أكتب هذا المقال كباحثة ولست ككاتبة، كباحثة أنظر بحيادية من خارج دائرة المصالح، فوجدت حالة من الفوضى تجتاح قطاع السياحة في مصر وخاصة ملف الحج والعمرة، فأصبح الحديث في ملف الحج والعمرة معقدا وشائكا ويزداد سوءا مع الوقت , ويزداد صعوبة لتشابك المصالح لأطراف كثيرة متداخلة، حتى تجد نفسك كباحث أمام علة في قطاع السياحة من الصعب وضع ترياق لها أمام كل التغيرات السريعة التي تحدث وأمام مصالح المواطن الباحث عن رضاء الله والسلام الروحي ومصالح الكبار، الذين لا يهمهم سوى حساباتهم البنكية ومصالح شركات صغيرة لديها مصالح وترغب في تضاعف حجم عملها لمصلحة دولة شقيقة تسعى للتطور ومواكبة العصر، وهذا حقها ومن حقها علينا أن نقف بجانبها حتى تصل إلى مبتغاها والأهم من كل هذا هو مصلحة الاقتصاد القومي المصري.
فقبل البحث في هذه العلة علينا أن نتفق أن حل جميع مشاكلنا في تطبيق القانون بصرامة وأن سبب هذه العلة هو عدم تطبيق القانون منذ عقود طويلة، وعليك أن تفهم أولاً أن أهمية السياحة تتلخص في أنها من أهم مصادر الدولار والعملات الأجنبية لمصر، ومن أهم مصادر الدخل القومي وهذا ينطبق علي السياحة الوافدة inbound التي تجلب السائحين إلى مصر، أما السياحة الصادرة الـoutbound لا تعتبر من مصادر الدخل القومي، وإن لم يتم ضبطها من قبل الدولة وقد تضر بالاقتصاد القومي في أي بلد وليس مصر فقط، وهذا النوع من السياحة ينطبق علي ملف الحج والعمرة في مصر، لذلك تم ضبط عمل شركات السياحة من قبل الدولة من خلال قانون لا يسمح بأن يكون نشاط شركات السياحة في السياحة الصادرة يتعدى الـ20% من مجمل نشاط الشركة، ولكن للأسف هذا القانون لم يطبق منذ عقود طويلة، حتي وصل بنا الحال لما نحن عليه الآن من فوضى وتصارع مصالح، متناسيين جميعاً المصلحة الأهم وهي مصلحة الدولة والاقتصاد القومي.
وإن كنت من خارج القطاع فستعجب من الوضع الذي وصلنا إليه، فكيف يكون لدينا قانون يضبط العمل في الشركات بهدف عدم الإضرار بالاقتصاد القومي وفي المقابل لا تطبق القانون وتحاول أن تضع ضوابط لعمل الشركات تساعد الكبار في احتكار السوق وتعجز الشركات الصغيرة وتضر بالاقتصاد القومي وتضر أيضاً بالمواطن الراغب في أن يمارس الشعائر الدينية. ثم تأتي لمحاسبة المخالفين ولكن ليس جميع المخالفين وهنا تتعجب أيضاً لماذا لا تقوم غرفة الشركات بمحاسبة الجميع دون استثناء ولا تختار من المخالفين من ستضعه في كشف المحاسبة ومن لا تضعه . فأما أن نحاسب الجميع أو لا نحاسب أحدا .
فقد تم وضع حد أقصى لعدد التأشيرات لكل شركات السياحة، وهذا ضابط قد يبدو مفيداً ولكن للأسف أصحاب المصالح استغلوا هذه الضوابط لاحتكار السوق وعملوا بطرق ملتوية كثيرة وستتعجب أيضاً عندما تعرف أن بعد اعتماد وزارة الحج والعمرة في المملكة العربية السعودية للتأشيرة الإلكترونية أن هناك من اعترض عليها وذهبوا مسرعين إلي وكلائهم معترضين علي التأشيرة الإلكترونية، برغم أن البعض منهم لديهم مواقع حجز أونلاين. هؤلاء هم العلة وأصحاب المصالح الذين لا يهمهم سوى مصلحتهم وحسابهم البنكي وليس غريبا عليهم، فهم أول من تسارعوا للانضمام للإخوان المسلمين في فترة حكمهم وأول من سعوا للانضمام لـ حاشية حسن مالك وأول المدافعين عنهم طوال فترة حكمهم وأسسوا من الباطن شركات جديدة في فترة حكم الإخوان وبعد أن جاءت ثورة 30 يونيو أعلنوا أنهم لم يؤيدوا يوماً الجماعة، معلنين تمردهم على الجماعة، معتمدين على أن الشعب المصري سريع النسيان ولكن ذاكرة الوطن لاتنسى شيئاً.
نحتاج إلى تنفيذ القانون وتطبيقه وليس وضع ضوابط وعدم المحاولة أو مجرد التفكير في الوقوف أمام التطور في العالم وفي النهاية أقول، إما أن نحاسب الجميع أو لا نحاسب أحداً.