الأحد 24 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة لايت

عم سعيد: خدعونا بأن الراتب ستر.. ونصيحتي: لا تكن موظفًا

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يا الله.. درجة الحرارة مرتفعة جدا.. البيوت لا تطاق والشمس فى الشوارع حارقة، البعض يشكو من أن «المروحة والتكييف» لا يفعلان شيئا فى هذا الحر، رواد مواقع التواصل الاجتماعى مشغولون بالكوميكسات وببوستات السخرية من الصيف.. لا يملك فائضا يكفيه عن النزول ولو ليوم واحد لعمله، كالطير تغدو خماصا وتعود بطانا، لو مرض يومين سيستدين حتى تأكل زوجته وأولاده، حرارة الشمس وارتفاع درجات الحرارة أهون عنده من سؤال الناس، يحيا على أمل أن الله سيفرجها عليه غدا وسيغنيه من فضله، كل أحلامه مؤجلة على أمل أن تضحك الحياة يوما فى وجهه، يشرد يفكر فيما ترك
خلفه من خطوات، لم تكن هناك فرص أمامهليضيعها.. كان دائما مكبلا بهموم لا يستطيع معها التحليق بعيدا عن ماكينة «الغزل والنسيج،» ورث المهنة من والده وحل محله فى المصنع الكائن بشبرا. فى رواج السوق كان يستطيع أن يدس بعض جنيهات تأمينا للزمن لكن مع الأيام والغلاء ومصاريف العيال أكل الزمن ما ادرخره كما تأكل النار الحطب، فبات كالمربوط فى طاحونة لا يستطيع أن يرفع رأسه ليُفكر أو يضعها على «مخدة » ليستريح، ما يجعله يرضى أن هذا هو حال جميع العمال من حوله، إلا من استطاع أن يفلت منهم من الوردية وينشئ تجارة خاصة به كٌبرت مع الأيام، أما هو وغيره لم يفهموا القاعدة التى تقول إن العامل لا يرُقى، ينتظر العلاوة التى باتت لا تأت منذ سنوات، كما أنه لم يعد هناك حافز ولا نسبة أرباح، ظروف البلد الصعبة حطت على رءوس الجميع. عم سعيد وإن كان هذا اسمه وليس حاله إلا أنه يحاول حتى وإن تصنع ذلك أمام بناته وزوجته، فما ذنبهن فى ضيق الحال، وما ذنب
زوجته إن كانت تزوجت من رجل فقير وما ذنب بناته إذا كانت يد أبيهم مغلولة، وما ذنبه هو إذا لم يجد فى الحياة له سبيلا! كان بإمكانه حسابها منذ البدء فخط سير العامل فى الحياة ثابت، أو إن صح القول هنا راتب يغُنى من جوع ثم معاش ما عاد يستر، لكن عم سعيد من جيل جُبل على ذلك، إذ إنهم علموه أن الوظيفة أهم من كل شىء، وأن راتبا ثابتا ولا بضع جنيهات أفضل من «التنطيط »، من خرج عن مسار عم سعيد، من جازف وحاول وتاجر وتنقل وسعى فى مناكبها نجح فى تأمين مستقبله، ومن استكان واستسلم «للختم والكارتة والفيزا» بات ينتظر الدعم، ويخشى الخصم والإحالة إلى المعاش، أجيال كثيرة مثل عم سعيد ظنوا أن رزقهم مُأمن ببعض الكيانات، وكأنهم لم يعوا قول وعهد الله الذى قطعه على نفسه: "وفى السماء رزقكم"، عم سعيد يختتم حكايته لـ«على باب الله» قائلا: «لو عاد بيا الزمان عمرى ما هكون موظف».