الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

سر نصر العاشر من رمضان و30 يونيو

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

"على اسم مصر التاريخ يقدر يقول ما يشاء، أنا مصر عندي أحب وأجمل الأشياء، باحبها وهي مالكه الأرض شرق وغرب، وباحبها وهي مرميه جريحه حرب، باحبها بعنف وبرقه وعلى استحياء واكرهها وألعن أبوها بعشق زي الداء واسيبها واطفش في درب وتبقى هي ف درب وتلتفت تلقيني جنبها في الكرب والنبض ينفض عروقي بألف نغمه وضرب – على اسم مصر" .

هذه الكلمات التي كتبها عمنا "صلاح جاهين" هي لسان حال ومشاعر وعقيده شخصيات تملأ الوطن منذ أن شق النيل المقدس طريقه ورسم ملامح أرضنا مصر، مصر الحبَّالة التي لم تتوقف يومًا عن ولادة شخصيات كالجواهر والأحجار الكريمة المختبئة داخل تربة الأرض وصخور الجبال، في كل شوارع وحواري وأزقة في أرضنا المقدسة، تجدهم حتى يومنا هذا وإلى أبد الدهر ستجدهم رغم قلة عددهم ليس كل ما يلمع ذهبا، هم زهدوا في المصالح والأموال والسلطة والشهرة، هم المناضلون بكافة الأشكال، فقد تجدهم جنودا أو جنرالات في المؤسسات العسكرية، تجدهم في بعض الكُتاب الذين لا يخشون المواجهة، أو ما سيقال عنهم، تجدهم في الأدباء والشعراء والفنانين وفي عمال المصانع والفلاحين وفي ذكريات بيوت السويس، تجدهم في المؤيدين والمعارضين لأنظمة الحكم المختلفة، فكل منهم ذائب في حب مصر، وكل بطريقته حسب فكره وأيدولوجيته، تجدهم في أرشيف السجون السياسية عبر كل العصور، هم من رفعوا علم مصر على أرض سيناء ومن ناضلوا ضد عدوان 56 من خلال لجان شعبيه تستخدم أضعف الأسلحة، ولكن روحهم هي كانت سلاحهم، وهم جيش عرابي وأبطال ثورة 1919، تجدهم في أسرار آخر 8 سنوات مرت على مصر، تجدهم في شباب متعصبين لأجل وطنهم وفي فتيات بالصليب أو بالحجاب، ستجدهم في كتاب التاريخ مناضلين فدائيين وأحياناً جنود مجهولة .

ولكن كن حذراً وحاول التمييز والتفرقة بينهم وبين مدعي الوطنية والمنافقين، ويجب أن تدرك أن ليس كل مؤيد منافق ولا كل معارض خاين.

تلك الجواهر هي الشخصيات "الفدائية" والشخص الفدائي هو من تجده وقت الأزمة ووقت الشدة هم كل شهيد نزفت دماءه، وصعدت روحه من أجل مصر، هؤلاء هم كل جندي وضابط وقائد على أرض سيناء الآن يحرب الإرهاب الأسود وأهل الشر .

وفي تلك الفترة التي تعيشها مصر يجب أن تكون كل بطانة الدولة من الفدائيين في كل المؤسسات والقطاعات وفي كل منافذ السلطات بأنواعها فنحن نعيش حرب من نوع آخر يستخدم فيها أسلحة من أفتك الأسلحة التي صنعت واكتشفت، أسلحة من نوع آخر ليست كالرصاص والبنادق، أسلحة تستهدف الضمير والانتماء والإخلاص والعقيدة والاقتصاد، أسلحة تستطيع الوصول بك للشك وعدم الثقة وتشويش الصورة والأخطر "الفتة".

وهنا علينا التعمق أكثر داخل تلك الشخصيات "عقولهم وعواطفهم ومواقفهم وأسلوب حياتهم" حتى نستطيع اكتشافهم وتفرقهم عن اَفات المجتمع

الشخص الفدائي هو متصوف في حب الوطن، تجده أحياناً كثيرة شديد التعصب والغيرة على الوطن ولاؤه دائماً حاد الجرأة فقد يقوده ذلك في كثير من الأحيان لعدم الدبلوماسية في الحديث والانفعال الشديد في بعض المواقف؛ لأن دائماً عواطفه هي من تتحكم به فتغلب على عقله، أما من استطاع منهم ان يحكم عقله والتحكم في عواطفه فيصبح ويتحول إلى قائد ولكنه يحتاج إلى فترات تأهيل لكي يستطيع التحكم في عواطفه .

الشخص الفدائي هو من لا قيمة لحياته وروحه في نظره فهو على استعداد للموت في أي لحظة وكأن ندهت عليه نداهة مختبئة في نهر النيل المقدس فأصابته بداء حب الوطن فأصبح كالعميان لا يرى سوى الوطن فتجدهم في المعارك في مقدمة الصفوف يتلقون الرصاص بدلاً من زملائهم، ويفدون الوطن ومن معه دون الحاجة للحظات تفكير فقد يفعلون ذلك بشكل لا إرادي، وكأن اختارهم الإله ليكونوا جنوده لحماية الوطن المقدس، تجدهم دائماً مفعمين بطاقة لا تنتهي صعب إحباطهم وأصابتهم باليأس إلا إذا عاشوا أصعب الضغوط التي لا يستطيع تحملها بشر وقتها يصابون بالإحباط ولكنهم يستطيعون التخلص منه سريعاً؛ لأنه متصوف في حب الوطن فلا يستطيع التحكم في نفسه وتغير هذا المسار الذي حدده الله له، لديهم حضور اجتماعي واضح، وقد تشعر بهم بأنهم مختلفين وأحياناً تشعر أنهم جاءوا من الماضي ومن صفحات التاريخ وأسرار التأريخ. 

ستجدهم في كل شخص لم يستفيد ولم يحصل على أي مقابل قد قدمه للوطن وقد يجد غيره في حال أفضل ولكنه لا يهمه ذلك فهو الفدائي نظرته لكل شيء تكون أسمى بكثير من النظرة الدنيوية، وأحياناً قد يظلم ولكن هذا لا يمنعه من العطاء لأنه لا يسعى لشيء، فهو يجد سعادته في العطاء حتى ولو كان لا يعلم بما يقوم به أحدا.  

هؤلاء هم سر العاشر من رمضان و30 يونيو وما بينهم وهؤلاء من يستطيعوا العبور بمصر من كل التحديات، فعلينا بحسن الاختيار والتمسك بكل فدائي؛ لأنهم العمود الفقري للوطن ومصر حبَّالة لن تنتهي يومًا من ولاده الفدائيين.. تحيا مصر.