تحدثت فى مقال سابق عن أهمية المشاريع القومية التى تقوم بها الدولة فى الوقت الحالى، وكيف ستعود على قطاع السياحة بانتعاش نتيجة حل كثير من المشاكل التى تواجه القطاع، فمشروع «جبل الجلالة» سيكون نقلة كبيرة فى تغيير شكل البرنامج السياحى التقليدى الصلب غير القادر للتطوير، فالجلالة سيساعد على دمج السياحة الثقافية والشاطئية فى برنامج واحد بشكل مرن وأسهل من البرامج الأخرى التى تحاول تنفيذ هذا الشكل من البرامج السياحية، بخلاف قاعة المؤتمرات الدولية التى تساهم فى تنشيط سياحة المؤتمرات، وتوفير الكثير من الأموال على الدولة فى تنفيذ المؤتمرات الدولية لقرب مدينة الجلالة من القاهرة.
والآن علينا بالنظر لمشكلة من أهم المشاكل التى تواجهنا فى قطاع السياحة وتواجه كثيرا من الدول السياحية ترغب فى زيادة تدفق عدد السائحين وزيادة الحراك السياحى من الأسواق الأوروبية، خاصة وهى مشكلة الموسمية، لذلك نجد أن فترة الصيف هى فترة ركود سياحى فى أغلب المدن السياحية، أما ساحل البحر المتوسط فأصبح غير قادر على استيعاب الأجانب لشدة الازدحام فى المدن الساحلية وتحويل الساحل الشمالى لمكعبات أسمنتية ليس بها عدد كاف من الفنادق التى قد تستوعب استقبال الأجانب، بخلاف العشوائية فى التخطيط العمرانى للساحل الشمالي، لذلك يعتبر قطاع السياحة فى مصر يعمل بنصف طاقته فقط.
حتى تم الإعلان عن مدينة العلمين الجديدة، المدينة المليونية من الجيل الرابع التى ستنتشل الساحل الشمالى الغربى من الإهمال والعشوائية التى عاشها غرب مصر فى الماضى؛ فقد وصل الإهمال إلى أن كثيرا من المواطنين، لم يكن يصل لهم مياه صالحة للشرب، برغم وجود كل المقومات السياحية والأثرية والبيئية فى الساحل الغربى لمصر.
هذه المدينة التى تنفذ بأيادى شباب يمتلكون إرادة حقيقية، تستطيع صنع المستحيل، ستقوم بتغيير شكل السياحة فى مصر؛ فبعد أن كنا نعمل فى فصل الشتاء فقط، سنصبح قادرين على استيعاب السائحين طوال العام. وقد وصل حجم استثماراتها إلى 70 مليارًا بخلاف قربها من واحة سيوة الغنية بكل مقومات السياحة البيئية والأثرية، مما يتيح تنفيذ برامج سياحية متنوعة بها عدة أنشطة سياحية وترفيهية وسياحة المغامرات، وكذلك قربها من آثار مارينا العلمين، والتى تعتبر من أهم وأشهر الموانئ الأثرية القديمة فى مصر، فى العصرين اليونانى والرومانى، وأيضًا قربها من مقابر ضحايا الحرب العالمية الثانية «ضحايا دول الكومنولث»، التى توارى رفات 20 ألف محارب، وتعتبر هذه المقابر من أهم المزارات السياحية فى الساحل الغربى لمصر، ويتم إحياء ذكرى الضحايا كل عام فى وجود أهم الشخصيات والسفراء وممثلين عن دول الكومنولث، وليس هذا فقط؛ فهى قريبة جدا من مدينة الإسكندرية بكل مقوماتها وتاريخها ومعالمها.
كل هذا يميز الموقع الفريد الجغرافى لمدينة العلمين الجديدة، والموقع الجغرافى هو محور واحد من محاور مقومات نجاح مشروع مدينة العلمين الجديدة، أما إذا نظرت لأبعاد المشروع؛ فستجد مدينة عالمية لا تقل عن مشروع العاصمة الإدارية الجديدة، فهى تضم 10 آلاف وحدة سكنية وقطاعا ساحليا، مكونا من: «حى الفنادق - مركز المدينة - الحى السكنى المميز - مركز المؤتمرات - حى حدائق العلمين - مرسى الفنارة - المنطقة الترفيهية - منتجع خاص - مركز ثقافى - إسكان سياحى - حى مساكن البحيرة - أرض المعارض»، ومنطقة أثرية مكونة من متحف مفتوح ومنتزه دولى ومنطقة ترفيهية وفنادق وخدمات ميناء، وقطاع حضارى به جامعة عالمية، تضم أهم الكليات، وكذلك 20% من مساحة المدينة ستكون مركزا سياحيا عالميا، و8 منصات منفصلة تطل على البحر مباشرة، كما تضم 15.500 غرفة فندقية على مساحة 296 فدانا، وتضم أيضًا بحيرة العلمين ومعارض وملاهى وميدتاون ومركزا ثقافيا عالميا ودار أوبرا منفذة بأعلى التقنيات الحديثة، ومكتبة بحجم مكتبة الإسكندرية ومنتزها دوليا، ونوادى رياضية ومراكز تجارية. نحن أمام مشروع سيكون نقطة فاصلة فى مسار القطاع السياحى فى مصر، ولكن علينا التسويق الجيد لهذه المدينة، تسويق بقدر المجهود والعبقرية فى تخطيط وتنفيذ المدينة.