السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

نصوص التكفير المتوحشة.. نص الاستعلاء عن الواقع

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الحملة الكبيرة للترويج للكتاب، والتي جاءت من تركيا وقطر أكدت بما لا يدع مجالًا للشك، أن الكتاب أردوغاني إخواني، تشم فيه نفس الأتراك، وحبر جماعة الإخوان، فبينما يكفر «الحوالي» في كتابه العرب جميعًا يؤسلم الأتراك، وبينما يجيز الإرهاب باسم الجهاد، يستنكر على الشعوب أفعالها.
استخدم «الحوالي» في تمهيده للكتاب من صـ١ إلى صـ٧٥ لغة "سيد قطب"، وهي الهروب من الواقع المنتصر على شخصه بادعاء قصور ذلك الواقع وعواره الفكري، وصناعة استعلاء زائف، وهي اللغة نفسها التي تظهر في أولى صفحات الكتاب، وهي لغة التطرف بوضوح، عبر فكرة ادعاء اليقين وامتلاكه للخلاص تمامًا، كما فعل صاحب الظلال، ومعالم في الطريق.
يزعم «سفر الحوالي»، أنه يقدم رؤية جديدة للعالم في مواجهة الحضارة الغربية، ويقول إن هذا الكتاب لم يأت نتيجة نظرة سطحية متعجلة، أو مجرد تشدد، أو تعصب، بل هو ثمرة تفكير طويل، وتأمل عميق، ودراسة متأنية، على حد زعمه، مما يؤكد بداية أن الأفكار التي وردت فيه هي أفكار مقصودة من صاحبها بلا شك.
في الصفحات الأولى تظهر لغة اليقين، وهي لغة الإرهاب ذاتها، وأهل الضلال، فـ«قطب» في المعالم يقول عن كتابه: (أرجو أن يحول به المسلم من اليقين إلى حق اليقين)، بينما أهل العلم دائمًا لا يستخدمون لغة اليقين والحسم بل يقولون بقول أبى حنيفة: (إننا بشر نقول القول اليوم ونرجع عنه غدًا)، وقال لتلميذه (أبو يوسف) لما رآه يكتب عنه كل ما يقوله: (ويحك يا يعقوب لا تكتب كل ما تسمع مني فإني قد أرى الرأي اليوم وأتركه غدًا، وأرى الرأي غدًا وأتركه بعد غدٍ)، وكان أحمد بن حنبل يقول: (لا تقلدني ولا تقلد مالكًا ولا الشافعي، ولا الأوزاعي، ولا الثوري، وخذ من حيث أخذوا).
أما لغة التطرف فهي اليقين رغم الضلال، وزعم الحق المطلق رغم كذبه، ففرعون يقول: «مَا أُرِيكُمْ إِلا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلا سَبِيلَ الرَّشَادِ»، إنه مرض التطرف الذى يدخل صاحبه من أوسع أبواب اليقين.
يقول كذلك «الحوالي» صـ٩: الإقرار أن الغرب أجود منا ليس في الصناعة فقط، لكن في الإدارة والسياسة واحترام الشعوب ونصرة المظلوم.. الغرب يكن عداوة متأصلة للإسلام بناء على: الانحياز الدائم للصهاينة، إدخال المسلمين في نفق محاربة البعبع المفتعل (الإرهاب).
لقد حول كتاب «الحوالي» الخلاف بيننا وبين الغرب لخلاف عقائدي بحت شأن الجماعات الإرهابية فيقول: صـ٣٩: (الغرب يريد إخراجنا من التوحيد إلى الشرك، ومن الطاعة للمعصية، ومن السنة للبدعة)، في حين أن الغرب معظمه ملحد علماني محايد تجاه الأديان فليست حرب دين، بل حرب مصالح وسياسات.
الحقيقة التي لم يدركها سفر الحوالي، أن محاربة الإرهاب لم يفرضها علينا الغرب، وإنما فرض ذلك علينا ثلة من أبناء الإسلام، الذين في الحقيقة يضعفون دول الإسلام باستنزافها ماليًّا، وعسكريًّا، وأمنيًّا، وسياسيًّا، عبر فرضهم حروبًا طاحنة تأخذ الثروات، وتضيفها لرصيد أعدائها، بالإضافة لتشويه الإسلام ذاته، بعرض مفاهيم خاطئة تطعن في الدين وصلاحيته وملاءمته للعصر، وتهديد العيش المستقر للأقليات المسلمة في أوروبا، ومن ثمّ فالغرب لم يفرض علينا هذه الحرب، بل هو يعاني منها، ويحارب معنا حماية لمصالحه، ويتركنا، بل ويحمي الإرهابيين من باب السياسة نكاية فينا – بريطانيا – وغيرها، على سبيل المثال اللجوء السياسي، الذي يقدمونه لقادة الإرهاب.
