الشموخ الفرعونى رُسِمَت معالم وجهه بكل حضوره، النجومية التصقت به وأعطته ينبوعه ومواهبه رسمت طريق نبوغه، استولى على حواسه ومفهومه، اليقين فى العطاء فى مضمونه، وعرف فك طلاسم لغة الشمس وأسرارا مكنونة.
هذا النجم الباحث المهندس كل يوم يثرى المجتمع بالجديد وأصبح علامة فى ضمير الإنسانية، شخصية لا تؤمن بالحلم فقط لكن يسبقها الاجتهاد والعلم.
لم يسع من حصيلة جهده أن يبحث عن نجوميه، لكن النجومية هى التى سعت إليه، فهو صاحب القلم السحرى الذى تناول دراسة أبعاد الشخصية لأى موهبة، فهو يكون بذلك قد كتب بقلمه الشهير شهادة مولده وتألقه.
الحديث عن الفنان متعدد المواهب كمال الملاخ الذى يعيش ميلاده المئوى ويتزامن مع مرور 65 عامًا على اكتشافه مراكب الشمس وهو بداية لفكر الاكتشاف، الذى اعتنقه وقام برعاية المواهب فى مقدمتهم موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب وعبدالحليم حافظ وفريد الأطرش، وهو الذى سعت إلى صداقته الشخصية إليزابيث تايلور واستجابت لفكرته لزيارة مصر بعد نصر أكتوبر لكى تعيد للأذهان شخصية (كليوباترا) هذا هو السيناريو الذى صاغه كمال الملاخ، وهو الذى اختار المبدعة لبطولة (الوسادة الخالية) للجميله لبنى عبدالعزيز واكتشف أبعاد شخصيتها وعرفها فى الأهرام فهى ابنة عمنا الصحفى حامد عبدالعزيز، ولعبت الدور ولمعت فى سماء الفن.. وهو الذى تولى رعاية الكينج محمد منير ورسم له الطريق للانتشار والتواجد.. وفى الفن التشكيلى هو الذى اكتشف موهبة الفنان فاروق حسنى ورسم طريق بلورة إبداعه، الذى بدأ على شاطئ البحر بالأنفوشى حيث تفجرت موهبته بداية من اللوحات إلى التابلوهات التى صممها فى التحديث الفنى بقصر ثقافة الأنفوشى إلى صالة (أتيليه) الإسكندرية.
كانت عين كمال الملاخ الواحدة تتابع هذه الموهبة التى انطلقت بفكر حديث فى العالم الثقافى واستطاع أن يضع أمام الرأى هذا النموذج من الفكر المستنير والبحث عن النسق المستقل بما يتفاعل مع المتغيرات وامتدت رؤيته إلى تجربة (أكاديمية روما) وأصبحت عملية (توزير فاروق حسني) سهله بعد الطلقات الفكرية التى مهد لها كمال الملاخ رغم أنه لم يمتد به العمر بأيام لكى يراه يؤدى اليمين الدستورية وزيرًا فى حكومة عاطف صدقى ليرى الشجرة التى ساهم فى غرسها تجلس على كرسى الوزارة.
فراسة كمال الملاخ لم تغب عن تقديراته فهو كان واحدًا من الذين ساهموا فى متابعة الجهود العلمية التى يقوم بها الدكتور زاهى حواس فى الهرم بعد أن تخرج فى قسم الآثار بكلية الآداب جامعة الإسكندرية والتى ضمت الأثريين المعروفين.
الذى يتابع هذا العلم الإبداعى يجد أنه أعطى لجامعة الإسكندرية اهتمامًا وأعطى للإسكندرية الكثير فهو الذى نظم مهرجان السينما الأول وأقام جمعية نقاد السينما فهو تميز بالانضباط المهنى والتواضع وتقديس الرسالة، فقد كنت فى زيارة مع الزميلين صلاح قبضايا وسعيد إسماعيل إلى الدكتور عاطف غيث عميد كلية الآداب وفى هذه المقابلة قال، إن لديه رخصة من المجلس الأعلى للصحافة لإصدار جريدة (الأيام) وطرحت فى الجلسة عدة اقتراحات وأسماء يجب أن تحرص الجريدة على تقديمها لكى يقبل القراء عليها ووضعت كل المقترحات وكان يسمع ويرحب وفوجئ الجميع بأنه يشير إشارة إلى كاتب السطور بكل حسم أنا عاوز ده رئيس تحرير، وكانت المفاجأة، وكان ردى طبعًا، لكن لم أخف عنه كل حساباتى ومخاوفى من التجربة، وفعلًا رشحت زميلى سعيد إسماعيل إمبراطور الإخراج لكى يبتكر تصميمًا، وكانت أول مكالمة للدكتور فريد مصطفى رئيس الجامعة طالبًا الدعم الفورى لعملية التأسيس وبعد مرحلة التأسيس أجرى فورًا اتصالًا مهما، حيث كان على الخط الآخر الأستاذ كمال الملاخ الذى رحب بالترشيح، وقدم الأستاذ طلعت الزهيرى رئيس مؤسسة الأخبار كل الدعم لكى تصدر الجريدة وقدم الفنان كمال الملاخ الصفحة الأخيرة للأيام بإشرافه وتصميمه وبخطه باسم (الأخيرة)، ربما بلغ درجة راقية من التواضع، حيث كان يتوجه بالمادة وبنفسه لسعيد إسماعيل المخرج الصحفي.
