الإثنين 23 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

فتون.. ومحمد عبدالوهاب الثاني!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
رحلتها فى عالم النجومية.. رحلة مليئة بالرقي.. مشوارها بين محطة القيام ومحطة الرسو بالميناء.
عاشت محاطة بكل معانى التكريم والتقدير فهى البريئة والضحية والمقهورة والقادرة على حمل أثقال وهموم الدنيا.. جميلة.. حساسة.. ساحرة.. هى رونق الشاشة.. قدمت حياة الناس وتعايشت معهم.. استطاعت أن تحل رموز الحياة فى القضايا العامة وتحولت لعضو فاعل داخل الأسرة.
ظلت تعطى حتى آخر لحظات حياتها فقد جلست على عرش العطاء الفنى وبمنتهى الثقة فإن (فتون) منجم من الوهج الدرامى وتحولت كلماتها من مجرد فنانة لصاحبة رسالة.
(فتون) هو الاسم التدليلى بين الأصدقاء لسيدة الشاشة العربية فاتن حمامه.. وأول من أطلق عليها اللقب المايسترو صالح سليم، وهو أحد أضلاع شلة الصداقة الحميمة والنجم عمر الشريف زوجها الثانى وأحمد رمزى وكان ينضم لهم أحيانًا العندليب عبدالحليم حافظ.
فاتن حمامة ابنة المنصورة التى اقتحمت موهبتها الصدفة ودفعتها لتتصدر مكانتها وتصبح النجمة، فقد منحتها مجلة فرنسية تلخص هذه القدرة غير مسبوقة لقب «أكثر نساء النيل وعيًا» فقد جسدت شخصية المرأة المصرية لتتحول علمًا من أعلام السينما التى امتزجت بالرومانسية فكتب لها الخلود.. فهى لوحة تشكيلية حيث بدأت عندما أعلنت مجلة المصور عن مسابقة لجمال الأطفال وصورتها.. وقامت السيدة والدتها ولبست الطفلة ملابس ممرضة ووضعت اللمسات لابنتها لتكون عنوانًا للرحمة ووقتها كانت الكاميرات بدائية وفن اختيار الكادرات وأيام انبهر بها الفنان المبدع محمد كريم حيث استدعاها لمقابلتها فى القاهرة وعندما دخلت الأستديو وجدت معها مائة طفلة أخرى وجاء دورها ومعها حضورها وبريقها وسطرت تاريخ ميلادها الفني، فلم ترهب الكاميرات أو اللجان، أعطوها مشهدًا لتمثيله فمثلته قالوا لها احزني.. حزنت.. قالوا اضحكي.. فضحكت.. قالوا لها اسكتى فلم تسكت!
ضمت اللجنة الفنان الكبير عبدالوارث عسر ولم يكن هذا هو موعد السينما مع انطلاق صاروخ فنى لطفلة مستنيرة وأصبحت حديث العالم العربى كله فهى المودة ومعبودة الأسرة، وقتها كانت السينما العالمية التى قدمت شيرلى تمبل نجمة الشاشة الأمريكية التى التى حظيت عام 1971 م بزيارة للإسكندرية بفندق فلسطين بصحبة زوجها وقدما مشروعًا لتأسيس شركة مصايد لأعالى البحار باستثمارات ضخمة ولبى الدعوة اللواء عمادالدين مدكور وطبعًا اتجهت الميديا إلى شيرلى وأهملت المحادثات الاقتصادية ويومها تحدثت بكل شجاعة تحسد عليها حيث كشفت عن إصابتها بمرض عضال بالثدي.. ووقتها أعربت عن استعدادها لتنظيم حملة طبية لمقاومة المرض وأكدت أنها سوف ترتدى ملابس التمريض وأعادت المبادرة ارتداء ملابس ملائكة الرحمة وهو المدخل الذى بدأت به فاتن حمامه رسالتها الإنسانية ولفتت الأنظار بل إنها تقدمت وجذبت الأضواء لتقف على عتبة البطولة أمام الأسطورة محمد عبدالوهاب... الأول... فقد صنع نجوميتها فى ساحة السينما وتحولت إلى الانطلاقة التى حلمت بها بداية من ارتداء البالطو الأبيض الذى احتضنها ويبدو أن هناك مفهوما رسخ بأعماقها منذ الطفولة ليصبح دليل إنسانيتها.. السر فى البالطو الذى احتضنته طوال حياتها الاجتماعية والمناسبات وارتدت (كاب) الهلال الأحمر لتزيم صدرها بهذا الإسهام فى ساحة العمل الإنساني.
استطاعت هذه الموهبة برعاية حجر الأساس الذى أرساه محمد عبدالوهاب أن يزرع فيها الثقافة فى أرقى مراتبها لأن عبدالوهاب هو الأكاديمية الإنسانية الفنية والكوكب الساطع فى سماء الإبداع ونصيب فاتن أن يكون عبد الوهاب هو بمثابة (أول العنقود) صحيح هناك محاولات استنساخ منها مبادرة أنور وجدى لاكتشاف الموهبة فيروز صاحبة العبارة التى عاشت مع الأجيال «أنت بابا.. وأنت ماما.. وأنت كل حياتي» لكن فاتن حمامة هى السلسلة الدرامية التى خاضت بكل الإخلاص للمجتمع وتظل علامة التفوق هى البداية التى أطلقها عبدالوهاب.
