بالقطع أن ما تلفظ به حازم الببلاوى رئيس الحكومة المصرية أثناء سفرته إلى "داڤوس" قائلاً: "إن النساء سينتخبن السيسى لوسامته" هو واحد من أكثر ما صادفت من التصريحات الرسمية سقوطا.. وسوف أعرض فى السطور القادمة للأسباب التى ذهبت بى إلى تقرير تلك الحقيقة:
• أولاً: إن تلك الخفة والفلطحة والسطحية التى تحدث بها الببلاوى تخبرنا – قولًا واحدًا – أننا إزاء بهلول مهرج لا يصلح كرجل دولة، وهى ليست المرة الأولى التى ألحظ عليه فيها ذلك النزوع إلى التظرف والتفكه وادعاء "اللذاذة" ففى عز المواجهة مع عناصر الإرهاب الإخوانى فى الشوارع، وامتلاء المشهد بدماء تسيل، وحرائق تشتعل، كان يجيء متبخترًا إلى نادى هليوبوليس ليجلس على حافة ملعب الكروكيه ويمضى الوقت ضاحكا مع أصدقاء عمره راويا لهم مجموعة سخيفة جدا من النكات بعضها خارج وقبيح (وسوف تأتى لحظة مناسبة أكتب للناس فيها بعضا من تلك النكات).
ولا يمكننا أن ننسب قول الببلاوى عن السيسى إلى زلة لسان أتاها رجل عجوز خرف، لأن تكرار عدم الانضباط فى خطاب وسلوك رئيس الحكومة يشير إلى أن الرجل يفعل عن تدبر عمدي وقصدي.
• ثانيا: عبارة الببلاوى الساقطة تمثل محاولة لإهانة شخص الفريق أول عبد الفتاح السيسى القائد العام للقوات المسلحة، وتصوير التفاف الشعب حوله على أنه جاء لأسباب تافهة وليس لقناعات ومبادئ أو عقيدة وطنية راسخة نعتبر القائد العام تجسيدًا لها.
وهنا لابد أن نسأل أنفسنا: لصالح من يحاول الببلاوى الإساءة لشخص السيسى؟ ولماذا فى هذا التوقيت بالذات؟.
والإجابة – على نحو مباشر ليس فيه لف أو دوران – الببلاوى يفعل ذلك لصالح صديقه الحميم وتوأم روحه محمد البرادعى (وقد ذكر الببلاوى وسط شلته فى نادى هليوبوليس أنه على اتصال دائم به).
وكلنا يعرف أن البرادعى يعمل ضد صالح الدولة المصرية، وأنه المحرك الأول لتيارات معاداة المؤسسة العسكرية وكل رموزها.
أما لماذا (فى هذه اللحظة) فالإجابة – أيضا بشكل مباشر – أن تصريح الببلاوى كان لإرباك عملية اختيار مرشح إجماعى مثل السيسى وربما صرف النظر عنها من خلال تشويه القائد العام، والوصول بالجماهير إلى خيارات انتخابية رئاسية هزيلة لن يحقق أحدها أغلبية تتجاوز واحد أو اثنين فى المائة، وبالتالى سيدخل بالبلد إلى دائرة أخرى من عدم الاستقرار وعدم اليقين.
لا بل أن الدفع بنا إلى تلك الوضعية ربما يكون لصالح مرشحين – بالذات – من أولئك الذين يدعمهم محمد البرادعى، إمعانا فى عرقلة المسيرة الوطنية واستغلال عدم الاستقرار فى الدفع بالإخوان – مرة أخرى – إلى العملية السياسية كما يريد سادته الأمريكان.
• ثالثا: القول السفيه الذى ألقى به حازم الببلاوى فى "دافوس" يمثل – كذلك – إهانة بالغة للمرأة المصرية ولظهورها الوطنى الرائع فى الاستفتاء على الدستور.
فالأستاذ ببلاوى الخفيف الظريف، لم ير فى خروج النساء للتصويت على الدستور، والطقس الوطنى المفعم بالفرح الذى أشعنه، إلا أنه كان استجابة لنداء عاطفى شقشق فى أدمغتهن بالالتفاف حول رجل (وسيم)!!
يعنى رئيس الحكومة يبغى تصوير خروج النساء لسبب ولعهن بالرجال، ويريد أن يحرم الملايين من الفضليات اللاتى خرجن للاستفتاء من شرف بناء مواقفهن على أساس نضالى أو سياسى، ووفقا لتفكير عقلى أو انحياز للمعنى الحقيقى الذى يمثله الجيش والسيسى فى ضمائر الجماهير، وقد أصبحا عصب الوطنية فى هذا البلد.
• رابعا: بيقين بات خروج الببلاوى من الحكومة ومعه عصبته من الوزراء "البرادعاويين" ضرورة، وأحد عوامل تأمين العملية السياسية فى مصر فقد تأكدت رغبته فى تشويه كل تقدم يحدث فى إطار تلك العملية، كما تأكد من قبل أن تعطيله وتأخيره لكل قرار مطلوب كان لإعطاء الإخوان فرصا للوصول إلى أوضاع أفضل فى صراعهم مع مؤسسات الدولة وبالذات الجيش والشرطة والمخابرات.
وتذكروا كيف عطل ذلك الرجل فض اعتصامى رابعة والنهضة حتى تحولا إلى ثكنتين مسلحتين للإرهاب، وكيف عطل اعتبار الإخوان منظمة إرهابية لثلاثة أشهر، وكيف ترهل فى إقرار قانون التظاهر، وكيف يتقاعس فى إصدار قانون للإرهاب، وكيف تجاوب مع مسخرة حسام عيسى فى منع الأمن من دخول الجامعات لفترة طويلة جدا.
أصبحنا على يقين من أن جلاء حازم الببلاوى عن الساحة هو أحد شروط تقدم العملية السياسية، وإنجاز خارطة الطريق.. لا بل ندعو المولى أن يخلصنا من عار وجود هذا الرجل الخفيف المتفكه على قمة الجهاز الحكومى، لأن حكم مصر أخطر من أن نتركه لرئيس وزراء "بهلول" يعيش فى أحضان علاقة تجمعه والبرادعى أحد كبار المخربين الذين استهدفوا مؤسسات الدولة المصرية فى السنوات الخمس الماضية.