اعتادت أعيننا عل رؤية "الوابور والكنكة" في افلام الزمن الجميل، ذلك المشهد الذي كان يجسد مدي البساطة التي كانت منتشرة في ذلك الوقت من الزمن، وإن كنت من الأجيال القديمة فقد شاهدت أيضًا ذلك الأمر في منزل أجدادك، فقط عد بخيالك إلي الماضي قليلًا وتخيل مدي البساطة والرضا في تلك الحياة بكل ما هو بسيط وتقليدي.
في الوقت الحالي اختفت تلك الأمور من منازلنا، خاصة وأننا جميعًا نواكب العصر الحالي والتطور والتكنولوجيا، لكن مازالت بعض الأبواب تحافظ علي تلك الأمور عن طريق إعادة إحيائها من جديد، في محاولة للحفاظ علي هذا التراث الأصيل.
عند عبورك من بوابة النصر تجد نفسك على أعتاب منطقة تعرف باسم "المبيضة" تلك المنطقة التي اشتهرت بوجود ورش خاصة بصناعة السبرتاية والكنكة بها، فهناك أصوات آلات الخراطة والطرقة وغيرها من الأصوات المتداخلة، لكن يشد انتباهك صوت الفنان محمد قنديل علي أغنية "يا حلو صبح"، هنا فقط تتوقف قدمك لتدخل إلي مكان تصنيع السبرتاية وتجد كل شخص يجلس أمام الآلة الخاصة به ويبدع في إخراج القطعة المسئول عنها علي افضل وجه.
"الصنعة دي من الحرف المهمة اللى بتحتوي على التراث المصري وتعتبر من اشغال الهاندميد اللى بتنقرض انقراض كلي وجزئي".. هكذا بدأ الحاج يسري رشاد حديثه عن تصنيع السبرتاية والكنكة، متابعًا: "العمالة بتاعتها قلت جدا وهي شغلة موسمية وبتعتمد علي السياحة سواء كانت سياحة عربية أو أجنبية"
"فكرة السبرتاية قديمة جدا وتطوير الاشكال بيرجع لابتكار المصنع نفسه، والعامل المصري عنده خبره الابتكار والتجميل والذوق، لان اللى بيشتغل في المهنة دي لازم يكون بيحبها عشان يقدر يبتكر فيها".
وعن خطوات التصنيع، أضاف الحاج يسري: "القطعة بتبقي بدايتها عبارة عن شريحة خام، بتدخل علي المخرطة علي القالب المخصص للشكل بتجهز عليه، وبعدها بتنزل عند السمكري بيبدأ يحط الكعب بتاعها اللى بتتقفل بيه من الداخل، وبعدين ترجع تاني المخرطة تتقفل وترجع مرة تانية للسمكري يحطلها الأرجل والمشتملات الخاصة بيها وبعدها بتتلمع وتتفنش".
"الشغلانة دي عمرها ميتحددش.. لأنها قديمة جدا جدا وتوارثته أجيال ورا أجيال ورا أجيال، لكن الأهم من دا كله اننا نحافظ عليها وعلي تراث الزمن الجميل اللى خلاص بقي بيختفي يوم ورا يوم"، متمنيًا أن يكون هناك توعية بالتراث المصري وتنظيم ورش تدريب وتوعية خاص بالحرف التراثية.