قادتها الأقدار لكى يكون لها اللقاء الثانى مع محمد عبدالوهاب... الثاني... وهو العالم الباحث وهو زوجها الثالث فإذا كان عبد الوهاب الأول قد اكتشفها فنيًا فإن الدكتور عبدالوهاب الثانى هو الذى أعاد اكتشافها إنسانيًا واجتماعيًا.. هو أسطورة فى علوم الأشعة وهو فى مدرسة رفعت أعلام هذا التخصص الدقيق واحد من جيل الأساتذة الرواد منهم العالم جمال الدين مسعود والدكتور عفت حسنين وأصبح محمد عبدالوهاب واحدا من أبرز العلماء فى الأشعة التشخيصية.
قد تلقت مكالمة من أقرب أصدقاء الدكتور محمد عبدالوهاب فهو أول من أخطرنا برحيل والدة الفنانة وشعرت بمدى عمق مشاعر الدكتور محمد عبدالوهاب تجاه فاتن حمامة ليست مجرد علاقة أو أداء واجب العزاء لكننى سمعت عميق حزنه للمعاناة التى واجهت (فتون) وحضرت كعضو فى الروتاري.. صحيح أنها نجمة ومثقفة لكن آليات التعامل مع الروتارى له طقوسه قد لا يحتمل خاصة الشريحة الأولى لهذه الأندية وقتها لم تكن تتقبل تواجد مقدمات مبدعة تخطف منهم الأضواء وتتعامل مع نجمة، وتم ترويض هذا المجتمع بكل أطرافة لهذا الرمز التى تجاوبت بحكم إدراكها أبعاد حياتها إلى مسئولياتها الإنسانية بفضل دعم د. محمد عبد الوهاب وهو مواليد 1922م وهى 1937م هو أستاذ الأشعة لكنه فنان راق بل هو مؤسس الأشعة التشخيصية ومن بين تلاميذه الدكتور فؤاد محيى الدين رئيس الوزراء وغيره من الوزراء ورفض الوزارة لكنه زوج ابنته إلى الوزير منصور حسن.. والعمداء منهم جمال الدين مسعود ويحيى حليم.. وله مقالاته وبحوثه المعترف بها دوليًا.. فهو رمز لصفوة العلماء الذين تفخر بهم مصر.
قد تعرض الدكتور عصمت عبدالمجيد الأمين العام للجامعة العربية قبلها تولى منصب نائب رئيس الوزراء للخارجية لحادث سير على الطريق أثناء التوجه إلى الإسكندرية نقل على أثرها لمستشفى المواساة الذى أسسه والده فهمى بك عبدالمجيد وأصر أن يخضع هناك للعلاج وبناء على تعليمات الأطباء لا بد من نقله لمركز الأشعة بالإسكندرية وأجرى الدكتور محمد عبدالوهاب كطبيب بالسفير محمد الديوانى المشرف على مكتب وزير الخارجية والتى أصبح فيما بعد سفيرًا لمصر فى الخارج ونقل رغبة الدكتور عبدالوهاب بضرورة أن يتم إجراء الفحص بالمركز ليكون معه فريق الأطباء المعالجين، ووافق الدكتور عصمت عبدالمجيد على تعليمات الدكتور عبدالوهاب حيث أجرى يومًا كاملًا فى المركز حيث إنه له رؤية وهى إخطار المجتمع الدولى بتفاصيل سلامة البنية الأساسية لجميع أجزاء الجسم حتى لايتسرب أن هناك آثارا قد تؤثر على كفاءة جميع الأعضاء التى تعرضت لهذا الحدث، فهو ليس مجرد مريض عادى لكن لا بد وأن يطمئن الرأى العام لما كشفت عنه التحاليل، لكن النماذج لايعرفها الكثير، إن محمد عبد الوهاب ساهم فى العديد من المشروعات الخيرية والإنسانية فهو ليس عالما فى الأشعة لكنه مؤسسة اجتماعية متنقلة وسجله حافل بهذه المحصلة التى يثاب عنها من الله سبحانه وتعالى فكان أول المتطوعين.. وأول المتبرعين.. وأول المشاركين لأن مسيرة العطاء هى طريقه إلى النور.. وأكثر ما أحزننى قبل رحيله فوجئ الرأى العام بخبر أنه يفكر فى الزواج ورد القدر أنه لبى نداء الرحيل ليحلق بعشقه الأبدى «فتون» فكانت من نصيب الفنان الأسطورى محمد عبدالوهاب فى بدايتها ثم اختتمت بالفنان العالم محمد عبدالوهاب الثانى لكى يكمل معها مسيرتها وتختتم به حياتها.