الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الحساسية وفصل الربيع

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
على الرغم من ارتباط فصل الربيع بالدفء والزهور وانتشار اللون الأخضر فى كل مكان إلا أنه مرتبط أيضًا بانتشار مرض الحساسية الذى يعانى منه الملايين من المصريين. تنتشر حساسية الأنف والعين والصدر التى تسبب ضيق التنفس والاختناقات التى قد تستدعى الدخول إلى المستشفى البقاء فيها لبعض الوقت حتى تستقر الحالة الصحية للمريض. وربما لا يعرف الكثيرون أن الحساسية تحدث نتيجة زيادة نشاط الجهاز المناعى الذى يترجمه الجسم إلى زيادة إفراز مادة الهستامين فى الجسم. تلك المادة التى تسبب ظهور أعراض التحسس لمواد معينة من حولنا مثل حبوب اللقاح وجراثيم - أبواغ - بعض الفطريات مثل عفن الخبز والاسبرجلس، وحشرة الفراش وبعض الفواكه والأسماك أو أنواع معينة من الأنسجة التى نرتديها وغيرها. وباعتبارى مريضة حساسية مزمنة. أعرف أن خطورتها تكمن فى أنه لا يوجد علاج ناجع يقضى عليها مرة واحدة وإلى لأبد ولهذا تلازمنا طول العمر. وهو ما يضعها تحت قائمة الأمراض المزمنة، التى تلزمنا بتكرار نفس العلاج الذى يعتمد بشكل رئيسى على مضادات الهستامين، التى تجعلنا نشعر بالخمول والنوم فنتأخر غالبًا عن مواعيد أعمالنا ولا تسمح لنا أن نسوق سيارتنا. أو الذهاب إلى مناسباتنا العائلية ولا يقف الأمر عند هذا الحد وإنما قد نستعين معها أيضًا بمضادات الاحتقان وبخاخات الأنف الكورتيزون والقطرات المختلفة. كل ذلك وأكثر كان يصاحبنى فى مسيرة الحساسية وحكاياتها التى لا تنتهى معي، حتى أخبرتنى أمى منذ سنوات بعلاج يعتمد على اختبار يحدد حساسية الجسم عبر الجلد على الذراع ودونما ألم يذكر. ثم عمل مصل يحتوى على نفس مسببات الحساسية للشخص. فلم أعر الأمر اهتمامًا كبيرًا وتحججت بأعذار واهية كان مصدرها أنه علاج تجريبي. فكانت هى أكثر حماسًا منى وأكثر شجاعة وتحدثت إلى الدكتورة أمينة عبدالمقصود بقسم الصدر بجامعة المنصورة التى كانت تعد رسالتها للدكتوراة عن العلاج المناعى للحساسية عبر الأمصال التى تعد لكل مريض حسب نوع الحساسية التى يعانى منها. وبذلك يكون لكل مريض مصل خاص به هو وحده. يختلف عمن سواه حتى لو كان المريض الآخر هو أخاه أو أخته أو أمه كما فى حالتي. لم تكن أجواء مستشفى الجامعة بعيدة عنا إذ أن أخى أستاذًا بها وأمى مريضة حساسية صدرية وكنت أتابع من هنا وهناك لكنى لم أكن قد لجأت إليها بعد. وكنت أرزخ بغضب تحت نير البخاخات والكورتيزونات ولكننى لاحظت أن هناك تقدما رائعا فى حالة أمى الصحية بعد استخدامها للمصل الذى تم إعداده لها من المواد التى تسبب لها الحساسية حتى يعتاد الجسم عليها ولا يعتبرها مواد ضارة تستدعى إفراز الهستامين وأعراض الحساسية. لاحظت أنها لم تعد تعانى من هجوم الأزمات الربوية التى يجرها عليها عدم استقرار الجو وإصابتها بحساسية الأنف. هكذا كان الأمر. فصدقت ما رأيت بعينى وما عايشته مع أمى فسارعت إلى وحدة الحساسية لعمل الاختبار ويتم عمل المصل لي. هذا المصل الساحر الذى يوقف كل الأعراض فينقذنى من الكورتيزون المزعج وأضراره هو أمر لو تعلمون عظيم. تابعت علاجى المناعى ضد الحساسية بالمصل لسنوات. وعندما كنت أنقطع لبعض الوقت كان ينالنى ما ينال المهملين. فأجرى سريعًا إلى الدكتورة أمينة لتعيد معى نظام تدرج المصل من جديد بابتسامة رقيقة دونما ملل، ثم استكمل الرحلة الشهرية للحصول على المصل من المعمل حيث كتيبة الإنقاذ كما يحلو لى أن أصفهم الأستاذ هشام مصطفى والأستاذ سيد عبدالمقصود اللذان يعدان المصل ويجهزانه فى زجاجة خاصة يتم برشمتها وكتابة الاسم عليها لتأخذها ممرضة الابتسامة والفرح صديقتى سمية شعبان وتلحقها السيدة الجميلة أم أحمد بقطع الثلج داخل كيس بلاستيكى يحفظها باردة حتى يتم حفظها على الرف فى الثلاجة فى منزلي.و هنا لا يفوتنى أن أشكرهما وأعترف لهما بامتنان كبير نيابة عن جميع مرضى الحساسية الذين يتعاملون معهم تلاثة أيام فى الأسبوع. هكذا مرت سنوات وسنوات حتى أغسطس الماضي2018 الذى قرأت فيه خبر إعلان جامعة المنصورة نجاح أول مصل مصرى لعلاج الحساسية المزمنة واعتماده، فكانت سعادتى غامرة وأنا أقرأ اسم الدكتورة أمينة عبدالمقصود والدكتور الشعراوى كمال والدكتور أحمد فودة والدكتور محمد عبدالمنعم وأعرف أنه حتى كان قد تم علاج 7000 حالة حساسية حتى عام 2007 فكم يكون عدد الحالات التى تم علاجها حتى الآن؟ حينما سألت إلى الجنديين المجهولين أ/ السيد، وأ/ هشام - عن العدد فلم يستطيعا الحصر لكنهما قالا أنهما يحضران ما يقرب من 600 مصل أسبوعيًا. جهد خارق يليق به احتفاء كبير وفخر بجامعة المنصورة وهذا العلاج المصرى الخالص الذى لا يتعدى ثمنه عشرون جنيهًا ويوفر عملة صعبة للوطن وأوقاتا صعبة على المرضى ويمنحهم ربيعًا لطيفًا ناعمًا نستمتع فيه بالخضرة والزهور والجمال الذى لا يثير حساسية أحد.