الخميس 03 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

"البوابة نيوز" تخترق عالم "المشعوذين" عبر إعلان لـ"دجال" بـ"الغورية".. يزعم أنه "شيخ مبروك" لديه قدرات خارقة لعلاج "مس الجن" وجلب الحبيب و"رد المطلقات".. عادل عامر: قانون مواجهة الدجل صدر عام 1960

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«جلب الحبيب».. «قراءة الطالع».. «فك العمل والسحر».. «القضاء على مس الجن».. «رد المطلقات»، شعارات ومفردات يتباهى بها الدجالون والمشعوذون للنصب على ضحاياهم من كل الشرائح الاجتماعية، بما فيها الطبقات الراقية شديدة الثراء وأعلى الدرجات العلمية أحيانًا، خاصة من السيدات، بزعم حل مشاكلهم النفسية، وباتت حوادث الوقوع فى براثن «الدجالين» خبرًا يوميًا شبه معتاد فى غالبية صفحات الحوادث، نتيجة الجهل وأساليب الخداع النفسى التى يلجأ اليها الدجالون، وإيمان الضحايا الشديد فى بداية الأمر، بقدرة المشعوذ على حل مشاكلهم، قبل اكتشافهم فى نهاية الأمر وقوعهم فى براثن نصابين محترفين.


اختراق عالم الجن والشعوذة
«البوابة نيوز» حاولت اختراق ما يعرف بعالم «الجن والعفاريت»، من خلال وسيط، يعمل بمقهى قديم صغير بحى «الغورية»، يروج لأحد الدجالين، بإعلانات صغيرة الحجم، مدعيًا أنه «شيخ مبروك» من أهل الخطوة، مكشوف عنه الحجاب، له علاقة بالجن والعفاريت، قادر على التخلص منهم وشفاء الناس، وفك الأعمال السفلية، يحمل الإعلان اسمه ورقم هاتفه وعنوانه تفصيليًا، وبعض قدراته الخارقة مثل العلاج من مس الجن والسحر والربط والحسد، جلب الحبيب، رد المطلقات، ولجأت «محررة البوابة نيوز» للشيخ المزعوم وقدراته الخارقة لحل مشكلتها، عبر تجسيد دور فتاة تخشى «العنوسة» وترغب فى الزواج من شاب يرفضه والدها دون مبرر، ويرفض كل شاب يتقدم للارتباط بها، ومن خلال الهاتف، دار الحوار التالي:
«البوابة نيوز»: السلام عليكم يا شيخ جمال، أنا «سلمى» عندى ٢٨ سنة، وحصلت على الكارت الشخصى الخاص بك من «القهوجى فلان»، وسردت عليه قصتها المختلقة.
«الشيخ»: ما الشهادات التعليمية التى حصلتى عليها وما وظيفة والدك؟
«البوابة نيوز»: بكالوريوس تجارة، ووالدى مهندس بترول.
«الشيخ»: لا يمكن فحص حالتك فى الهاتف، ولابد أن تأتى إلى منزلى خلال جلساتى للمرضي، وكشفى ٣٠٠ جنيه ولدى طرق متعددة لعلاجك، فالغالب انتى مصابة بجن عاشق، يجعل والدك يرفض كل من تقدم للزواج منك، وهذا علاجه حالتين، أولهم أن تأتى بوصفات معينة من عند عطار سأرشدك إليه وتتابعى معى لمدة ثلاث ليال متواصلة، واقرأ عليكى بعض العبارات الخاصة بي.
أما وسيلة العلاج الثانية، فتستمر لمدة شهر، وآخذ منك جزء من ملابسك الخاصة وكل جلسة بـ٢٠٠ جنيه، مدتها ساعة كاملة ثلاث مرات أسبوعيًا، لكن كل هذا سيتم تحديده عند رؤيتك والكشف عليكي، ويمكن أن أحتاج والدك للكشف عليه، لعل يكون هو الممسوس وليس انتى، حينها ستكون وسائل العلاج مختلفة، خاتما المكالمة بقوله: «أستأذنك يا آنسة لأن لدى جلسة علاجية، وسأنتظرك أو اتصلى مرة أخرى ليلًا، لكى تعرفى تفاصيل أكتر عن جلسة علاجك أو علاج والدك».


