الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

والد المناعة - قاهر الجدري

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى أخطر مغامرة علمية في التاريخ من مايو عام 1796 ضحَى العالم إدوارد جينر بابنه الوحيد لتجربة تطعيم الجدري، في ذلك الوقت كان مرض الجدرى وباء مفترس حصَدَ حياة 60 مليون شخص، وفشل جميع العلماء فى اختراع علاج لهذا المرض القاتل.. ولكن العالم إدوارد جينر لاحظ شيئا غريبًا هو أن مربيات الأبقار وبائعات اللبن، لا يصابون بالجدرى.. ففكر إدوارد فى ذلك وقال: ربما لأن إصابتهم بجدرى الأبقار، وهو أقل خطورة تحميهم من جدرى البشر!!؟ وكان لابد من أن يحقن متطوع من البشر بجدرى البقر ثم يحقن بجدرى البشر لكى يتأكد إدوارد جينر من ذلك.. وقرر جينر أن يكون هذا المتطوع هو ابنه الوحيد وأن من المحتمل أن يموت هذا الابن.. ولكن جينر لم يفكر كثيرا لقد قرر أن يجرى تلك التجربة خاصة وهو يرى الملايين من حوله يموتون بسبب ذلك المرض القاتل.. أجرى جينر التجربة ونجحت وعاش الابن وكسب العالم أعظم إنجاز طبى فى التاريخ وهو فكرة التطعيم التى أنقذت مئات الملايين من البشر. ومن موقع «شخصيات عالمية » نتعرف على العالم إدوارد جينر الذى أكسبته مساهمته فى مجال الطب لقب «والد المناعة ». إدوارد جينر هو الطبيب البريطانى الذى لا يزال يتم تذكره فى جميع أنحاء العالم لإيجاده لقاح وباء الجدرى اللعين. ساعد اكتشاف جينر الرائد فى إنقاذ حياة الآلاف من الأشخاص. على الرغم من أن العديد من الممارسين الطبيين الآخرين استنتجوا أن الأشخاص المصابين بمرض جدرى البقر (الوقس) كانوا محصنين ضد مرض الجدرى، إلا أن جينر هو الذى أثبت ذلك من خلال تجربته المحفوفة بالمخاطر. ولد إدوارد جينر لرجل دين يدعى القس ستيفن جينر فى 17 مايو 1749، فى بيركلى، إنجلترا.
من بين الأطفال التسعة الذين ولدوا لوالديه، كان الثامن. تابع تعليمه الابتدائى فى أماكن مثل سيرنسيستر ووتون أندر إيدج. بدأ جينر بالتدرب كممارس طبى، تحت إشراف جراح يدعى دانييل لودلو، عندما كان بالكاد في الرابعة عشرة من عمره. بعد العمل مع لودلو لمدة سبع سنوات، حيث
اكتسب معظم الخبرة اللازمة لكى يصبح جراحًا ماهرًا.
فى عام 1770، تتلمذ جينير على يد الجراح جون هانتر وآخرين بمستشفى سانت جورج فى لندن وتعلم الجراحة والتشريح، حتى إنه تابع دراسته فى علم التشريح فى نفس الوقت.
ونصحه هانتر، بنصيحة ويليام ونصحه هانتر، بنصيحة ويليام هارفى -الشهيرة فى الدوائر الطبية والمميزة لعصر التنوير: «لا تفكر؛ بل جرب ». ظل هانتر على تواصل مع جينير في مجال
التاريخ الطبيعى ورشحه للالتحاق بالجمعية الملكية. وبعد عودته إلى مسقط رأسه الريفى عام 1773، أصبح جينر طبيبا عائليا وجراحًا ناجحًا، ممارسًا الطب في بيركلى.
