استوقفني بيان وزارة الداخلية حول الحادث الانتحاري "الإرهابي"، الذي استهدف قوة أمنية بسوق الثلاثاء بمدينة الشيخ زويد، حيث قام الأرهابي بتفجير نفسه في القوة أثناء إجراء أعمال التمشيط ومتابعة الحالة الأمنية، ما أسفر عن استشهاد ضابطين وفردي شرطة واستشهاد ثلاثة مدنيين بينهم طفل عمره 6 سنوات وإصابة 26 آخرين، اعتدنا من الإرهابيين عمليات "الخسة" وحروب الجرذان واللعب على طريقة "اضرب واجري".
استقر في وجداننا أن العمليات الانتحارية هي نتاج طبيعي لتضييق الخناق والمجهود الأمني والضربات الاستباقية، وأن فلول الإرهاب تلجأ لهذا التكتيك "الانتحاري" حينما تضيق بها السبل، إلا أن عمر العنصر الانتحاري الذي استغلته الجماعات الإرهابية لتنفيذ العملية وهو 15 عامًا تقريبًا كما حدده بيان الوزارة، استوقفني للحظات أدركت فيها إلى أي مدى وصل هؤلاء الشرذمة من خسة وفقدان للشرف، أي فكر يحمل صاحبه لإقناع طفل "بالمال أو غسيل المخ" وتفخيخه ليفجر نفسه في قوة أمنية في محاولة بائسة لإثبات التواجد وإحداث "ضجة" زائفة بمثلث رفح والعريش والشيخ زويد "مسرح العمليات من بداية المعركة".
الإرهابي "عديم الشرف" الذي فخخ الطفل هو بعينه الذي اقتحم مسجد الروضة بالعريش في 24 نوفمبر 2017 وقتل المصلين أثناء أداء صلاة الجمعة، وهو نفسه الذي هاجم المسلمين في مسجد بنيوزلندا وأسال دمائهم هو الذي استهدف دور العبادة المسيحية أكثر من مرة، وهو بعينه الذي استهدف المدنيين "العزل" في شمال سيناء بعدما فشل في مواجهة سلاح القوات، مما يعد انعكاسًا منطقيًا لحالة التخبط التي أصابت قياداتهم بعد الضربات المركزة التي وجهتها القوات المسلحة وجهاز الأمن الوطني لأوكارهم في معركة أسميها شخصيًا "معركة حياة".
ولعل أبرز ما يبعث على الضحك في مسألة تمويل العناصر الإرهابية والدعم اللوجيستي الذي يتلقونه هو اعتمادهم الكلي على تجارة "الهيروين" كمصدر رئيس لتوفير الأموال في مشهد تناقض بدرجة امتياز يجعلك تقف مذهولًا أمام من يدعي نصرة دين الله وتطبيق شريعته، ويعتمد على استخدام الأطفال في التفجير والتفخيخ وعلى المخدرات كمصدر للأموال لتأمين الطعام والشراب و"الحبوب المخدرة"، يوم بعد الآخر يثبت هؤلاء الشياطين أنهم شر لا بد من إبادته، وسرطان وجب على الرأي العام الدولي والمتشدقين بحقوق الإنسان والطفل مواجهته، كذلك منظمات المجتمع المدني، أما آن الأوان لمواجهة هؤلاء الإرهابيين بالفكر؟ متى تتحرك هذه الكيانات التي لمساندة الأجهزة الأمنية في حربها على الإرهاب بعد التيقن أن المواجهة الأمنية وحدها لا تكفي، بالأمس استغلوا طفلًا وفخخوه، واليوم أوصيكم بتحصين أطفالنا وشبابنا لئلا يسقطوا فريسة بين براثن عديمي الشرف.