لم يكن قرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب باعتراف واشنطن بسيادة العدو الإسرائيلى المحتل على مرتفعات الجولان أمرًا مفاجئا بالنسبة للعرب، فقد ارتكب من قبل ترامب نفس الحماقة أو الجريمة عندما أعلن منذ أقل من عام، القدس عاصمة لإسرائيل بقرار منفرد متحديًا كل قواعد القانون الدولى والشرعية الدولية وانتهاك صريح لقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة. وكانت وزارة الخارجية الأمريكية قد أصدرت تقريرها السنوى حول حقوق الإنسان فى العالم، وقد خلا هذا التقرير من وصف المناطق التى احتلتها إسرائيل فى حرب ١٩٦٧، بأنها مناطق محتلة خلافًا للسياسة الأمريكية المتبعة فى السنوات الماضية. وقد لقى المشروع الصهيو- أمريكى بشأن القدس رفضًا قاطعًا وهزيمة للمؤامرة، فقد أصدرت الأمم المتحدة فى ديسمبر ٢٠١٧ قرارًا بغالبية كبرى برفض اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال بتأييد ١٢٨ دولة ورفض ٩ وامتناع ٣٥ عن التصويت. وقد قدمت الخارجية المصرية مشروع القرار بالتنسيق مع المجموعة العربية والأوروبية بدافع المسئولية الوطنية والمسئولية القومية العربية. هكذا استطاعت الأمة العربية والعالم هزيمة المشروع الصهيو-أمريكى بشأن القدس واعتبار القرار كأن لم يكن. وبمجرد إعلان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بقرب صدرو قرار من واشنطن باعترافها بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان السورية المحتلة، تم رفض القرار عربيًا ودوليا واسعا، حيث أكدت مصر موقفها الثابت باعتبار الجولان أرض سورية محتلة، كما أعلنت سوريا وروسيا رفضهما قرار الرئيس الأمريكى ترامب، واعتبرت بعض الدوائر السياسية الأمريكية أن القرار الأمريكى يناقض سياسات الولايات المتحدة على مدى نصف قرن، وأن قرار ترامب بضم الجولان استهدف أضعاف علاقة اليهود بالحزب الديمقراطى، وإصراره على أن الديمقراطيين يعادون إسرائيل والشعب اليهودي. أيضا رفض الاتحاد الأوروبى سيادة إسرائيل على الجولان، كما رفض القرار كل من الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجى والبرلمان العربي. وبهذا القرار فقدت الولايات المتحدة مصداقيتها لدى قادة وشعوب الدول العربية كلها، ولم تعد تصلح لتكون طرفًا فى حل أى قضايا عربية سواء فى فلسطين أو سوريا أو غيرها من الدول، لأن الولايات المتحدة أظهرت وجهها القبيح عندما انحازت للعدو الإسرائيلى، واتخذت قرارات ضد القانون الدولى، والشرعية الدولية، وأيضًا ضد الدستور الأمريكى، فضم إسرائيل للجولان التى احتلتها فى ١٩٨١ يناهض الدستور الأمريكى الصادر فى ١٧٧٨ وهو أول دستور أمريكى يقر بحقوق الشعوب فى تقرير مصيرها. إذن فالجولان أرض عربية محتلة منذ ١٩٦٧، أما قانون الكنيست الذى صدر فى ١٩٨١ فهو قرار غير قانونى وغير شرعى، فلا معنى لضم الجولان لأنها أرض عربية محتلة. وإذا كان الدستور الأمريكى قد أقر فى ١٧٧٨ بحق كل الشعوب فى نيل حريتها واستقلالها وسيادتها على أراضيها، فهذا معناه أن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بقراره سيادة إسرائيل على الجولان المحتلة، قد خالف الدستور الأمريكي. ما حدث من الرئيس الأمريكى بشأن الجولان يؤكد أن إعادة أمريكا بمحاربة داعش فى سوريا والعراق غير حقيقى، فالولايات المتحدة وبدعم قطر وتركيا يقومون بتمويل الإرهاب ونقل الإرهابيين وتوفير غطاء آمن لهم من أجل أن يستخدموا هذه التنظيمات الإرهابية فى الدول العربية لهدم الدولة الوطنية. أتمنى أن تكون القمة العربية فى نهاية مارس الحالى بدولة تونس الشقيقة يكون عنوانها «القدس عربية.. الجولان عربية».. وأن يتخذ القادة قرارًا بعودة سوريا إلى حظيرة الجامعة العربية ومساندتها عربيًا ودوليا حتى عودة الجولان المحتلة. وقد استشعرت مصر خطورة تنقل التنظيمات الإرهابية بين الدول بعد هزيمتهم فى سوريا والعراق، ومكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات وسبل تعزيز التعاون كان هو عنوان القمة الثلاثية التى عقدت فى القاهرة بين قطر والعراق والأردن، لمواجهة هجرة الإرهابيين وإفشال مخططات الدول التى تدعم الإرهاب وتموله بالمال والسلاح. وإذا تكاتف العرب على قلب رجل واحد مثلما فعلوا فى ٦ أكتوبر ١٩٧٣ سوف يفرضون رأيهم وأجندتهم على الولايات المتحدة التى تدعم إسرائيل من أجل مزيد من احتلال الأرض العربية.
آراء حرة
جريمة ترامب في الجولان
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق