منذ حوالى ست سنوات ظهرت فى وسائل الإعلام شخصيات سُئلت عن وظيفتها فأجابت: (Influencer) أى مؤثر على مدونة أو الـ Social Media. فمن هو المؤثر؟
إن المؤثر هو شخص لا ينتمى لطائفة المشاهير، لكنه مجرد مهتم بموضوع بعينه يوجه مدونته أو صفحته الخاصة بالتواصل الاجتماعى للحديث عنها وتقديم صور بشأنها يظل مستخدمًا عاديًا لهذه الوسائل التكنولوجية حتى يتجمع حوله جمهور كبير نسبيًا ينتظره، ويحاكيه فيصبح مؤثرًا. المشكلة فى هذا الشخص أنه قد لا يهدف للوصول لما يصل إليه، إذ إن المؤثر وظيفة مكتملة الأركان يطلب منها أنشطة بعينها وطريقة للتواصل وتتحول حياته الخاصة إلى تجربة عامة. إن المراجع لهؤلاء المؤثرين يجد أن أغلبهم يقعون فى فئة عمر الشباب بين ١٨ و٢٥ عامًا. لأنهم عادة يجدون وقتًا لتكييف حياتهم وتحويل تفاصيلها لكتابات وصور تخص موضوعًا بعينه. هم مخلصون لما يعملون له. لكنهم بمجرد التحول لأشخاص يؤثرون بجماهير يواجهون واقعًا آخر.
تخيل أن الوظيفة تأتى فجأة؟ أنت الآن مؤثر. يعلو رنين هاتفك كثيرًا. تتواصل معك وسائل الإعلام كى تكون ضيفًا بها لأكثر من مرة. هذه الوسائل يهمها أن تظل فى مكانك فهى ليست مستفيدة كثيرًا من تحولك لأحد إعلامييها لأنك حينها تفقد جزءًا من تأثيرك الناتج عن عدم انتمائك لها، فأنت مستقل عنها. مع الوقت تصبح أنت بذاتك مادة بين العاملين فى العلاقات العامة. يخططون لك. يعملون على ألا يزيد عدد متابعينك عن ٣٠ ألفا فى المتوسط –هى الحدود التى تحقق عائدًا يساوى ٦ أضعاف العائد المتحقق قبلًا وفق دراسات السوق- كما أن عدم تحولك لنجم بزيادة جماهيرك يحافظ على مصداقيتك النابعة من كونك تشبه جمهورك اللانجم. يسمى ذلك بـ (تسويق المؤثرين). تتمثل الصفقة فى أنك فقط ستنصح باستخدام سلعة معينة أيًا كانت لأنها تمثل بالنسبة لك أسلوب حياة.
أتريد الآن الانضمام إلى جيل المؤثرين؟ الأمر ليس مغريًا على هذا النحو. إذ إن التوسع بين الجماهير حين يكون عشوائيًا قد يزعجك كثيرًا، وستضطر مع الوقت للاستجابة لأحد أمرين: إما التقهقر لحياة خاصة لا يعرفها الكثيرون بشكل أكبر مما تفعله (وستعانى من وحدة كبيرة) وإما الاستجابة لصناع المؤثر لأنهم يعرفون أكثر. أما أنت كمستهلك فاستمتع بكل شيء لكن لا تحصر ذاتك فى أى شيء بعينه. تعامل مع المؤثرين بأنواعهم ولا تكن أسيرًا لفكرة. فهذا العالم ينتظر فكرتك أنت لا فكرة سواك مهما كنت مقتنعًا بأى فكر.
الإعلام اعترف ضمنًا بهذه الوظيفة الجديدة التى تدر دخلًا كبيرًا على ممارسيها. لكنه لا محالة سيضع ضوابط لها حين تتحول لأمر واقع فى كل شيء بفعل المستفيدين. جميعنا نعرف أنه لا وظيفة بلا ضوابط، وهى تسير بقوة نحو العمل الحر كوظيفة.