كانت سابقة فى تاريخ المشاركات الثقافية الخارجية، أن التقينا أربع باحثات ليبيات (نساء فقط) نمثل اتساع جغرافيتنا، مدعوات من وزارة الثقافة والمجلس الأعلى للثقافة فى محاور ملتقى القاهرة الدولى السابع للإبداع الروائى (٢٠:٢٤ أبريل)، كانت خديجة السنوسى، وحنان الهونى، وأريج الخطاب ضمن محور الجلسات البحثية، وكنتُ فى محور الموائد المستديرة، وإن كانت مائدة الوطن وأحواله مؤخرا بين مدن تشهد استقرارا، وبين ما تعيشه طرابلس من حرب وارتداداته على مدن أخرى، مثار سؤال ملح، وطلب تفاصيل معلومات ممن جالست جميعهم بلا استثناء، خاصة منهم من تابع مداخلاتى عبر فضائيات خرجتُ بها بالتزامن مع أيام الملتقى، وعلى رأسهم د. سعيد المصرى الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة.
دسامة الملتقى تمثلت فى كم البحوث والتى ٣٥٪ منها قدمتها نساء، كما فى الحضور العربى- الدولى الذى تجاوز المائة مشارك، ولعله الأول فى استقطاب جيل جديد رفقة أسماء هى من قامات كُتاب الرواية ونُقادها، ولأيام خمسة، صباحًا ومساءً ضجت قاعات المجلس بدار الأوبرا بالبحوث والنقاشات، سجالات تقاطعت بل وصلت حد نقض بعضها البعض، فما يقارب الثلاثين بحثا عربيا فى جملة جدولة الملتقى قاربت الرواية فى عصر المعلوماتية، وما قُدم أيضا فى بعض الشهادات والتجارب تباينت آراؤهم بين من لم يعترف بها أصلا واعتبرها ظاهرة عابرة، ومن رأى فى ولولوج الرواية المعلوماتية توحشًا وانقلابًا مهددا، وبين من دعا إلى قبولها كمتغير حاصل تقتضيه الصيرورة التى نعيشها. جاءت مرتكزات النقاش فى المائدة المستديرة حول الرواية الرقمية التفاعلية الموضوع الرئيس للملتقى، مبتدأها حول الرواية الرقمية المفهوم والماهية، ثم العلاقة بين الرواية الرقمية والرواية الورقية: اتصال أم انفصال، والبلاغة الرقمية وآلية تشكيل النص الروائى، وعن الرواية الرقمية التفاعلية والنظريات النقدية الحديثة، رواية الـ«فيسبوك» موجة عابرة أم إبداع فى طور التشكل والاكتمال، الرواية الرقمية نمط سردى متطور أم جنس أدبى مستقل، تداخل الأجناس فى الرواية الرقمية، مستقبل الرواية الرقمية التفاعلية فى البيئة العربية، وقد شارك مُنحازا مُنظرها من المغرب سعيد يقطين، ودعم الناقد جابر عصفور مبدأ مسايرة التقدم التكنولوجى الذى يُوظف فى تقديم الرواية العربية من مرسل لمستقبل، يشارك فى صياغتها أحداثا وشخصيات، ووضع اشتراطات للقبول والاعتراف بمتغير الرواية الرقمية، كل من طارق النعمان، ومحمود الضبع، وعبدالحفيظ محمد حسن، وعاطف عبيد، وكانت مداخلة الروائى الكردى «هوشينك أوسى» وهو صاحب تجربة كتابة تقنية سردية توظف فى نصها برامج ومدخلات الإنترنت ملحة فى أن لا نصادر تجربة تنفست وسجلت خمسين نصًا روائيًا عربيًا منخرطًا بها.
وفى مداخلتى، عرضت أولا لأشكال المصطلح مع جدته، فسيظل السؤال قائما كما ما ظل السؤال الرئيس ما الرواية؟ ما الرواية التفاعلية؟ والتى لا يزال تعريفها غير محدد، هل هى الرواية التى يكتبها صاحبها على صفحته أو موقعه ويجرى التفاعل معها كما تجربة الروائى التونسى كمال الرياحى؟ هل هى تقنية كتابة يستخدمها الروائى حتى وهو لا يقيم علاقة بالموقع والحائط؟ فقد جرى تصنيف روايات بأنها تفاعلية لمجرد بنيتها، وهل سنعتبرها جنسًا روائيًا مستقبليًا نؤرخ له كما نموذج الروائى الليبى يوسف القويرى عن ليبيا ٢٥٦٥؟ فى «مفكرة رجل لم يولد بعد» (صدرت ١٩٦٥م)، وعن توظيف الإنترنت فى الانشغال الروائى الليبى تفاعلا مع الوسائط الرقمية، كان مبتدأها العلاقة بالرواية المقطع أو الكاملة على شبكة المعلومات كنماذج موقع «بلد الطيوب» لرامز النويصرى، ومن المدونات «مدونة سريب» لأحمد الفيتورى، وعلى الـ«فيسبوك» صفحة الروائى إبراهيم الكونى، وعائشة ثبوت وغيرهما، حين تلقفنا الرواية كمقاطع فى موقع ثقافى أو من صفحة الروائى كنا نعتبر ذلك فتحا جاذبا لنا، فمن جهة صرنا أصدقاء افتراضيين لأى كاتب يتحقق هذا على مستوى محلى وعربى ودولى، وخطوة إثر خطوة كسبنا هبات التحميل والتنزيل والتبضع للكتب، ستدخل الروايات السبق التى هى نجم آداب عصرنا، وعن الرقابة ومقص الرقيب فستضرب الرقمية هذا المقص ليصير فى خبر كان، الممنوع من التداول يتسرب عبر التقنية، ومن ذلك روايات تتسرب على صيغة «وورد» أو «PDF»، و«يوتيوب»، كما طرحت سؤال مستقبلها، فهل هذه الأعمال الروائية الرقمية ستصبح مع مرور الزمن تيارا تقليديا بالنسبة للمجالات الأخرى التى ستظهر مع تطور تقنية الإنترنت (صوت وصورة وتشكيل)، وختمت بطرح سؤال لم يجد إجابة على المائدة: الاختراق والهاكرز ومستقبل رواية تشرع طريقها مع متلقيها المتفاعل كيف سنؤرشف لها؟ وكيف نحفظ حق مؤلفها ومتفاعلها.