الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

هكذا مصر فجر الضمير

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
اذا أردت أن تعى مصر الحقيقية وترى حقيقة البذرة التي أنبتتنا وما بداخل رحم مصر، فعليك بقراءة كتاب «فجر الضمير»، أعظم كتاب من وجهة نظرى عن مصر والحضارة المصرية الخالدة والإنسانية أجمع فى العصر الحديث، الذى كُتب على يد العالم بريستد عام 1934، وقام بترجمته عميد الأثريين الدكتور سليم حسن، والذى صدرت ترجمته عام 1956، فيشرح بريستد فى كتابه أن الإنسان تواجد قبل العصر الجليدى، وفرضت الطبيعة عليه أن يتوحش ويقتل وينتقم، وقد وصف ذلك بريستد عندما قال إن البداية كانت «البلطة»، وتطورت حتى أصبحت قنبلة نووية، فالبداية كانت الهمجية والتوحش حتى انبثق الضمير من رحم كيمت «مصر»، فلولا الضمير ما كانت الحضارة، فالأخلاق والقيم والضمير هى حجر الأساس فى بناء هرم الحضارة، فقد أدرك المصرى الشعور الداخلى بالضمير ووضع قوانينه التى تحكمها الأخلاق والقيم والعدل قبل «الوصايا العشر» بآلاف السنين، فتجد فى أغلب البرديات وصايا الكاتب والحكيم تتضمن أعظم مبادئ القيم والأخلاق؛ فقد قدس المصرى الضمير وصوره على شكل آلهة وأساطير للآلهة، تتضمن قيم الضمير، ماعت إلهة العدل، إيزيس الأم التى أنارت الكون بمولد حورس، أوزوريس إلهة الخير، والأب حتحور إلهة العطاء، والعظيم المعلم تحوت «جحوتى – هرمس – مثلث الحكمة» إلهة العلم والحكمة، وتجد فى معتقداتهم عن ما بعد ما يسمى بـ«الموت»، أنك لن تسمو وتصعد إلى عالم النور قبل أن تمر بالمحاكمة «كتاب الموتى -فصل الحساب فى العالم الآخر، والتقدم لقاعة رب العالم الآخر»، فيجب على الكيمتى «المصري» أن ينفى تهم تمس الأخلاق والضمير، وهذه المرحلة تسمى عملية «إنكار السيئات والآثام»، ثم يوزن قلب المتوفى أمام ماعت «الحق والعدل»؛ فإذا كان مذنبًا تلتهمه «الملتهمة على شكل حيوان له جسد أسد ورأس تمساح»، وإن كان بريئًا فلينعم بالفردوس، فكان يقول الكيمتى فى المحاكمة «أنا لم أغضب والدى – أنا لم ألوث مياء النيل – أنا لم أصد الماء فى وقت جريانه – أنا لم أنقص القياس ولم أغش فى الكيل ولم أطفف فى الميزان – أنا لم أتسبب فى بكاء أحد – أنا لم أحرم إنسانا من حق له» ونجد فى البرديات حكمة للحكيم «بتاح حتب» تقول: (لا تردد الشائعات ولا تستمع إليها – أنت الذى يقاوم الجشع ويقيم العدل – اتبع قلبك طوال حياتك ولا تزيد العنف تجاه ما تقرر – فكر فى العيش بسلام بما لديك وما يريده الإله فهو المقدور – السلوك السليم تعرفه من الطريق السليم فى التعامل – من لديه قلب كبير لديه هبة من الله، ومن يطيع بطنه فهو يطيع عدوه – لا تتفاخر بما تعرفه واستشر الجاهل والحكيم)، ضمير الكيمتى جعله أول من احترم المرأة وأثبت تواجدها وأثنى على قدراتها باعتبارها الشريك فى الدنيا والخلود طبقًا لمعتقداتهم فى نظرية الكون والخلق، فقد أطلق الكيمتى على المرأة «سيدة النسيم – منعشة القلوب – جميلة الوجهة – سيدة جميع السيدات – المشرقة كالشمس» وغيرها من ألقاب بديعة المعنى، وقد رأينا حُب وغرام الملوك لملكاتهم منقوشًا على جدران المعابد وقصور الأبدية «مقابرهم»، بل ونجد أعظم المعابد بُنيت لأجل خلود الملكات، وتتزين بتماثيل لهم لتصف ملامحهم الجميلة المبهجة، وصورت أيضًا على جدران مقابر النبلاء وقد قُدست المرأة كإلهة، بل وحكمت مصر، وكانت عصور المرأة من أبرز النقاط المهمة فى تاريخ مصر القديمة، الكيمتى كان نقيًا موحدًا عادلًا يحركه ضميره كان دستوره الأخلاق، هكذا كان الأولون، وهذه هى رحم مصر «مصر الضمير، مصر محبة»، فكن كيمتى حقيقى صاحب أخلاق وضمير، حاول أن تحيى ضميرك فى يومك وتعاملاتك وعملك وعلاقاتك الإنسانية وقراراتك، ولنعلم أنه لن يأتى أحياء الضمير دون وعى حقيقى يسرى فى مجتمعنا، وقتها ستقل الرشوة والسرقة والقتل وخيانة الوطن، لذا فعلينا العمل على الوعي.