شيوخ الأزهر: الشعوذة لا علاقة لها بالإسلام
من جانبه قال الشيخ محمد عبدالسميع، أحد شيوخ دار الإفتاء المصرية، إن المصريين يعيشون حالة من تجلى الأوهام والخرافات، بشىء اسمه فك السحر أو الأعمال السفلية موضحًا مفهوم السحر، بأنه تلبس شيطانى وتواجد الشيطان داخل جسم الإنسان المسحور، وأن الذهاب وراء الشيوخ لإبطال السحر أو ما شابه، هو جرى وراء الأوهام يعرضهم للابتزاز من جانب الكثير من المدعين، منوهًا على أن الله سبحانه وتعالى علم النبى «محمد» كيف يفك السحر وذلك بالمعوذتين والصيام، مشيرًا إلى حديث الرسول «إن الشيطان يجرى من ابن آدم مجرى الدم، فضيقوا عليه مجاريه بالجوع» أى اطردوه بالصيام.
وعن بعض طرق الفك المنتشرة مثل قراءة القرآن على المياه وإضافة بعض أوراق الشجر عليها، والدهن بزيت الزيتون، قال «عبد السميع»: «اجتهادات شخصية لبعض الناس ولم يرد فيها أثر من الشريعة، ورواج تجارة بعض من يطلقون عليهم المشايخ واشتغالهم بأعمال فك السحر، لم يدرس فى الأزهر الشريف، ولكن يدرس الوقاية من السحر، ولا يوجد باب فى الشريعة اسمه علم السحر».
وأكد، أن وقوع السحر، هو أمر واقع تحت تقدير الله ومشيئته، وأنه ليس بالضرورة أن يضار المسحور، والناس خصوصا السيدات تضخم من هذا الأمر، رغم أن حله بسيط، وأنه واقع وله جزاء حق، ولكن الوقاية منه يكون عن طريق الذكر والصلاة وقراءة آية الكرسى ١١ مرة قبل النوم، وقراءة المعوذتين وسورة الإخلاص.
وقال الدكتور محمد عبد العاطى، الأستاذ بكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر، إن أعمال السحر، دليل على الجهل والتخلف وغياب الأخلاق والرجعية وقلة الإيمان فى قلوب الناس، وعدم التصديق بالقضاء والقدر، ومعظم الأعمال التى يعملها بعض قليلى الإيمان، وكل أعمال السحر تتضمن أعمالا كفرية، منها الاغتسال باللبن، وإهانة المصحف، وكلها أعمال شيطانية نجسة خبيثة، والوقاية من هذه الأعمال، تكون بالرقية الشرعية، أما الاستعانة ببعض الأشخاص لفك السحر فهذا دجل وعلاج للجهل بالجهل، وباب للفوضى والارتزاق.
ويرى الدكتور ماهر الحولي، أستاذ الدراسات الإسلامية، أن رأى الدين واضح فى هذه المسائل، ولا يحتاج إلى اجتهاد ودليله الأحاديث الشريفة للرسول الكريم، وادعاء علم الغيب كفر وكذب، لأن الله وحده المختص بعلم الغيب ولا أحد سواه من الإنس أو الجان.


علماء النفس: المرأة أكثر من الرجل استنجادًا بالسحرة
من جانبه أكد الدكتور محمد البشبيشي، أستاذ علم النفس، أن توجه الإنسان بشكل عام رجل كان أو امرأة للمشعوذين، يدل على شكل من أشكال التراجع فى التفكير، لأن الأصل فى التفكير أن يؤمن الإنسان بالفهم والمنهج العلمى فى حل المشكلات، ولا يركض وراء التحليل غير المنطقى بالاستعانة بالسحرة والمشعوذين، ومن يفعل ذلك ويلجأ إلى السحرة والمشعوذين إيمانًا منه بأنهم يمتلكون قوة خارقة تمكنهم من تحقيق ما عجز الطب والعلم عن تحقيقه، لديه نقص فى الوازع الديني.
وأوضح «البشبيشي» أن المرأة صاحبة الخطوة الأولى فى الاستنجاد بالسحرة والمشعوذين، لأسباب عاطفية، أكثر من الرجل، وحينما تقف عاجزة حيال مشكلة ما، سواء كانت اجتماعية أو نفسية أو صحية، تلجأ إلى السحرة والمشعوذين لعلها تجد عندهم ضالتها لحل مشكلاتها.
وأشار، إلى أن العلاج يبدأ بإعادة التهيئة دينيًا وعقائديًا، لأن الإنسان عليه أن يكون وقافًا عند حدود الله فلا يتعداها، وأن يتبع منهج القرآن والسنة الحميدة فى التعامل مع الأحداث، بالإضافة إلى أن التربية لها دور مهم جدًا فى علاج الظاهرة، فى البيت والمدرسة، لافتا أن بعض وسائل الإعلام، لعبت دورًا سلبيًا فى موضوع انتشار ظاهرة لجوء الناس رجالًا أو نساءً إلى المشعوذين والسحرة، وساعدت على تغلغلها فى المجتمعات العربية عبر الأعمال الفنية والدرامية التى تعرض هذه الظاهرة، التى تعكس درجة التخلف فى المجتمع العربي.


قانون غير ملائم للعصر.. غرامة وحبس شهر
أكد الدكتور عادل عامر، الخبير القانوني، أن القانون الذى يطبق فى مصر فى مواجهة ظاهرة الدجل والشعوذة، تم إصداره عام ١٩٦٠، ومن ذلك الحين لم يتم تغييره ولم تجر عليه أية تعديلات، ويتم التعامل مع هذه الجرائم بموجب المادة ٣٣٦ من القانون، التى تنص على أن ممارسة أعمال الدجل والشعوذة «جنحة»، ومن يقم بذلك يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر، وبغرامة لا تزيد على ٣٠٠ جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، وإذا ما ارتبطت جريمة القيام بممارسة أعمال الدجل والشعوذة بأى جريمة أخرى مثل النصب أو استغلال النفوذ فتكون العقوبة هى السجن بحد أقصى ثلاث سنوات.
وأشار «عامر» إلى أنه لابد من تعديل كامل وشامل لهذا القانون، لأنه أصبح غير ملائم للعصر الحالى، لأن فى الستينيات لم تكن جريمة الدجل والشعوذة منتشرة وتتم مزاولتها على الملأ مثلما يحدث الآن، ويجب رفع الحد الأدنى للعقوبة لتصل إلى السجن بحد أدنى ٣ سنوات وبحد أقصى ٧ سنوات، بالإضافة إلى تعديل نص القانون ليشمل جريمة الدجل والشعوذة عن طريق الوسائل الحديثة مثل الإنترنت ووسائل الاتصال الحديثة بكل أشكالها.