الأحد 24 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

تغذية العقول أهم من تغذية البطون!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عادات المصريين فى تخزين الطعام تختلف عن عادات أى بلد آخر فى هذا الأمر، خاصة مع حلول شهر رمضان المعظم، أعاده الله علينا بالخير والبركات، وفى هذا الشهر يتزايد إنفاق المصريين على الطعام بشكل يتنافى مع عظمة هذا الشهر وبساطته وجماله وروحانياته التى تتطلب غذاء للعقول أكثر من غذاء للبطون. والمصريون لا يتوقفون عن شراء مستلزمات رمضان قبل قدوم الشهر ومع بداياته وفى وسطه ونهايته، وكأنهم يمارسون حروبا مع الجوع والعطش فى صورة تتنافى مع ثواب الأعمال الصالحة فى هذا الشهر الكريم، الذى أنزل فيه القرآن هدى للناس. بينما فى شهر رمضان فقط ينفق المصريون على الأغذية والأطعمة مبلغ ٥٥ مليار جنيه، وفقا لإحدى التقديرات الحديثة، كما أن الشكوى من ارتفاع الأسعار للسلع الغذائية لا تتوقف، ومع ذلك فالإقبال على الشراء والتخزين بدا واضحا كظاهرة اجتماعية شعبية متوارثة، وعدوى تنتقل إلى ثقافة الحكومات، والتى تعلن حالة الطوارئ بدورها وتسعى للتخزين والاستيراد، وتكثف حملات التفتيش والرقابة على الأسواق. وقد كشف تقرير عن أرقام الإنفاق السنوى بالجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء المصرى، بأن المصريين ينفقون سنويا ١٥ مليار جنيه على اللحوم، تليها الحبوب بـ ٩ مليارات، ثم الألبان بمقدار ٥.٧ مليار، فالخضر الطازجة والمجمدة بمبلغ ٥.٧ مليار جنيه، والفاكهة بمقدار ٤ مليارات جنيه، وسجلت الأسماك ٣٢٤١.٦٧٤ مليون جنيه، والسكر والمربى ٢٦٧٨.٢١٠ مليون جنيه.. وما خفى كان أعظم!
وتوجد دراسات أخرى متخصصة، تذكر أن الأسر المصرية تنفق حوالى ٤٥٪ من إجمالى إنفاقها السنوي، على الغذاء، منها فقط ما يقارب ١٥٪ فى شهر رمضان الذى تتحول فيه محال، ومتاجر السلع الغذائية إلى ساحات معارك كبرى لاقتناص أكبر قدر من الأغذية!
وهناك ثمة مشكلة أخرى فى غذاء البطون والمزاج أيضا تتمثل فى شرب المصريين للمعسل أو «الدخان» بنحو ١٤٠ مليار جنيه سنويا، على الرغم أن الضرائب المفروضة على هذه المنتجات تصل إلى ٢٠٠٪. ولكنها تزداد فى شهر رمضان على غير العادة!
وما يوجه إليه الدين الإسلامى فى هذا الشهر من الاقتصاد فى الطعام والشراب، حتى يقوم الجسد على الصلاة والعبادة وختم القرآن وممارسة شعائر الصلاة والفروض والتراويح والتهجد والفجر بصحة ونشاط، ولكن ما نراه فى الواقع المعيش من إسراف فى الإنفاق على الأطعمة يتناقض مع الحكمة الرئيسية فى شهر رمضان، وهى ضبط شهوات الإنسان وتربيته على الصبر وتعميق إحساسه بالفقراء فى هذا البلد، وما أكثرهم وهم أولى بهذا الطعام الذى يهدر ويلقى فى القمامة! ينبغى التوعية فى المساجد ومن خلال البرامج والدراما التليفزيونية لتقليل استهلاك الطعام لعدم إرهاق ميزانية الأسرة والدولة، وبخاصة أن مصر دولة مستوردة لمعظم منتجاتها الغذائية! فالحكمة تقول: إذا امتلأت المعدة نامت الفكرة وتوقف العقل وقعدت الأعضاء عن العبادة!