يقول «الحوالي» صـ٧٩٧: مــن أعظــم الذنــوب المنافيــة للتوحيــد اتخــاذ أنــداد مــع الله، والشــرك بــه مــع نصــب أصنــام جديــدة لا يعلمهــا كُثــر مــن النــاس، ومــن الإيمــان ببعــض الديــن مــع الكفــر ببعــض، أن نــرى في الشــارع الواحــد مســجدًا للصلاة وبنكًا للربــا.
يقول الشيخ نـايف بن محمد العســاكر في الرد على «الحوالي» برسالته المسماة (نتــاج الأفكــار العـــوالي في كشــف ما لفقـــه وافتـــراه الحـــوالي): إن مــن أعجــب الأشــياء الــتي لــدى «ســفر الحــوالي» أنــه اســتحدث شــركًا واحــدًا بأنــه شــرك بــالله، وهــذا يــدل علــى هذيــان وافــتراء علــى الله ورســوله.. إن أحــد أســاليب الجماعــات الإرهابية التكفيرية هــو اســتحداث تشــريعات جديــدة، كمــا شــاهدنا ذلــك بقتــل الآبــاء والأمهــات والتفجـيـر باســتخدام الأطفــال الصغــار مــن قبــل والديهــم.
وحين يتحدث «الحوالي» عن الحكم فإنما يتكلم على أنه أساسه الشورى وفقط، ناسيًا أن أساليب انتقال الحكم لم ينص عليها الإسلام بشكل واحد، ولا طريقة واحدة، فيقول: صــ١٥٨: والحكم في الإسلام أساســـه الشورى، وليس محصورًا في أســـرة واحدة تتوارثه، فأي اســتعمار في الدنيــا أعظــم مــن هــذا، وأي مصيبــة أكـبـر مــن مصيبتنـا.
وقد كشــف «ســفر الحـوالي» مــن خـلال ما كتبه نحــو المــرأة عــن نفســية مريضــة وعنيفــة تجــاه معاملتهــا وحقوقهــا، حينما دعا إلى ضربها، فالشــريعة الإســلامية نصــت علــى الرأفــة والتعامــل الحســن مــع النســاء.
يقول «سفر الحوالي» صـ٩: إن المملكة تحارب الصحوة في بلاد الحرمين، ووصف ذلك أنه انتقال من العلمانية إلى اللا دينية، والهجوم على القطعيات مثل إباحة لعب الكوتشينة، في حين يصف تركيا بكونها دولة ناجحة (ص ١٩، ٢٠) لأنها وفق قوله، عادت للدين والإسلام!.
إن المملكة صاحبة الشريعة، تحولت لدي «سفر الحوالي» لدولة لا دينية، وتركيا التي يعلن أردوغان بكل وضوح أنه رئيس لدولة علمانية، أصبحت دولة عائدة للإسلام!.
الذين يخدمون الحرمين أذهبهم «الحواليّ» للكفر، وأعاد من اعترف بإسرائيل، ويتعامل معها تجاريًّا واقتصاديًّا، إلى الإسلام!، فأي هذيان هذا؟!.. لقد ادعّى أن العرب فرطوا في القدس، والسلطان عبدالحميد العثماني رفض مشروعهم، برغم أن توطن اليهود بفلسطين كان في عصر عبدالحميد أساسًا، أما العرب فقد خاضوا مجتمعين ومتفرقين حروبًا طاحنة، وفي عصر الخلافة العثمانية احتلت العديد من الدول العربية والإسلامية، وغزاها الإنجليز والفرنسيون، وغيرهم، دون أن يفعل السلطان شيئًا، وفى أوج انتصار وازدهار الدولة العثمانية أبيد المسلمون في الأندلس، رغم استغاثتهم بالسلطان العثماني، الذي يغزو أوروبا، لكنه تركهم يُبادون لأنهم لم يكونوا تحت خلافته، وذهب لحروب أخرى!.. هذه هي الدولة العثمانية الأردوغانية لـ«سفر الحوالىّ».
لا يعترف «سفر الحوالي» بالوطن ويراه كحظيرة، حيث يقول صـ٣٢٩: المسلمون لا يؤمنون بالمسخ المسمى جامعة الدول العربية، ولا بما هو أضيق كمجلس التعاون الخليجي، أو مجلس التعاون العربي، أو مجلس التعاون المغاربي، ولا بما هو أضيق كالحظائر، التي رسمها سايكس- بيكو، اعتباطيًّا وسموها أوطانًا.
