عقب دحر تنظيم «داعش» الإرهابى فى كل من سوريا والعراق ومع مجئ شهر رمضان بدأ سكان المدن المحررة يستعيدون روح الشهر الكريم التى شوهها التنظيم طيلة وجوده فى بلادهم، معلنين انتهاء عهد التضييق، وأساليب منع العادات التراثية التى حل محلها القتل والدمار، خلال السنوات الماضية.
سكان الموصل العراقية تمكنوا أخيرًا من قرع الطبول وضرب الدفوف أمام المنازل، لإيقاظ الناس لتناول وجبة السحور، بعد أن كانت تلك الطقوس محرمة عليهم خلال سيطرة التنظيم الإرهابى على المدينة.
وبدأ السكان احتفالاتهم بشهر رمضان، حتى قبل حلوله بأيام، إذ تراص الباعة فى إحدى الأسواق الشعبية لعرض بضائعهم من تمور وحلويات، إضافةً إلى العصائر والفاكهة، بعد زيادة الطلب عليها فى الفترة الأخيرة.
تنظيم موائد الإفطار للفقراء والمساكين، هى مشاهد أخرى للشهر الفضيل عادت إلى الموصل، بعد أن اختفت على خلفية تدهور الوضع الأمنى والقصف العشوائى للأحياء والأزقة؛ إذ تراصت الطاولات ووقف النساء يطهون الطعام، ويرسلنه إلى الموائد.
قبل استعادة القوات الأمنية للمدينة من قبضة «داعش» الذى اجتاح العراق فى العام ٢٠١٤ وسيطر على ما يقارب ثلث مساحته، كانت التقاليد الرمضانية «بدعة» فى شريعة عناصر الدواعش، إضافةً إلى اختفاء مهنة «المسحراتي» التى هى جزء أصيل من تراث المدينة.
وضيق التنظيم الإرهابى سبل الحياة على سكان الموصل، وزاد من أساليب تشدده خلال شهر رمضان فى العامين ٢٠١٥ و٢٠١٦، قبيل بدء عمليات استعادة المدينة؛ إذ منع رفع الأذان للإشارة إلى الامتناع عن المأكل والمشرب قبل بزوغ الفجر، إلى جانب التضييق على أصحاب المحلات والمطاعم، وتوقفت الاحتفالات الدينية وجلسات المديح النبوى.
أيضًا منع التنظيم خروج النساء من المنازل وارتيادهن الأسواق إلا لحاجة ضرورية وبصحبة محرم، على أن ترتدى الحجاب والخمار وقفازى اليدين بشكل كامل، وعدم السماح للعائلات بالاختلاط، ومن تخالف تتعرض لعقوبات بالغة.
فى سوريا، انتشرت «الفوانيس» بأيدى الصغار، وعكف الصبية على كتابة عبارات الترحيب بالشهر الكريم على أوراق الزينة، وتعليقها فى الشوارع والأزقة، وعاد صوت مدفع الإفطار يدوى فى أرجاء المدن المحررة.
فيما يتجول «أبوطبلة» أو المسحراتى والحكواتى فى شوارع سوريا، دون خوف من عقوبات محتملة من أفراد التنظيم، بعد أن جُرّد الشهر من مظهر تقليدى أصيل، بسبب فرض «داعش» التقيّد بعقيدته الأصولية.
وحاول بعض العائلات الحفاظ على طقوسهم الرمضانية، من خلال الاجتماع فى أحد المنازل لتناول طعام الإفطار والبقاء حتى موعد السحور، بشرط أن يحدث ذلك بسرية مطلقة، خوفًا من معرفة عناصر «الحسبة» (الشرطة الدينية) وتطبيق العقوبات عليهم.
وعمل عناصر الحسبة على اعتقال المدنيين، بحجة قيامهم بالمجاهرة بالإفطار، وتراوحت عقوباتهم بين الجلد والإعدام، فمن يفطر قد يعرض نفسه للقتل أو الإذلال، ويتم التعامل معه على أنه من «القردة» ويتم حبسه فى قفص لمدة ١٥ يومًا، يقدم له خلالها فى وقت موعد الإفطار قطعة خبز صغيرة وقليل من التمر، والأمر نفسه خلال وجبة السحور.
إضافة إلى ما تقدم ألزمت المساجد بتنظيم محاضرات خلال صلاة التراويح، يلقيها من يختاره «شرعى» التنظيم، مع مطالبة الأهالى بالالتزام بحضور هذه المحاضرات.
كما أمر قادة التنظيم بإزالة اللافتات والإعلانات التى توضع لمحال التجميل النسائية فى مناطق سيطرته،