السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

نصوص التكفير المتوحشة «3»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الاستحلال
لو عدت للوراء قليلًا سترى أن هذه النظريات الإرهابية ليست بجديدة، فهى قد انبثقت ابتدءًا من أفكار أبى الأعلى المودودى، ومن بعده سيد قطب، التى تحدثت عن جاهلية القرن العشرين، وتكفير المجتمعات.
فى الثمانينيات من القرن الماضى، قامت الجماعة الإسلامية المصرية المسلحة، بسرقة محلات الذهب، عام ١٩٨٠ بنجع حمادي؛ حيث تم اقتحام محلى مشغولات ذهبية، لتجنى أول غنيمة لها، وهى ٤ آلاف جنيه مصرى، وخمسة كيلو ونصف الكيلو من الذهب؛ لتسهيل عملية قتل رجال الشرطة واغتيال الرئيس الراحل أنور السادات، وكانت هذه العملية مبنية على فتوى صادرة من محمد عبدالسلام عن جواز سرقة محلات الذهب الخاصة بالأقباط واستحلال أموالهم.
وفى التسعينيات قاموا بقتل الأقباط واستحلال أموالهم، كما هجموا على بنوك الدولة فى مدينة أبوتيج؛ ليستخدموا تلك الأموال فى تمويل عملياتهم الإرهابية القذرة.
وقام تنظيم شوقى الشيخ، الذى يطلق عليه (الشوقيون) بسرقة محلات الذهب فى الزيتون والمطرية، الأولى عام ١٩٨٩ عندما قامت مجموعة من الشوقيين بقيادة محمد فرغلى وأخيه جمال فرغلى، بالسرقة، والثانية عام ١٩٩١، وهى عملية المطرية، وثالث هذه العمليات سرقة محل ذهب بمنطقة المطرية لصاحبه «إسطفانوس متى» بعين شمس، وهى المجموعة التى أطلق عليها الأمن، مجموعة «الواثقون من النصر الإرهابية» التى تخصصت فى عمليات السطو المسلح على محلات المجوهرات التى يملكها الأقباط، وإتلاف ممتلكاتهم.
كما قامت مجموعة أطلقت على نفسها اسم «الحركيون» تتلخص أفكارها التنظيمية فى سرقة أموال غير المسلمين، وكان يتزعمها حسام البطوجى الذى قتل فى أحداث أكتوبر ١٩٩٠ على يد أحد أفراد مجموعة أحمد يوسف، بمحافظة بنى سويف.
وتشكّل تنظيم النذير، وهو أحد التنظيمات التى انشقت عن «تنظيم الجهاد» فى الدقهلية، ونفذت حادث السطو المسلح على بنك مصر، فرع المنصورة، فى سبتمبر ١٩٩١، ما أدى إلى مصرع مدير البنك وابن عمه وولده الصغير وصدرت أحكام بإعدام زعيم الجماعة حمودة السعدنى.
وفى عام ١٩٩٧ اقتحمت مجموعة إرهابية بنك العياط وسرقوا مبلغ ٧٥٠ ألف جنيه، وقتلوا فرد أمن، وهى الفترة التى شهدت الهجوم على بنك «أبوتيج»، وبنك قرية إتليدم بمحافظة المنيا.
التاريخ يعيد نفسه، إلا أن المكان هذه المرة هو سيناء، لكن الفقه والنظرية واحدة، وهى (الاستحلال)، فهؤلاء اللصوص يستندون إلى تكفير المجتمع من أجل إباحة سرقته، رغم أن الرسول فى السيرة نهى عن قتل الشيخ، أو قطع شجرة، أو إيذاء الرهبان، أو إيذاء المرأة، بل نهى عن إيذاء الطير، وقال (من فجع هذه بوليدها؟).
هم ابتداءً أعمالهم تسبق أفكارهم؛ لذا هم يقررون السرقة، ثم يبحثون عما يبيح لهم فعلها، ويعتبرون أن كل المجتمع مباح لهم، لأنه كافر مرتد، رغم أنهم لصوص معروفون، وأبعد ما يكونون عن دين الإسلام.
فى مسألة الاستحلال تختلف التنظيمات، فهناك من يخلط بين جماعة التكفير والقائلين بتكفير الحكام، فهو يخلط أيضًا بين المجموعات التكفيرية، والسلفية الجهادية، وجماعة الجهاد، وجماعة (القطبيون)، إذ إن هناك خطوطًا فاصلة بين المكونات الثلاثة لحالة المجموعات وتحديدًا فى مصر؛ لذا سترى أن جماعة عبدالمجيد الشاذلى، المسماة «أهل السنة والجماعة»، تكفر الحكام، وتقول بالعزلة الشعورية عن المجتمع، ويحدث اختلاف دائم فى تصنيفها، هل سيكون مع السلفية الجهادية أم التكفيريين؟
ومسألة العذر بالجهل التى بها فروق كثيرة، لها علاقة كبيرة بفقه الاستحلال، فبينما تعتبرها الجماعة الإسلامية فرعًا من فروع الدين، يعتبرها الجهاديون أصلًا، وتعتبرها جماعة «القطبيون» من أصول الدين، وبينما لا يعذر الجهاد الجيش والشرطة فقط، لا تعذر جماعات التكفير والقطبيين عوام الناس على المجمل.
كما أن مسألة دار الكفر ودار الإسلام التى روج لها كثيرًا الضابط السابق حلمى هاشم، لها علاقة مباشرة بالاستحلال؛ حيث قال: إن أحكام الدار تنزل على ساكنيها، فطالما هى دار كفر فإن ساكنيها كفار حتى يؤكدوا إسلامهم، وداعش تقول بذلك. 
كما قال: إن الديار اثنتان لا ثالث لهما، دار الكفر، ودار الإسلام، إلا أن الجماعة الإسلامية هى الوحيد التى رفضت ذلك، وقالت: إن هناك دارًا ثالثة هى الدار المختلطة، التى اختلطت فيها أحكام الكفر بالإسلام، مثل ماردين، أيام بن تيمية، وأن ساكنى هذه الدار مسلمون، وسنجد أن القطبيين تحكم بكفر الدول والدار.
إن فتشنا عن باقى السلفيين والإخوان فى تلك المسائل، فسنجد أن السلفيين لديهم تلك التقسيمات، حول أصول الدين وفروعه، إلا أنهم ضبطوا المسألة بعدم تكفير أى شخص سواء حاكمًا أو محكومًا إلا بثبوت شروط العقل والإسلام، وانتفاء موانع الجهل والإكراه، وذلك كله بعد إقامة الحجة البينة الدامغة، وأما الإخوان فهم مائعون كأغلب مسائلهم، فستجد الجماعة تحوى كل الأفكار، من أقصى اليمين لليسار، ولن تجد لديها حسمًا واضحًا فى أى من المسائل التكفيرية السابقة.
هم ابتداء أعمالهم تسبق أفكارهم؛ لذا هم يقررون السرقة، ثم يبحثون عما يبيح لهم فعلها، ويعتبرون أن كل المجتمع مباح لهم، لأنه كافر مرتد، رغم أنهم لصوص معروفون، وأبعد ما يكونون عن دين الإسلام