إن عدم الاعتراف بالأوطان، والتعالي على المجتمع هو منهج وديدن الإخوان، فـ«الحوالي» ورفاقه لا يؤمنون أصلًا بالمملكة ولا بحدودها مطلقًا، فهو يسخر من مسمى الوطن، ويسميه حظيرة، وهذا الرأي لديه ينسحب على كل الدول العربية والإسلامية، ويجعل نفسه وكيلًا عن المسلمين، فيقول: المسلمون لا يؤمنون، رغم أن المنظمات الإقليمية هي ترتيب لحال الناس ومصالحهم، والرسول (صلى الله عليه وسلم) اعترف بدار الأرقم بن أبي الأرقم، واجتمع الصحابة بعد وفاته في سقيفة بني ساعدة لمناقشة من هو الخليفة.
يتحدث «الحوالي» في صـ٢١٨ عن مميزات حضارة الإسلام فيقول إنها حضارة جهاد، وهو نفس مفهوم الجهاد الداعشي، فيقول: (الكفار يقاتلون أعداءهم بدون أجر من الله، أما المسلمون فهم أمة خلقهم الله للجهاد، وهم يغنمون في أيام، أو ساعات، ما بناه الكفار في قرون، وكل ما شيّده الكفار من الأبراج والأبنية والمسارح والمتاحف والمستوطنات والمصانع يغنمه المسلمون بالجهاد، وإذا ترك المسلمون الجهاد، ورضوا بالزرع أو ما يسمى بالتقدم الاقتصادي، سلّط الله عليهم ذلًا لا يرفعه عنهم حتى يرجعوا إلى دينهم).
ويكمل صـ٢١٩: (الجهاد هو عزنا ورفاهيتنا وتجارتنا.. وكل خطة ورؤية ليس فيها جهاد خاسرة ولا بد) بكل تأكيد أن الجهاد في الإسلام شُرع لرد العدوان، وليس للإغارة والغنم، كما شأن العرب في الجاهلية، وإلا نكون حوّلنا عادات الجاهلية، وألبسناها لباس الإسلام، قال تعالى: (وقاتلوا الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا)، كما قال تعالى: (وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة).
ويتهم «الحوالي» الإمارات والكويت أنهما يحاربان الإسلام، ويقول صـ ٢٧٢، وصـ٢٧٣: لا يجوز بناء الكنائس في جزيرة العرب، كما تفعل دولة الإمارات حين تبني كنائس ومعابد فيها، وكما تفعل الكويت حين تبني كنائس.
ألا يعرف «الحوالي» أن النبي سمح لنصارى نجران بالصلاة في مسجده، فكيف نمنعهم من أداء صلواتهم إذا أقررنا بعدم جواز منعهم، فيلزم من ذلك عدم جواز منع بناء كنائس لهم.
في الوقت الذي يخصص «الحوالي» في كتابه من صـ٢٣٩ إلى صـ٢٥٦، ومن صـ٢٨٢ إلى صـ٢٩٨، ويجعلها لبيان معنى الطاغوت والكفر به، ويبرز أن المراد بالطواغيت هم الحكام الذين لا يحكمون بما أنزل الله، وكيف أنهم كفار، وهو نفس منهج جماعات التكفير، كالتوقف والتبين، والتكفير والهجرة، التي أسسها شكري مصطفى، والقطبيين أتباع سيد قطب، وغيرهم، فإنه في ذات الوقت يصف رموز الإرهابيين من قيادات القاعدة وداعش والنصرة بالمجاهدين، ويثني على داعش والقاعدة وبوكوحرام، كما قال صـ١١٤: (أمريكا تحصر الإرهاب في المسلمين لا سيما "أسامة بن لادن"، و"أبومصعب الزرقاوي"، و"أنور العولقي"، و"أبوبكر البغدادي"، و"عبداالله المحيسني"، و"عمر عبد الرحمن"، و"خالد مشعل"، و"إسماعيل هنية"، و"موسى أبو مرزوق"، و"رمضان شلّح"، وكل المجاهدين حتى من كان منهم في الشيشان.
ما سبق هو اعتراف صريح منه بدعم الإرهابيين والتنظيمات الإرهابية، وانتمائه إليهم، ودعمه لما تقوم به هذه الجماعات من عمليات إرهابية تهدد استقرار وأمن الوطن، واعتراف منه أن أعمال التفجير والإرهاب هي الجهاد.