الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

قمة المحتوى.. وقمة العبث

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
رئيس وزراء كندا يغادر فرنسا بعد مشاركته فى قمة (مكافحة المحتوى العنيف).. هذا كان الخبر، ولولا اسم القمة لمر دون أن نتوقف أمام تفاصيله، خاصة أن كثيرًا من الصحف لم تحتف به، وبعضها لم تعطه بالًا، وفى التفاصيل استوقفتنا رغبة العديد من الحكومات ومعها المسئولين عن منصات التواصل الاجتماعى فى مكافحة العنف والإرهاب والتطرف على شبكة الإنترنت، وتحققت الرغبة من خلال قمة (التكنولوجيا من أجل الخير) التى نظمتها فرنسا العام الماضي، وفي القمة الثانية هذا العام والتى اختتمت فعالياتها الأسبوع الماضى أطلق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع رئيسة وزراء نيوزيلاندا (نداء كرايستشيرش) وهو المسجد النيوزيلندي الذى شهد مذبحة المصلين المسلمين قبل شهرين، وانضم للنداء العديد من رؤساء الحكومات والمسئولين عن منصات التواصل الاجتماعي، الذين حضروا القمة.
كان من بين مخرجات القمة اتخاذ إجراءات صارمة لمواجهة العنف والكراهية عبر منصات التواصل الاجتماعي، والاستفادة من التكنولوجيا فى التعليم وتعزيز موقع المرأة فى المناصب القيادية، والحفاظ على البيئة، وحماية خصوصية الأفراد، ومواجهة خطابات الكراهية والتضليل، وقد انعكست المخرجات على ردود فعل رؤساء الحكومات ومنهم الكندي، الذى شاهدته بعد المؤتمر يشارك مسلمو كندا فى تجهيز صناديق المواد الغذائية لتوزيعها فى شهر رمضان، وحوله تجمع العشرات ليستمعوا إلى كلماته التي لم تبتعد عن مخرجات قمة (مكافحة المحتوى العنيف) فى شبكات التواصل الاجتماعي.
فى الداخل المصري.. وبينما دول أوروبا مشغولة بقمتها لضبط محتوى الإنترنت من خلال آليات يتم بحثها حاليًا.. نرى محتوى ينتهك كل الخصوصيات، ليس من خلال منصات التواصل الاجتماعي التى لم تضبطها قوانين رادعة حتى الآن.. ولكن من خلال الشاشات التليفزيونية التى فاقت المنصات، بل إن الأخيرة نشطت بالمواد المحرمة التي تناولتها الشاشة سواء فى البرامج أو الدراما، فهذه ممثلة تتحدث عن علاقتها الحميمة مع طليقها فى محاولة للنيل منه، وتسرد لمذيعة البرنامج تفاصيل نعف عن ذكرها، ونخجل من سماع أبنائنا لها، ثم يأتى طليقها ليرد بعبارات تنتهك ليس فقط خصوصية علاقتهما.. لكن يصل الانتهاك إلى حرمة المجتمع، وبما قاله الاثنان تنبرى منصات التواصل الاجتماعي في توجيه الاتهامات للزوجة وطليقها وللمذيعة وللقناة وللمسئولين عن ضبط المحتوى التليفزيوني، والعملية هنا معكوسة، ففى الوقت الذى يسعى فيه العالم لاستثمار التكنولوجيا فى الخير ومساعدة المرأة وصون كرامتها والحفاظ على خصوصيتها.. نعجز نحن عن ضبط محتوى الشاشة، ربما كانت الواقعة بما تضمنته من انتهاكات واتهامات مقبولة فى مجتمعات أخرى، لكنها محرمة فى مجتمعاتنا.
برامج أخرى شهدت تطاولات لفظية واتهامات وسباب طال الدين نفسه، أما الدراما فحدث ولا حرج، مشاهد الخيانة والبلطجة والحرق وتقديم نماذج تسهم فى انتشار الأمراض وتزيد من أعباء صناع القرار، كل هذا نعيشه يوميًا من خلال الشاشة دون أن يتحرك مسئول، فإذا كنا عاجزين عن ضبط المحتوى التليفزيونى المحكوم بلوائح وقوانين.. فكيف نتحكم فى ضبط منصات التواصل الاجتماعى التى شهدت فى الفترة الأخيرة انتهاكات لحرمات بالصوت والصورة، ففى الوقت الذى يسعى فيه العالم لتطويع منصات التواصل لتخدم المرأة وتؤهلها للقيادة.. نستخدم نحن نفس المنصات للنيل من المرأة بتقديمها عارية لنشرد أسر ونخرب بيوت.
اضبطوا المحتوى البرامجى والدرامى فربما يؤهلنا ذلك للحاق بالعالم الذي يسعى لضبط محتوى منصات التواصل الاجتماعي.