تصبح البيئة أكثر قابلية
للاختراق الأمنى كلما زاد بها بعض الظواهر أهمها، تزايد الهجرات والسفريات الطويلة
لدول تختلف تقاليدها وعقائدها عن مصر
يتعرض الأمن القومي المصري
للاستهداف من أكثر من جهة، أولها إسرائيل التى يوجد بها الآن أربعون ألف مصري
معرضون جميعًا للتحول لجواسيس فى أية لحظة، وليس هناك أدل على ذلك من تلك الهجمات
الإعلامية الكاذبة التى وجهها الإعلام الإسرائيلى لمصر بدعوى الإفراج عن وثائق
كامب ديفيد بمرور خمسين عامًا عليها، ثم هناك استهداف أقطاب حروب الجيل الرابع
والخامس والسادس عبر الإنترنت ممن يمتلئون بالأطماع فى خيرات هذا البلد.
كما أن أساليب اختراق
الأمن القومى يمكن أن تكون عبر عدة أساليب منها «المفاجأة الاستراتيجية»، التى
ابتكرها بما يتناسب مع الظروف المصرية الرئيس المصرى الراحل محمد أنور السادات، أو
أسلوب إنشاء القنوات الموجهة، ولا يمكن إنكار دور حرب التسريبات الإعلامية فى تحقق
ذلك الاختراق.
وتصبح البيئة أكثر قابلية
للاختراق الأمنى كلما زاد بها بعض الظواهر أهمها، تزايد الهجرات والسفريات الطويلة
لدول تختلف تقاليدها وعقائدها عن مصر، لا سيما أن تقاليد المجتمع وطابع هويته
تعتبر من أدوات حمايته من الاختراق الأمنى فى كثير من الأحيان، إذ إن أخلاق أولاد
البلاد ساعدت فى عدم تقبل الصورة المزيفة عن مصر التى حاول محتلوها نشرها بين
أبنائها على مدار سنوات. لكننا عانينا ونعانى بيئة إعلامية خصبة لذلك الاختراق
نشأت عن وقوع الإعلام فى مصيدة المال السياسي، فأى مراقب لحركة رأس المال الإعلامى
فى الولايات المتحدة الأمريكية، على سبيل المثال، سيلاحظ أن مالكيه معدودون ولديهم
اتجاهات آمنة متشابهة.
تخرج علينا مجموعة من
الدراسات مع نهاية العام الماضي، ترسم صورة للأمن القومى فى عام ٢٠٥٠م. ترى هذه
الدراسات أن العالم لو استمر فى اتجاهاته الحالية، ستكمن الخطورة الأكبر فى
مستقبله بأنه سيستبدل انتماءاته الوطنية والاجتماعية والمهنية بمجموعة من الانتماءات
الرقمية يشكلها باختياراته. ستتاح أمامه عدد من القوى تؤثر فى أفكاره وتخترق أمنه،
على رأسها الشركات متعددة الجنسيات والإمبراطوريات الاقتصادية التى ستحل محل بعض
الدول. امتلكت هذه القوى مع مطلع القرن الحادى والعشرين سلطات سياسية لم تكن متاحة
لها قبل ذلك حين تمكنت من تقنيات مثل آليات الحشد والتحكم فى البيانات الضخمة
الخاصة بأفراد الشعوب عبر قواعد البيانات. يمثل ذلك تحديًا كبيرًا أمام الجهات
المنوط بها الأمن، إذ أصبح من الضرورى جدًا عقد اتفاقيات تجارية تحجم من بعض
صلاحيات اتفاقية التجارة العالمية (الجات) التى طالما فخر بها العالم، وربما عقد
اتفاقية بديلة تناسب العالم.
ويمكن مواجهة اختراقات الأمن القومى عبر توعية المواطنين بها، وعمل ورش عمل تجعلهم قادرين على إنتاج المحتوى الإعلامي، إذ إن من ينتج المحتوى يقدر على تمييز السم الذى يدس فيه، وعبر تنظيم جهات إنتاج هذا المحتوى فى الإعلام الرسمى وغير الرسمي، ودعم استقرار البلاد عبر التسليح الجيد لجيشها والتقدم المضطرد لكل مؤسساتها بنية وإنتاجًا.