الأربعاء 29 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

المراجعات الفكرية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قبل عقدين من الزمان بدأت المراجعات الفكرية لعدد ليس بقليل من أعضاء الجماعات الإسلامية المتطرفة للرجوع عن طريق العنف والسلاح وأعلن عدد من قياداتهم نبذهم للعنف الذى انتهجوه طوال سنوات طويلة سابقة واستبشر الكثير وقتها خيرًا آملين طى صفحة مريرة من تاريخ الوطن إلا أنه بعد ٢٠١١ ثبت أن كثير من تلك المراجعات لم تكن حقيقية وإنما كانت مهادنة مقصودة للإفلات من قبضة الأمن وقتها وتخفيف الضغوط على أعضاء الجماعات الإسلامية المتطرفة المختلفة.
استرجعت تلك الأحداث وتفاصيلها حينما طالعت اعتذار أحد الدعاة الخليجيين عن دعمه جماعة الإخوان والتنظيمات الإرهابية الأخرى، هذا الاعتذار وإن أمكن قبوله باعتبار أن الله سبحانه وتعالى يقبل توبة عباده الخطائين، وأن البشر يجب أن يعتبروا ويتفكروا فى معنى الآية التى كثيرًا ما يرددونها «ولله المثل الأعلى وهو العزيز الحكيم» النحل ٦٠، لكننا ونحن نقبل توبة هذا الداعية عن دعمه الإرهاب والإرهابيين والترويج لأفكارهم يجب أن نتوقف طويلًا أمام مغزى هذا الاعتذار الآن وما يشير إليه وما يكشف عنه، كما يجب أن نتوقف مليا أمام ما لم يعتذر عنه الداعية وأشباهه من مشايخ التطرف الذين أداروا أكبر حقبة من التخلف والتجهيل فى عالمنا العربى والإسلامى خلال أكثر من نصف قرن.
اعتذار الداعية الخليجى فى ذاته بداية ومؤشر لانتهاء الكيانات المعروفة بجماعات الإسلام السياسى، تلك التكوينات البدائية شديدة التخلف التى تم تأسيسها ودعمها وتمويلها من خلال أجهزة استخبارات دولية بقصد نشر التخلف فى المجتمعات العربية الإسلامية وقطع تيار التحديث والمدنية الذى انطلق بالتوازى مع الحركات التحررية فى منتصف القرن الماضى، ونجح هذا التيار المتخلف فى التغلغل داخل المجتمعات العربية بعد نكسة ٦٧، حينما استطاعوا أن يدمروا المفهوم التنويرى الذى تراكم فى النصف الأول من القرن العشرين وتجريف العقول ووجدان المواطنين العرب ليحاربوا حربا مستحيلة باستعادة أمجاد الحضارة الإسلامية الأولى بأدوات بدائية لم تعد صالحة للحظة الراهنة ودون إدراك الهوة الكبيرة بينهم وبين المجتمعات المتقدمة. 
هل يدرك الداعية المعتذر وأشباهه أن المشروع التدميري بنشر التخلف والجهل والبدائية والعنف فى البلاد العربية الإسلامية، انكشف الآن ومن ورائه من أجهزة غربية وذيول إقليمية يمثلون الاستعمار الجديد الذى يسعى للسيطرة على الثروات العربية لأمد طويل بالقوة تارة أو بالمعرفة والتقنيات الحديثة والتكنولوجيا تارة أخرى.
علينا الضرب بأيد من حديد على كل الجماعات التى تحاول الوصاية على المجتمع بالتدين الزائف والتطرف والغلو المنكر، حتى لو كان من بينها أحزاب مشهرة وجمعيات أهلية تخضع لوزارة التضامن، والتأكيد على أن كل من يتحدى سلطة دولة القانون ويرفض الانصياع لها أو الالتزام بأصولها، فهو عدو للمجتمع وينبغى مساءلته.