاعة المحكمة وخرجت من النوافذ فرفع الجلسة.
