ربما كان أهم ما يميز الاحتفال بعيد العمال كل عام هو التركيز على قيمة العمل والبناء فى هذا البلد والوطن الغالى مصر، وكذلك العمال الذين يطلق عليهم «ملح الأرض»، وهم يعملون ويبنون ويشيدون هذا البلد فى حماس مستمر، ولا نتحدث هنا عن عمال البناء أو المصانع والزراعة فقط، وإنما العامل هو كل من يمتهن مهنة لصالح هذا البلد ويتكسب من ورائها، بحيث تكون هى سبب قوت يومه، وعليه فالمهندس عامل، والدكتور عامل، والمحامى والإعلامى والمدرس والموظف الحكومى عامل، ومختلف المهن التى نراها ونتعايش معها هى من قبيل العمل، الذى ينبغى أن يحترم ويقدر من قبل الدولة والقيادة السياسية، التى تحرص كل عام على تكريم عدد من القيادات العمالية فى مواقع العمل المختلفة، بمنحهم وسام العمل من الطبقة الأولى ونواط الامتياز وغيرها، وهذا ما حدث فى الاحتفال بعيد العمال الأسبوع الماضى، والذى أكد فيه الرئيس عبدالفتاح السيسي: «لكى نصنع حضارة حقيقية، يجب أن نعمل بجد وإتقان حتى نحقق لمصر ما نتمناه»، معتبرا أنه لم تأت بعد ثمار الإصلاح، وأن قراراته الأخيرة برفع الحد الأدنى للأجور والعلاوات الجديدة «هى فقط خطوة من ألف خطوة، ومجرد إشارة فقط على أننا نسير فى الطريق الصحيح». وأكد أيضا أن قيمة العمل، وأنه قيمة عظيمة جدا والدول لا تقوم إلا بأعمال شعوبها.. وأضاف الرئيس: «أن الاستقرار والأمن من أهم أسباب التنمية»، مشددا على أنه «يجب على الجميع العمل بجد وبصبر ووعي، وأن التوعية تحد مستمر وقائم يتطلب منا نقل هذا الوعى لأبنائنا»، متابعا أن «السلامة والأمن والاستقرار هم السبيل الوحيد للتقدم، والكل يرحل ومصر الباقية والخالدة». وتحدث الرئيس عن الجدية التى ينبغى أن تتوافر فى القطاعات الحكومية المختلفة، وكذلك القطاع الخاص أيضا.
فالعمل وقيمته العالية يعد من المتطلبات الأساسية فى الحياة، وقيمته ليست مجرد الحصول على الدخل المادى لسد المطالب الغذائية والمعيشية فقط، وإنما فى قيمته المعنوية والأدبية والنفسية لما يمثله من تشكيل كبير لكيان الإنسان ويعطيه معنى عظيم لوجوده فى الحياة.
فما الفائدة من أن يكون معك أموال، ولكنك لا تعمل فسوف تنفقها ولا تشعر بنفسك ولا بالحياة بكل ما تحمله من كفاح وأمل وإحباط ومحاولات وعرق وشعور بالرضا من عند الخالق عز وجل. فقد قال رسول الله عليه الصلاة والسلام، عن الإيد العاملة بأنها إيد يحبها الله عزوجل، وفى آية قرآنية: {وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون}. ومن ثم فقيمة العمل تمنح الشّخص مهابةً واحترامًا فى قلوب الآخرين، لأن الشخص الذى يأكل من عمل يده وعرق جبينه ينال احترام الناس وتقديرهم. العمل عبادة، وليس مجرد مصدر رزق. وقد دعانا ديننا الحنيف للسعى فى طلب الرزق من خلال العمل الشريف حتى لو كان بسيطا جدا، واكتساب حرفة ما أو عمل معين، من أجل كسب العيش؛ لأن اليد العليا خير من اليد السفلى، ونحن الآن نسير بيد تبنى ويد أخرى تحارب الإرهاب.. ربنا يحفظ بلدى من كل شر!
