الأحد 24 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

على باب الله.. من سرق الأمل من عيون الصغار! محمد.. لقبوه بـ«شمبر» وحلمه كان «مهندس»

ورشة عمل
ورشة عمل
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
حدثني عن المشاكل التى تؤرقك.. عن تلك الحبيبة التى تركتك.. عن رئيسك فى العمل الذى يضطهدك.. عن زحام المواصلات.. عن الجهد الذى تبذله يوميًا فى الأمتار التى تسيرها من محطة المترو إلى مكان عملك، حدثنى عن غلاء المعيشة وضعف راتبك، احك لى كل شىء باستفاضة، وأنا سأحكى لك حكاية واحدة عن محمد، أو حتى دون أن أحكى أهديك فقط هذه الصورة، تفحصها جيدا ثم سأحكى لك حكاية محمد صاحب الـ10 سنوات، ذلك الطفل الذى لم ينل حظه من طفولته، ربما لأن الحياة تعرف أنهم فى هذه السن الصغيرة لا يتذكرون الإساءة فأمعنت فى ذلك، نسيت الدنيا أن الطفولة هى تلك الصفحة البيضاء فى الحياة التى تشارك الملائكة فيها الصغار فى كتابته وتدوينها على قلوبهم، وأنها المادة الثرية فى عطرها وفحواها للشعراء وهذا أميرهم كان قد كتب عنها: «وإنّما أولادُنا بيننا.. أكبادُنا تمشى على الأرضِ.. لو هَبّتِ الريحُ على بعضهم.. لامتنعتْ عينى من الغَمْضِ»، الوجع فى حكاية محمد ليس فى سن عمله فحسب فحارات وأزقة مصر فيها نماذج كثيرة، أطفال كُثر يدخل الفقر بسطوته على البيوت وكأنه فتوة ظالم مع نبوته وعصبته يُروع الأطفال ويجبرهم على الخروج للتسول أو التقاط الفتات، كان العمل سالفا فى ورشة إما عقاب أو رغبة فى تعلم صنعة، كانت هناك اختيارات وأن تؤدى أمرا برغبتك يختلف تماما على أن تفعله جبرا وقهرا، ثم ماذا؟ ثم هناك فرصة أخرى لنجاة الحلم بداخلك، فمن الممكن أن تكون ظروف أهلك السيئة دفعت بهم لأن يزجوا بك فى جوف المخاطر لكن هناك كلمة تُبقى الأمل بداخلك حيا، كأن تستذكر دروسك وتعمل كأن يناديك الأهل والجيران بالمهندس محمد أو الدكتور محمد، فيكبر معك حلمك وتتفتح أوابدك، وفى لحظة ما تطير من قدر فرضته عليك الظروف إلى قدر تصنعه أنت بنفسك، لكن أن يقيدوك ويسحبوا منك حتى الحلم، ويئدوا فيك الأمل بجهالة ويلحقوا باسمك لقبا.
لم تختره، فيكون النداء «محمد شمبر» والحلم «المهندس محمد» بينهما هوة سحيقة روحك غارقة فيها لا تستطيع النجاة. محمد خرج يعمل بسبب فقر أسرته، كان يقرأ ويكتب جيدا.. كان يود استكمال تعليمه وركضه فى حوش المدرسة، كان يضع بجوار رأسه وهو نائم حقيبته المدرسية ومريلته، كان يرسم فى كراسته صورة مهندس، كان يكتبها قبل اسمه على الكراسات، هو ما زال فى الدراسة لكن كيف سيتسع عقل هذا الصغير لدروسه فى المدرسة ومشاكل أسرته وأوامر الأسطى، هل سيحفظ أرقام وأشكال مفاتيح العدة أم سيحفظ الحروف الأبجدية، هل سيتدبر ليُفرق بين «الكابيتال» و«الاصمول»، أم سيُركز ليُفرق بين المفك العادة والمفك الصليبة، أظن أنه ليس هناك على وجه الأرض أبقى عند الله بعد ذكر اسمه سوى انتشال هؤلاء الصغار.