لا أعرف هل رقم الحدوتة صدفة أم أن الأقدار ما زالت تواصل لعبتها معي لتعطي معنى لحزني على طريقتها "النكسة".. لا أخجل أنني في كل معاركي مع الحياة لأنتزاع صديقا أو حبيبا خرجت خاسرا، ليس هذا فحسب بل مسجيًا في دمائي.. فاقدا جزءا من روحي.. وفي كل موضع زرعت فيه وردة كانت تطرح فيه شجرة من الشوك تدمي قلبي.. طيلة حياتي كانت أحلامي بسيطة فقط أبحث عن الود بلا أسباب ولا مشاحنات لكن في كل مرة تغوص قدمي في بئر ضحلة من الكراهية، أنتزع نفسي بالكاد وأظن أنني نجوت، فتغافلني الحياة وتعاود الكرّة مرارا.. لم أجد مناصا سوى اعتزال الحياة فقط عملي وبيتي، لكن لم أجد في العزلة راحة؛ فكل شيء يأبى الانصياع، رذاذ ماء الصنبور غير صافٍ ونسمات الهواء غير مخلصة حتى رشفات القهوة محض زيف.. لا أعرف هل أنا الذي فقدت ذائقتي أم أن طعم المرار سكن كل شيء!! فبت أقف على عتبة منتصف العمر أنظر ورائي فأجدني تركت روحي بعيدة، وأنظر أمامي فتعتصرني الوحدة، أتنفس الصعداء فتحاوطني غمامات الحزن كفراشات لا تمل التحليق فوق رأسي، أعاود ترميم روحي بعبارات الحمد والتمني، وأدعوها لاستقبال يوم جديد عله يكون مختلفا لكنها تتطاير كهشيم مع هبوب أول ريح عاصفة، فأسير كطفل يتيم في يوم عيد ينبش الطرقات على تهنئة والديه، يسكنني الليل بساعاته الثقيلة وبحواره المعتاد فأهرب منه بدفن رأسي في الوسادات فيطاردني اللصوص في المنام، أستيقظ باكيا أهرع إلى تفسير الأحلام لأجد تفسيرا لهواجسي فتنتقي عيني من السطور عبارات مخيبة للآمال.. أكتب ألف كلمة عن الفجر القادم ثم أنتظر صياح الديوك لكن لا صوت غير نقيق الدجاج في أذني.. وأعرف بالصدفة أن ثمة أمر جلل حدث منذ سنوات بأن فجرا لم يبرق فرحلت عنا الديكة.. أدير صوت المذياع أبحث عن أغنية أحببتها وتعرفني فيقاومني المؤشر.. أقف أمام المرآة وأكتب: أنا أحب الحياة فلماذا هي تبغضني؟
ترتد إليَّ العبارة
تبغضني الحياة فلماذا أحبها أنا؟