كمال الملاخ فى مقدمة إنجازاته هى مراكب الشمس بأهرامات الجيزة وهى مراكب جنائزية صنعت عام 2800ق. م وتم تحنيط جثمان الملك وأجريت مراسم ووصفت الجثة على ظهر المركب مع الكهنة قبل دفنه، ولاكتشافها واقعة فريدة فقد أشرف عليها العالم عبدالمنعم أبو بكر، حيث ظهرت فجأة آثار جدار من (الطوب اللبن) وظهور 42 قطعة حجرية، وذلك عام 1954م ورغم رحيل كمال الملاخ منذ أكثر من ثلاثين عامًا وتنتقل إلى السفن البحرية وبناء السفن وهذه المدرسة أسست مع التطوير العلمى لطلبة الهندسة بإنشاء قسم الهندسة البحرية ونجوم هذه المدرسة فى مقدمتهم الدكتور فؤاد بهجت ولمست عطاء هذه العقلية خلال زمالتى مع رموز الإسكندرية فى نادى روتارى وتعايش معنا بفكر الباحث المتجدد والعاشق للبحر وبذل كل جهد ممكن لبناء سفن تحمى ركابها من غدر البحر ويقوم بدور (التنبؤ) بحالة الطقس ويضع الخطط الكفيلة بحماية هذه المدن التى تتحرك على سطح الماء لضمان سلامتها وأمن ركابها ويروى لنا قصص الملوك أو القراصنة الذين يعبثون ويحترفون القرصنة فاستطاع بفكر المهندس أن يساهم فى تعديل أسس البناء وإنشاء الحاويات ومراكب البضائع وناقلات البترول باعتبار أن النقل البحرى هو عصب الحياة، ولم يعد الفكر الهندسى أمامه مشكلة والتعامل مع المحيطات، حيث كانت فكرة رأس الرجاء الصالح من المناطق التى تشكل الحل المستحيل للمنظومة لكن الأبحاث التى شارك فيها جعلت من قسم الهندسة البحرية فى قناة السويس، ومازلت أتذكر لقاءً معه بنادى روتارى قائلًا، إن كنوز مصرية غارقة بمنطقة القلعة اسمها السفينة (مباحث) ومملوكة للجامعة وهناك دراسات حول هذا الأثر، وقال كم أتمنى أن تقوم مكتبة الإسكندرية بمباشرة هذا العمل العلمى الذى سيضيف لقيمتها وقال إننى أعتزم التوجه للدكتور إسماعيل سراج الدين فهو خريج هندسة الإسكندرية وأبلغنى أنه سيعلن الخطوط العريضة له ووعدنى أنه سوف يختصنى بتفاصيل فى حالة اكتمال هذا البحث وموضوعه (تحديد مكان سفينة نوح) وكيف استطاع بناء السفينة بطريقة علمية وطبقًا للقواعد الحديثة وأكد أنه استعان فى البحث بفكرة (البعد الخامس) كما هو متبع بالعلوم النمطية وتقع بين الشاطئ السورى وجنوب تركيا وحدد خطة البحث بإعداد تصور متكامل لهذا الاكتشاف، ولذلك فإن كل الآمال تتعلق بإحدى تلميذات هذه المدرسة، وهى الدكتور هبه لهيطة وهى من أسرة بحرية وأصبحت وكيلًا لهندسة الإسكندرية ولها دور فى صناعة بناء وإصلاح السفن ويراجع جهودها لهيئة السلامة البحرية ودراسات الدكتور فؤاد بهجت حول اكتشاف سفينة نوح وسوف تتمكن أن تجعل العالم يكتم أنفاسه انتظارًا للحدث ومعها سوف تتغير صورة العالم الحديث استلهامًا من لحظة إنقاذ البشرية.
===========================================
د. نور شريف بين التصحيح والتوضيح
محمد شاكر
كم كنت شديد العرفان عندما التقيت بمن يبلغنى إشادة الأستاذة الدكتورة نور شريف بما نشرته عنها بمقالى فى (البوابة) الأسبوع الماضي، فقد أشارت أستاذة الأدب الإنجليزى الدكتورة نور إلى أنها أعجبت بما نشر عنها، لكنها كأستاذ استخدمت حقها فى التصويت والتبصير بأن اسم والدها هو (شريف) أى إنه بدون أداة التعريف وهى تعتز بالاسم جدًا ومن حقها أن تنادى به، لذلك فإن اسم (شكسبير العرب) هو نور شريف وليس نور الشريف.