الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

السياحة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نمتلك آثارًا فرعونية تهفو لها أفئدة البشر فى كل بقاع الأرض، ونمتلك آثارًا مسيحية وآثارًا يونانية ورومانية وإسلامية - سواء كانت مملوكية أو عباسية أو عثمانية أو فاطمية - وفى ثرانا توارت أجساد مئات الصحابة رضوان الله عليهم، وعشرات من أولياء الله الصالحين الذين تُقام لهم الموالد كل عام، ومن مصرنا الحبيبة خرج العقاد وطه حسين ونجيب محفوظ وعرابى وسعد زغلول وجمال عبدالناصر والسادات والشعراوى والبابا شنودة، وغيرهم من قامات الفكر والعلم والسياسة، وفى أرضنا يجرى النيل الخالد، أطول الأنهار فى هذا الكوكب، ناهيك عن شواطئنا الخلابة وشمسنا الدافئة المشرقة على مدار السنة، وكل هذا يعنى ببساطة أننا نملك ثروة تجعلنا محط أنظار العالم وقبلة لكل الناس من مختلف العقائد والثقافات والطوائف، ومع ذلك فقطاع السياحة فى مصر دائمًا يعانى ويلقى باللوم على الأمن تارة وعلى الظروف العالمية تارة أخرى، وعلى ما يحدث فى المنطقة تارة ثالثة، والحقيقة أننا لو رصدنا أكبر إنجاز لهذا القطاع والذى تحقق فى ٢٠١٠ فإننا سنفاجأ بأنه لم يزد على ١٣ مليار دولار وعن ١٤ مليون سائح، وحتى الآن لم نصل إلى هذه الأرقام، صحيح أن عام ٢٠١٨ شهد طفرة نوعية، لكن الدخل العام من السياحة لم يصل إلى ١٠ مليارات دولار، ولا شك أن مصر قد خسرت الكثير فى هذا القطاع منذ أحداث ٢٠١١ وحتى الآن، ولكن وبكل أمانة يجب أن نتوقف عند الأرقام التى تحققها السياحة فى أعلى معدلاتها، إذا أنها لا ترقى ولا تتناسب مع حجم المعطيات والمميزات التى تملكها مصر، فمن المفترض أن تكون السياحة هى أحد أهم مصادر الدخل القومى، ولكن ما الذى يحدث لهذا القطاع الحيوى والذى أنشأت لأجله هيئات للتنشيط وللتنمية ومجالس عليا واتحادات، ومع ذلك فإن الناتج يقل عن دول أصغر منا ولا تملك ١٪ مما نملكه من آثار ومزارات سياحية، وهذه المسألة تحتاج فى رأيى إلى تضافر جهود عدة وزارات، منها على سبيل المثال «التعليم» إذ يجب أن تضاف مادة لطلاب المناطق السياحية ترشدهم إلى كيفية التعامل مع السائح وبالتالى نضمن عودة هذا السائح مرة أخرى، ويجب على أصحاب الفنادق والمسئولين عنها أن يختاروا بعناية جميع العاملين، فيختفى ذلك العامل الذى يقف أمام السائح فى انتظار «البقشيش» ولا نجد طباخًا لا يجيد الطهى، أو مطبخًا غير نظيف، وهنا يأتى دور الرقابة على كل هذه المنشآت، وهى رقابة تحتاج لرقابة إذا أردنا النهوض بهذا القطاع المهم، أما آفة السياحة فى رأيى فتكمن فى عدم قدرتنا على تسويق أنفسنا، ويبدو أن المسوقين أنفسهم لا يدركون ما لدينا من آثار منوعة، وقد جمعتنى جلسة بأحد العاملين بالسياحة وإذ به يفاجأ بأن الصحابى الجليل القعقاع بن عمرو ـ والذى كان أبوبكر الصديق رضى الله عنه يصفه بأنه بألف رجل ـ قد مات ودفن بمصر وأن قبر العز بن عبدالسلام فى قاهرة المعز، وأن ضحايا الحرب العالمية الثانية من الألمان والطليان فى مقابر بمدينة العلمين، فلماذا لا يتم التسويق لهذا، لماذا لا نعلن بالخارج عن تذاكر مخفضة لأحفاد ضحايا الحرب العالمية الثانية كى ندفعهم لزيارة مقابر أجدادهم وإحياء ذكراهم، لماذا لا يأتى إلينا مسيحيو العالم لزيارة الأديرة التى اختبأت فيها السيدة مريم مع المسيح أثناء وجودها فى مصر؟ لماذا لا نسوق لمثل هذه الأماكن فى القاهرة والمنيا وأسيوط؟ لماذا لا نهتم بالبيت الذى وُلد فيه الزعيم جمال عبدالناصر فى أسيوط ونجعله مزارًا لمن يريد، وبالمناسبة فقد سألت عن هذا البيت عندما زرت أسيوط لحضور فعاليات مهرجان مسرح الجنوب فكان الجواب مخزيًا وهو أن البيت آيل للسقوط ولا أحد يهتم به، فلماذا لا يتم ضمه إلى الآثار ويرمم ثم يتم التسويق له، ولماذا لا نسوق لمقابر اليهود فى مصر، وقد علمت أن الدولة قد بدأت إعادة ترميمها وهذا جهد مشكور ولكنه لن يكتمل دون التسويق له ودعوة أبناء وأحفاد من دفنوا هنا لزيارة مقابر أجدادهم ثم استكمال الرحلة بزيارة المعالم الأخرى، وهذا يقتضى التسويق لبرامج سياحية شاملة الإقامة والانتقالات، يا سادة إننا لا نعيد اختراع العجلة ولكن الأمر بسيط للغاية، وهو لا يحتاج إلا لأناس يحبون هذا الوطن ويملكون موهبة فى التسويق السياحى، وأظن أننا بهذا سنصل إلى معدلات أعلى بكثير، فالسياحة هى الأمل وهى التى ستقلل الضرائب، نعم.. إذا زاد الدخل القومى من السياحة بشكل كبير وواضح فالدولة وقتها ستقلل الضرائب عن كاهل المواطنين كنوع من رفع الأعباء عنهم، أضف إلى ذلك أن الدخل الدولارى سيزيد، وبالتالى فقيمة الجنيه سترتفع وبهذا ستقل أسعار السلع، خاصة تلك التى نستوردها من الخارج بالعملة الصعبة، فيا كل مسئول عن هذا القطاع الحيوى عليك بالتسويق لمصر، وما تملكه لاسيما أن حالة الاستقرار السياسى والأمنى قد تحققت بشكل كبير ولافت للنظر، وآن الأوان لكى نعمل بحب وإخلاص لهذا الوطن.