ذكرت صحيفة (واشنطن بوست) أن أزمة إنسانية آخذة في النمو في شمال شرق سوريا مع هروب عشرات الآلاف من الأشخاص جراء القتال العنيف في المعركة الحاسمة الشهر الماضي ضد تنظيم (داعش) الإرهابي وتدفق هؤلاء النازحين على مخيم مُزدحم على نحو بائس فوق هضبة صخرية هناك.
وقالت الصحيفة في تقرير نشرته على نسختها الإلكترونية إن أكثر من 73 ألف شخص، غالبيتهم نساء وأطفال، الآن مُكدسون في مخيم الهول الخاضع لسيطرة القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة، والمخيم الذي افتُتح في عام 1991 لاستضافة اللاجئين العراقيين، خلال حرب الخليج أقيم في الأساس ليستوعب بالكاد نصف هذا الرقم.
ووسط ما يبدو كبحر من الخيام البيضاء ينام الآلاف في فضاءات مشاعية، يتغوط الأطفال في العراء، بينما ترك الجرحى جراء المعركة دون علاج، ويعاني آلاف من النازحين من سوء التغذية.
وأضافت الصحيفة إن هناك ثلاث عيادات متنقلة في المخيم بينما تمتلئ المستشفيات المحلية عن آخرها بالمصابين بجروح خطيرة جراء الحرب، ويعطى المصابون بجروح غير مهددة للحياة مسكنات أو مضادات حيوية قبل أن يمضوا في طريقهم.
وقالت لجنة الإغاثة الدولية إن 31 شخصا لقوا حتفهم، الأسبوع الماضي فقط، وهم في الطريق إلى المخيم أو بعد وصولهم بفترة وجيزة جراء جروحهم الشديدة أو لمعاناتهم من سوء التغذية ليرتفع عدد هذا النوع من الوفيات إلى 217.
وعلى طول طرق المُخيم المُمتلئة بالقاذورات، والذي أصبح موحلا الآن جراء هطول الأمطار، يكافح مبتورو الأطراف لنقص المقاعد المتحركة أو العكاكيز، ويساعد الأطفال، الذين يشكلون 65% من سكان المخيم، في نقل المصابين وأقاربهم من كبار السن بعربات صغيرة مصنوعة من القماش.
وحاصر التدفق السريع والضخم للمدنيين ومن ضمنهم السوريون والعراقيون وآلاف من الأجانب الذين جاءوا للعيش في المناطق الخاضعة لسيطرة داعش وكالات المساعدات والسلطات المحلية التي تقول إنها تسابق الزمن للتعامل مع احتياجاتهم.
وقال مسؤول إغاثة بارز يعمل على تنسيق المساعدات الدولية، طلب عدم الإفصاح عن هويته نظرا للطبيعة الحساسة للعمليات في المخيم، "إنها حالة طارئة.. أزمة خطيرة.. هناك كثير من الناس يصلون في نفس الوقت.. كثير من الناس لم نكن نتوقعهم ونحن في حاجة إلى التوسع بشكل سريع".
وأعلن المقاتلون الأكراد المعروفون بقوات سوريا الديمقراطية انتصارهم عسكريا على تنظيم داعش الشهر الماضي بعد عملية عنيفة وقاسية لاستعادة السيطرة على المعقل الأخير لداعش في قرية الباغوز الشرقية، وبينما لم تكن القرية سوى الخيط الأخير فيما كانت تعرف بـ "دولة الخلافة" لداعش كان بها نحو 66 ألف شخص في قبضة الإرهابيين هناك.
وخلال عملية الباغوز، أسست قوات سوريا الديمقراطية مراكز فرز لفصل الرجال ومن ضمنهم المسلحون المشتبه في انتمائهم لداعش وإرسالهم إلى مراكز احتجاز في مدن في شمال شرق سوريا، وجرى نقل النساء والأطفال إلى مخيم الهول.
وتم فصل الأجنبيات وأطفالهن في ملحق تابع بالمخيم، حيث يراقبن من قبل حرس مسلحين ويجب مرافقتهن عند زيارتهن لمواقع أخرى من المخيم، وفرض الفصل نظرا للتوترات بين النساء الأجنبيات كونهن أكثر تشددا وسكان المخيم الآخرين من السوريين والعراقيين والذين هرب كثير منهم من قبضة داعش.
وقالت كورين فليشر وهي مسؤولة أممية في دمشق في بيان إنه بينما تبدو العداءات في الباغوز قد انتهت إلا أن الأزمة مازالت بعيدة كل البعد عن الانتهاء، وأضافت "نحن لا نعلم ما إذا كان آخرين في الطريق".
وأعلنت الأمم المتحدة هذا الأسبوع 4.3 مليون دولار مساعدات إضافية لمخيم الهول متضمنة خياما وبطاطين أدوات صحية شخصية وإمدادات أخرى صحية، وهناك خطط لبناء مستشفى ميداني واحد على الأقل.
وقالت نازلة أركان محتضة ابنتها التي تعاني من الهزال "أرجوك.. أنظر إلى ابنتي إنها مريضة للغاية هي في حاجة إلى مستشفى"، وقالت أركان إنها أتت من تركستان وهي المناطق في آسيا الوسطى والمناطق المسلمة في غرب الصين.
وقال مسؤولو المخيم إنهم يخشون من مجموعة من المشاكل من انتشار الأمراض المعدية إلى العنف الجنسي ضد القصر والعداءات من سكان المخيم الذين مازال بعضهم مواليا لداعش.
وكثير من الذين وصلوا إلى المخيم مؤخرا، وفقا لسلطات المخيم، مازالوا أتباعا مُخلصين لأيدولوجية داعش لدرجة دفعت بعضهم إلى رفض المساعدات بل وهاجم بعض منهم حراس المخيم وموظفيه.