الجمعة 10 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

حبة نفسنة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"ده بني آدم غلاوي".. جملة مشهورة كثيرًا ما نسمعها ويتداولها البعض خلال الحديث عن شخص قد يصدر منه بعض التصرفات، والتي تبدو في ظاهرها مؤشرا على شعور داخلي بالنفسنة ومشاعر الحقد والغيرة من أقرانه، نظرًا لعجزه عن الوصول لما وصلوا إليه، سواء في الحياة الاجتماعية أو المهنية، وكثيرًا ما نقابل تلك النوعية من الشخصيات والتي يحمل قلبها الغيرة من الآخرين سواء داخل البيت الواحد أو داخل مؤسسة العمل.
ومشاعر الغيرة في حد ذاتها لا تعتبر مرضا داخليا كما يعتقد بعض، ففي بعض الأحيان تكون إيجابية فتصبح دافعا كبيرا للبعض لإنجاز بعض المهمات والأعمال، وفي أخرى تكون سلبية كما ما هو متعارف، وبالتالي تصبح بمثابة آلية للهدم سواء للعلاقات الإنسانية في الحياة الاجتماعية أو العلاقات داخل مؤسسات العمل.
فما أكثر هؤلاء الأشخاص في حياتنا اليومية والذين يمثلون قنبلة موقوتة ربما لا تقل ضررًا عن المخربين والإرهابيين، بل لو نظرنا من الناحية النفسية سنجد أن داخل تركيبة الإرهابي مشاعر الحقد والكراهية الدفينة والتي يترجمها في شكل الأعمال الإرهابية، ففكرة النفسنة أو الحقد تعد بمثابة ناقوس خطر يهدد ترابط أفراد المجتمع فهى تدمير للآخرين دون قصد، ولا ننسى قوله تعالى "في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضًا" وهو أدق وصف لهؤلاء، والذين بدون قصد لا يشعرون بأذية غيرهم.
ففي البيت مثلًا نجد أن النفسنة الزائدة بين الأشقاء قد يدفعهم إلى ارتكاب الجريمة بحق أحدهم، وفي مجتمع العمل نرى أحد الموظفين ربما يسيطر عليه مشاعر الغيرة من زميله، فيحاول النيل منه إما بالإيقاع به في خطأ مهني أو محاولة تصيد بعض الأشياء التي تؤخذ عليه خلال سير العمل، مما يعرضه للعقاب من مدير العمل، وبالتالي تتضرر المؤسسة من حالة الشحن النفسي بين موظفيها، كما في مباريات كرة القدم يحاول لاعب الاحتفاظ بالكرة قدر المستطاع والوصول إلى مرمى المنافس دون التعاون مع زملائه بسبب الأنانية الزائدة الناتجة عن النفسنة وحب الذات.
ولا يمكن القول إنه يمكن السيطرة بأي حال من الأحوال على الشخص المنفسن، فالأمر أشبه بالمستحيل، ولكن على الأقل يمكن توظيف مشاعره السلبية تجاه من حوله لتوظيفها داخل إطار المنافسة الشريفة المجردة من الحقد والغل، فالناجح هو من يحاول توظيف مشاعر النفسنة إلى طاقة إيجابية تدفعه لتطوير مستواه وبالتالي التفوق على أقرانه لا محاولة الإيقاع بهم.