حرصت إسرائيل منذ نشأتها على احتلال هضبة الجولان السورية، لكي تضمن مصدرا دائما من المياه العذبة والتربة الخصبة، بالإضافة إلى موقعها الاستراتيجي، الذي يجعلها تهدد أربع دول عربية في آن واحد هي: سوريا ولبنان وفلسطين والأردن، هذا بخلاف ما تروجه تل أبيب من مزاعم حول أن اسم الجولان ورد في النصوص المقدسة اليهودية.
ويبقى جبل الشيخ الأكثر أهمية بالنسبة لإسرائيل بين القمم، التي تضمها هضبة الجولان المحتلة، هو أعلى قمة في جبل حرمون، الذي تمر في وسطه الحدود الفاصلة بين سوريا ولبنان ويبلغ ارتفاعه 2814م.
وفي حرب 1967، وقع القسم الجنوبي الغربي من الجبل تحت الاحتلال الإسرائيلي، بينما يقع جزء منه ضمن الأراضي التي حررتها سوريا في هضبة الجولان في حرب أكتوبر 1973.
ويوفر الجبل لإسرائيل ميزة استراتيجية لمراقبة التحركات السورية، وحاجزا طبيعيا ضد أي تحرك عسكري سوري، ومن خلاله، يمكن أيضا القيام بأعمال المراقبة لعشرات الكيلومترات بواسطة أجهزة المراقبة البصرية، كما يمكن من مرتفع جبل الشيخ تصحيح نيران المدفعية وضربات الطيران، وإخفاء تجمعات قوات العدو كلية، كما يحجب الرؤية الرادارية، وتحقيق أهداف العدو في الوصول إلى الأراضي السورية بصورة مفاجئة.
وبالإضافة إلى ما سبق، تسمح محطات الرادار والمراقبة في قمة جبل الشيخ بكشف الطائرات السورية التي تطير على ارتفاعات منخفضة منذ لحظة إقلاعها من المطارات الموجودة في دمشق وجنوبها.
وأقامت إسرائيل في الجبل الذي يقع شمال الجولان المحتل خمس قواعد عسكرية ومهبط للطائرات، لتهديد لبنان وسوريا والأردن.
ويمكن أيضا لأي شخص عادي في حال كان على أعلى قمة الجبل أن يرى العديد من المناطق السورية، خاصة دمشق وبادية الشام، بالإضافة إلى إمكانية مشاهدة جزء من الحدود الشمالية الأردنية والفلسطينية، بالإضافة إلى كل جنوب لبنان وسلسلة جبال لبنان الغربية، كما ينبع نهر الأردن من جبل الشيخ الواقع بين سوريا ولبنان، ويتدفق جنوبا نحو شمال فلسطين إلى بحيرة طبريا، ثم يخرج منها، ويتدفق لتقع فلسطين على ضفته الشرقية، ويقع الأردن على الضفة الغربية منه، ليصب في النهاية في البحر الميت.
ويبلغ طول نهر الأردن حوالي 251 كم ويتكون عند التقاء ثلاثة روافد هي بانياس القادم من سوريا واللدان القادم من شمالي فلسطين والحاصباني القادم من لبنان، ولذا تعتبر إسرائيل جبل الشيخ ورقة رابحة للتحكم في نهر الأردن، وتهديد مصادر المياه العربية، وسرقتها، خاصة أن مسألة المياه شكلت أهمية كبيرة في فكر الحركة الصهيونية، وذكر مؤسس الحركة الصهيونية "تيودر هيرتزل" في كتابه "الأرض الجديدة.. الأرض القديمة"، أن وجود إسرائيل متوقف على وجود الموارد المائية، وإن إنشاء إسرائيل يحتاج إلى خطط مائية توفر الكميات اللازمة للزراعة والصناعة ومياه الشرب، لذا وضع مخططو إنشاء إسرائيل أنهار الأردن واليرموك والليطاني نصب أعينهم.
وبصفة عامة، فإن إسرائيل تعتبر هضبة الجولان من أهم الأراضي العربية التي احتلتها ليس فقط بسبب موقعها العسكري الاستراتيجي، وإنما أيضا بسبب أهمية مرتفعات الجولان في السيطرة على مصادر المياه الأساسية في لبنان، وفلسطين، وسوريا، والأردن.
وتقع هضبة الجولان المحتلة في جنوب غربي سوريا، حيث تطل على نهر اليرموك من الجنوب وجبل الشيخ من الشمال، وتبلغ مساحتها نحو 65 كيلومترا طولا و25 كيلومترا عرضا، بمساحة إجمالية أكثر من 1800 كيلومتر مربع، وهي تبعد نحو 50 كيلومترا غرب العاصمة السورية دمشق.
وفي حرب 1967، احتلت القوات الإسرائيلية ثلثي مساحة الجولان، وهناك فقط 510 كيلومترات مربعة من الجولان تحت السيادة السورية.
وفي 1981، أعلنت إسرائيل ضم الجولان إليها في خطوة لم تحظ باعتراف أي من دول العالم، وقد رفض مجلس الأمن الدولي في قراره 497 لسنة 1981 قرار إسرائيل ضم الجولان.
وفي 25 مارس 2019، اعترف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسميا بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان السورية المحتلة في عام 1967، وهو ما قوبل بعاصفة إدانات عربية ودولية.