الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

السياحة الإلكترونية.. ومصير شركات السياحة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ما نعيشه من سرعة صاروخية فى نمو دور الإنترنت فى حياتنا وعالمنا ومسار دول أحيانًا، جعل وضع قطاع شركات السياحة على مستوى العالم كله فى خطر لبقاء وجوده، فالعالم الآن يتجه إلى السياحة الإلكترونية والتسويق الإلكترونى، وأصبحت حركة السياحة حول العالم تعتمد بشكل كبير على السياحة الإلكترونية، مما يهدد عمل منظمى البرامج السياحية، ويتيح لنا فرصة للتخلص من تحكمهم فى السوق المصرية، وقبل أن تفهم اتهامى خطأ عليك بمعرفة أولا بمن أقصد بمنظمى البرامج السياحية، هى الشركات السياحية الكبرى التى تقع داخل الدول المصدرة للسياحة، مثل السوق الأوروبية، وهى التى تنظم أو على الأقل تحدد شكل كل ما يخص البرنامج السياحى Package Tour، وتحديد الزمان والمكان، وتسويقها داخل الأسواق المتواجدة بها، وهذه الشركات تمتلك كل المقومات المالية والبشرية والفنية للقيام بذلك، ولها القدرة على التعاقد مع موردى الخدمات السياحية داخل الأسواق المستقبلة، مثل السوق المصرية، ويمكنها الاندماج مع شركات أصغر فى الدول المستقبلة، بهدف زيادة المبيعات corporate strategy. وأغلب منظمى البرامج السياحية، يمتلكون أو يساهمون بأشكال غير مباشرة، بمساعدة شركائهم الصغار على بعض جوانب مكونات الرحلة كالطيران ووسائل نقل مختلفة خاصة بها، وأيضًا فنادق وأماكن إقامة مختلفة ومنشآت سياحية. هذه الشركات المتواجدة فى الخارج هى منظمو البرامج السياحية.
أما شركات السياحة المتواجدة فى الدول المستقبلة، تسمى وكالات الخدمات السياحية، والعلاقة بينها وبين منظمى البرامج السياحية تتمثل فى أن وكالات الخدمات السياحة تكون هى الشركات التنفيذية، التى تقوم بتنفيذ البرامج السياحية المعدة مسبقا، بواسطة منظمى البرامج السياحية فى الأسواق المصدرة للسياحة، أى كوكلاء لمنظمى البرامج السياحية فى المقصد السياحى، ولا يكون لوكالات الخدمات السياحية دخل فى ترتيب الطيران أو وسائل النقل المختلفة بين الدول المصدرة للسائحين والمستقبلة لهم فى كثير من الحالات. وهذا النوع يمثل معظم شركات السياحة المصرية، واستعرض لكم أهم شركات منظمى البرامج السياحية فى العالم التى تصدر السائح إلى السوق المصرية: Thomas Cook البريطانية، Tui الألمانية، Fti الألمانية، Tez التركية، Pegas Touristik التركية، Anex Tours التركية.
وقد حدث فى الآونة الأخيرة شراكات بين شركات سياحة مصرية ومنظمى الرحلات، بل إن بعض الشركات المصرية أصبح شريكا بنسبة فى ملكية شركات منظمى الرحلات، وأنا أرى أن من قام بذلك هم شخصيات اقتصادية ذكية جدا، وعلى درجة عالية من الإدراك، وأصبحوا عمود قطاع السياحة، وقد استطاعوا الوصول إلى ذلك بعد وصولهم إلى امتلاك مكونات البرنامج كالفنادق والمنتجعات والطيران والأتوبيسات، وهذه الاشتراطات لم تكن تحدث من قبل، ولكنها أصبحت فى كثير من الأحوال إلزام على من يرغب فى أن يتعاون أو يكون وكيلا لمنظمي الرحلات.
والسؤال هنا: لماذا يشكل منظمى البرامج السياحية خطرًا على الاقتصاد المصري؟
يؤثر نشاط منظمى البرامج السياحية على قطاع السياحة المصرى من خلال التحكم فى أسعار الليالى السياحية ورخصها، فقد وصل سعر الليلة فى بعض فنادق الغردقة وشرم الشيخ الخمس نجوم بعد أحداث ٢٥ يناير إلى ١٠ دولارات!! إقامة شاملة، كما قاموا بالتعاقد مع الفنادق مباشرة دون وجود شركة سياحة وسيط بينهم، مما قلص دور شركات السياحة، كما أثرت فى ضعف نشاط الكثير من شركات السياحة، بل إن البعض قد أغلق شركاته لعدم قدرته على المنافسة مع الشركات الكبيرة. وقوتهم وصلت بهم إلى احتكار أهم الأسواق السياحية الواردة إلى مصر، وسأعطيكم مثالا على السوق الروسية، والتى نرى المجهود الرهيب الذى تقوم به الدولة لاستعادة هذه السوق، فقد سيطرت واحتكرت شركات سياحة، ومنها شركة يقال إنها تركية، ولكن لم يقم أحد بالتأكيد أو النفى حتى الآن، وإذا كانت وراءها رءوس أموال تركية، فلماذا تعمل حتى الآن فى مصر، وقد أثر الاحتكار على التحكم فى أسعار الليالى السياحية، مما أضعف قوة مصر كمقصد سياحى، وأصبحت الفنادق المصرية فقط هي من تستفيد من السوق الروسية، بهامش ربح بسيط، وعدم استفادة الشركات المصرية من هذه السوق المهمة، كما أن هناك وجودا لاحتكار لكثير من الأسواق الأوروبية بخلاف السوق الروسية. والأخطر فى تأثير الشركة لمنظمى البرامج السياحية هو تدخل السياسة فى عملهم وتوجيههم السائحين إلى دول أخرى ومقاصد سياحية أخرى مثل تركيا، ولا أرغب فى التحدث كثيرًا عن قرارات تعليق العمل فى مصر بحجة عدم الاستقرار الأمني وصعوبة عودة النشاط مرة أخرى.
ليس هذا وفقط، بل جعلت شركات السياحة المصرية تتبع نظام حرق الأسعار، وبيع البرامج بالخسارة، والاعتماد على المكسب من الـoptionals، وبالتالى تحولت شركات السياحة إلى شركات خدمات سياحية.
لذلك؛ فإن التهديد الذى يهدد وجودهم الآن بسبب السياحة الإلكترونية والتطور التكنولوجى، هو فرصة مهمة للدولة فى العملية التسويقية، وذلك بتدعيم السياحة الإلكترونية ودعمها بتشريعات وقوانين تنظم عملها، وتجعلها تحت مظلة الدولة، ولكن هذا سيؤثر فى وجود شركات السياحة المصرية، لذا على قطاع الشركات سرعة مواكبة التطور بشكل جدي وسريع، والتعاون مع الدولة لتنظيم حركة عمل السياحة الإلكترونية.
وفى النهاية، أود أن أنوه إلى أن ما سبق ليس مجرد مقال رأى، ولكنه جزء من بحث علمى قمت به أثناء فترة دراستي للماجستير في كلية السياحة والفنادق جامعة حلوان.