دراسات الإعلام أو الدراسات الإعلامية هى اختصاص ومجال دراسة يبحث فى محتوى وتاريخ وآثار وسائل الإعلام المختلفة، ولا سيما الإعلام الجماهيري، فهى قد تعتمد على تقاليد مستمدة من العلوم الاجتماعية والإنسانية، إلّا أن معظمها مأخوذ من تخصصاتها الأساسية فى الاتصالات الجماهيرية والاتصال ودراسات التواصل. كما يمكن للباحثين فى مجال الإعلام أن يعملوا على توظيف وتطوير نظريات وأساليب من تخصصات مثل الدراسات الثقافية والبلاغة (والتى تتضمن البلاغة الرقمية) والفلسفة والنظرية الأدبية وعلم النفس والعلوم السياسية والاقتصاد السياسى والاقتصاد وعلم الاجتماع وعلم الإنسان والنظرية الاجتماعية وتاريخ الفن والنقد ونظرية الفيلم والنظرية النسوية ونظرية المعلومات!
والبحث العلمى صناعة توجد مفرداتها وعناصرها بالكامل فى مصر وأفريقيا، لكنها ليست بكفاءة مثيلتها فى الدول المتقدمة، بيد أن كفاءة البحث العلمى البشرية والعقول المتميزة فى الدول الأفريقية والعربية أكثر من الدول المتقدمة، وفقا لما أكده الرئيس السيسى خلال ملتقى الشباب العربى والأفريقى بمحافظة أسوان مؤخرًا.
وهناك جانب آخر برأيى أعتقد أنه من أسباب تراجع البحث العلمى الإعلامى وهو أن معظم أبحاثنا الإعلامية لا يتم استخدامها أو تطبيقها على الواقع المعيش ومعظم ممارسات الإعلام بعيدة تمامًا عمَّا تجود به هذه الدراسات والكتب المبذول فيها جهد كبير من أصحابها، ولكنها تتحول إلى أشياء عقيمة توضع على أرفف المكتبات العامة والجامعية ومعظم الأبحاث، التى يعدها الأكاديميون بالجامعة بهدف الترقية السريعة وتحسين الدخل الوظيفى وإنما ليس بغرض البحث العلمى بأى حال من الأحوال!
وهناك أمر آخر وهو انعدام ثقة الناس فى معظم الإعلام بسبب اتخاذه وتبنيه رؤية واحدة ثابتة فى الطرح، دون أن يتضمن رؤى أخرى مختلفة تسير إلى جواره وتتيح للأفراد المناقشة والاختلاف والتحاور العقلانى البناء بعيدًا عن الضجيج والغوغائية، التى أصبحنا نراها اليوم فى مختلف وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، بالرغم من الاختلاف والتنوع هو قلب وروح الإعلام وصحافته! بالإضافة إلى أن دراسات حديثة أمريكية بررت تراجع ثقة الناس فى الدراسات الإعلامية ودور الإعلام نسبيًا إلى أسباب أضعفت من مصداقيته، وأدى إلى تراجع ثقة الناس فيما يقدم لهم من أخبار ومعلومات وصور وآراء، لكن يظل الاحتكار فى ملكية وإدارة الإعلام هو السبب الأكثر أهمية فى ضياع الثقة فى الإعلام الأمريكى، حيث إن ٩٠٪ من وسائل الإعلام الأمريكية تملكها ست شركات كبرى، مما أدى إلى اختفاء الاستقلال فى التقارير والرأى!.
كما أكدت بحوث ومشاهدات كثيرة أن ثقة الجمهور فى الإعلام والإعلاميين تراجعت إلى حد كبير، بعدما فشل الإعلام فى إقناع المواطنين فى بعض الدول الأوروبية، مثل بريطانيا التى فشل إعلامها فى إقناع الناخب بأهمية الاستمرار فى الاتحاد الأوروبى!.
وفى أمريكا فشل الإعلام فى إقناع المواطنين وتحريضهم على الإطاحة بترامب، الذى سيقود البلاد إلى الهلاك الوشيك! ومما يدعم هذه الرؤية أن هناك دراسة أمريكية حديثة وجدت أن غالبية الأمريكيين لا يثقون فيما يطلعون عليه من أخبار وآراء، وقال ٦٪ فقط لديهم قدر كبير من الثقة فى الصحافة، مقابل ٥٢٪ يقولون إن لديهم بعض الثقة، بينما أشار ٤١٪ إلى أنهم لا يثقون فى الصحافة والإعلام!
وهناك دول أخرى فى العالم الثالث فقد فيها المواطنون الثقة فى إعلامهم، بسبب تمسكه برؤية واحدة، وبالتالى أصبح يسير فى طريق انعدام تأثيره على الأفراد فى التنشئة وفى الدعاية لمنتج أو لقضية ما وهو ما انعكس بالطبع على ضعف شراء الصحف الورقية، فضلا عن انعدام الإعلانات تقريبا فى معظم الصحف، الأمر الذى دفعها إلى تقليل العمالة والصحفيين بها، لتقليل النفقات وقلة الإعلانات فى القنوات الفضائية، وهناك قنوات تم بيعها وصحف أغلقت واتخذ المواطنون من وسائل التواصل الاجتماعى مكانًا للتعبير عن آرائهم، حتى صار الفيس بوك منبرا للتنوع والاختلاف لمن لا منبر له!
أسباب تراجع البحث العلمى الإعلامى عندنا غياب الروح العلمية عن كثير من جوانب الحياة فى حياتنا، فكم قناة علمية متخصصة فى مقابل القنوات الكثيرة التى تبث الخرافات والخزعبلات التى تلقى مشاهدة وقبولا من العامة والمثقفين على السواء!.