كون جينر وآخرون الجمعية الطبية بجلوستر، وكانوا يلتقون لتناول الطعام معا ولقراءة المقالات الطبية. كتب جينر مقالات عن الذبحة الصدرية والرمد وأمراض صمامات القلب وجدرى البقر. تابع جينر دراساته العليا فى الطب من خلال تسجيل نفسه فى «جامعة سانت أندروز » المشهورة، والتى تقع في أسكتلندا. تخرج منها فى عام 1792. تحول جينر إلى طبيب شهير عالميًا من خلال اختراعه للقاح ضد الجدرى. كانت هديته العظيمة للعالم هى لقاح الجدرى. كان هذا المرض مرعبًا جدًا في
ذاك الوقت لأنه كان يقتل واحدا من بين كل ثلاثة أشخاص يصابون به ويشوه بشدة الذين يحالفهم الحظ فى النجاة من الموت.
لطالما كان جينر مولعًا بحكايات ربات البيوت القديمة عن الفتيات اللاتى يحلبن الأقبار واللاتى لم يكن يصبن قط بالجدرى. واعتقد أن هناك علاقة بين حقيقة أن الفتيات كن يصبن بنوع أضعف من
الجدرى - وهو جدرى البقر، المرض الذى لا يهدد الحياة- ولكنهن لا يصبن بالجدرى نفسه. كانت الفتيات اللاتى تصاب بجدرى البقر تظهر على أيديهن بثور؛ واستنتج جينر أن الصديد فى تلك البثور، بطريقة ما، كان يحميهن.
قرر جينر تجربة نظرية طورها وأراد اختبارها، وكان الطفل الصغير جيمس فيبس هو فأر تجاربه. أخذ بعضًا من الصديد المستخرج من بثور يد إحدى الفتيات اللاتي يحلبن الأبقار، وكانت تدعى سارة. كانت بدورها قد حلبت بقرة تدعى بلوسوم برعم وبالتالى أصيبت بالبثور. حقن جينر بعض الصديد في جسم جيمس.
وأعاد هذه العملية على مدى بضعة أيام مكثرًا من كمية الصديد المحقونة بجسم الفتى تدريجيًا. ثم حقن فيبس بالجدرى. أصيب جيمس بالإعياء لكنه بعد بضعة أيام شفى تماما دون أى أعراض
جانبية. وبدا واضحًا أن جينر قام باكتشاف مذهل. كان اكتشاف جينر ناجحًا لدرجة أن الحكومة في عام 1840 قامت بحظر أى علاج ضد الجدرى إلا لقاح جينر. تم تعيين إدوارد رئيسًا لجمعية «جينريان » فى عام 1803، في لندن. كان الهدف من هذه الجمعية هو زيادة الوعى حول التطعيم الذى كان لديه القدرة على القضاء على مرض الجدرى.. في عام 1805، أصبح هذا الطبيب جزءًا لا يتجزأ من اتحاد آخر يُعرف باسم «المجتمع الطبى والتشريحى »، والذى أعيدت تسميته لاحقًا باسم «الجمعية الملكية
للطب ». تم تعيين هذا الطبيب المشهور كطبيب شخصى للحاكم، الملك جورج الرابع، في عام 1821. وقد حصل عدد قليل جدًا من الأطباء من إنجلترا على شرف خدمة الملك. أعلنت منظمة الرعاية الصحية «منظمة الصحة العالمية »، علنًا فى عام 1979، أنه تم القضاء نهائيا على الجدرى فى العالم. ووفقًا لاستطلاع للرأى أجرته «بى بى سى » في عام 2002، تم اختيار جينر كواحد من «أفضل 100 بريطانى» عاشوا فى المملكة المتحدة.. لم يقم جينر بتسجيل براءة اختراع لاكتشافه كي لا يرفع من سعره ويجعل منه صعب المنال على الكثيرين، فكان هدية منه إلى العالم. وبعد أكثر من قرنين من الزمان على رحيل هذا العالم العظيم، ما زال من يطلق عليهم علماء ورجال الدين تبعنا مشغولين بفتاوى من عينة «هل تبطل الشطافة الصيام أم لا؟»