الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الهرم الأعظم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

ما أسرده إليكم هو شىء لا يذكر من عظمة هرم خوفو أعجوبة العجائب الخالدة، ولن أحدثكم عن قناعاتى تجاه هرم خوفو؛ لأن ما أؤمن به سيتسبب فى بلبلة وتشكيك، وسوف ندخل فى جدال ومهاترات لأنه لن يصدق ما أؤمن به سوى القلة القليلة، ولإيمانى أن ليس كل ما يعرف يكتب أو يقال، وإننى أؤمن أن تندثر كل آثار الإنسان فوق هذا الكوكب، ستظل أهرامات مصر، وبالأخص الهرم الأعظم، آخر ما يطويه الزمن من معالم، ولكنى سوف أسرد إليكم بعض الحقائق الموثقة.

فعندما زار فيلون مصر فى منتصف القرن الثانى قبل الميلاد، قام بوضع الهرم الأكبر على رأس قائمة عجائب الدنيا السبع De Septem Orbis Spectaculis، واليوم وبعد مضى ٢٢ قرنًا تقريبًا على تلك القائمة لعجائب الدنيا اندثرت تلك العجائب أو تحولت إلى أنقاض أثرية عدا أهرامات مصر التى ظلت خالدة شامخة لم تنلها يد الزمن الباطش.

تلاشت العجائب الأخرى وظل هرم خوفو صامدا ولا زال يحير العالم والعلماء بأسراره وعجائبه الهندسية، وارتباطه بعلوم كثيرة، وحتى يومنا هذا هو أعجوبة العجائب الذى تم وضع كثير من النظريات لأجله، ولا تزال البعثات الاستكشافية تحاول كشف أسراره التى لا يعلم كل أسراره حتى الآن أحد، قد نكون علمنا القليل من تلك الأسرار، لكننا لم نعرف السر الأكبر حتى يومنا هذا أو قد علمه بعض العلماء ولكن لم يفصحوا عن تلك الأسرار.

هل تعلمون أن عالم الرياضيات العظيم، فيثاغورس قد وضع نظريته الشهيرة عندما قام بزيارة هرم خوفو، فقد استنبط نظريته من هندسة بناء الهرم.

كان المؤرخون العرب يؤمنون بأن الأهرامات، وبالأخص هرم خوفو، تحوى أسرارًا علمية. فيقول المسعودى فى «أخبار الزمان»: «إن سوريد أحد ملوك مصر قبل الطوفان بنى الهرمين الكبيرين، وأمر الكهنة أن يودعوهما جماع حكمتهم ومعارفهم فى شتى العلوم والفنون، وأن تنقش عليهما كتابات تحوى علوم الحساب والهندسة حتى تبقى شاهدًا لما بعدها وليستفيد بها من يستطيع فهمها، ويضيف المسعودى أنه نقشت على الهرمين مواقع النجوم ومداراتها وتواريخ الأزمنة الحالية، وكل الأحداث المهمة المقبلة التى ستقع فى مصر والدنيا».

أما المقريزى؛ فيقول إن الهرم الأول خصص للتاريخ والفلك، والهرم الثانى خصص للطب، ويقال إن العرب عثروا فى أول عهدهم بمصر على أوراق بردية فى دير «أبو هرمس»، جاء فيها: «إن على جدران الهرم سجلت أسرار العلوم والفلك والهندسة والطبيعة وشتى المعارف الثمينة».

أما العالم ديدرو، فيعتقد أن الهدف من بناء الهرم الأكبر نقل معلومات إلى الأجيال التالية، ويعتقد جيرار دى نرفال أن الأهرامات استخدمت كمستودعات للأسرار. وظن آخرون أن الملك خوفو قد قام ببناء الهرم ليخفى فيه ثروته وكنوزه أثناء حياته وبعد مماته، برغم أن كلفه بنائه كفيلة باستهلاك أى ثروة يراد إخفاؤها، وأنا أستبعد تلك النظرية، والبعض ظن أنها أقيمت لتكون منارات هائلة تهدى القوافل فى الصحراء والسفن فى النيل.

وقدم العلماء المحدثون نظريات أخري..قال الفلكى بروكتور: إن هدف بناء الهرم لكى يستخدم كمرصد فلكى لرصد حركة الفلك، ويقول الدكتور أحمد بدوى: «إن بين قاعدة الهرم وبين محور الأرض علاقة ما»، وقال بعض علماء الفلك والرياضة إن الهرم أثر فلكى يتصل بالمقاييس، وإن المصريين قد جعلوا منه مركزًا ثابتًا لحفظ مقاييس الطول والثقل والوزن، وآمن آخرون أن جوانب الهرم الأربعة تشير إلى الجهات الأصلية الأربعة.

وموقع الهرم الجغرافى فريد جدا ليس لمصر فقط، وإنما للعالم كله، فعندما قرر علماء الحملة الفرنسية فى رسم خريطة عامة لمصر وبدأوا فى القيام بالمسح الجغرافى أخذوا فى الهرم الأكبر خط الطول الرئيسى الذى يحددون به الأطوال الأخري، وبعد أن رسموا خريطة الدلتا دهشوا وتعجبوا عندما وجدوا أن خط طول الهرم الذى اختاروه اعتباطًا يقسم الدلتا قسمين متساويين، وقد تعجبوا أكثر عندما وجدوا أن امتداد قطرى الهرم من الزاويتين الشمالية الشرقية والشمالية الغربية يحصر منطقة الدلتا بأكملها بين ذراعى هذين القطرين!! واندهشوا أكثر وأكثر حينما وجدوا أن مكان الهرم ليس خط الطول الرئيسى لمصر، ولكن بالنسبة للكرة الأرضية كلها، فالهرم الأكبر يقع فى منتصف خط الطول الذى يقسم العالم قسمين متساويين تمامًا، كما أن خط طول الهرم هو الخط الوحيد فى العالم الذى يقطع الحد الأقصى من اليابس (القارات) والحد الأدنى من الماء (المحيطات)، مما يجعله أدق خطوط الطول جميعًا ولا يضاهيه فى تفرده ودقته خط طول «جرينتش» الحالى أو خط طول باريس السابق.

فهل هذ الوضع صدفة أم أنه مقصود؟!! وإذا كان موقع الهرم مجرد صدفة مكانية فمن المؤكد أن اتجاهاته ليست أيضًا صدفه.

فالهرم الأكبر مضبوطًا على الجهات الأصلية الأربع، كل جانب يواجه جهة أصلية بدقة فائقة برغم أن تحديد الجهات الأصلية مشكلة معقدة قبل وجود آلات رصد حديثة، فالهرم الأكبر أصح وأدق اتجاه لمرصد أقيم حتى اليوم، وهو دليل على أن الفلكيين المصريين كان فى إمكانهم تحديد القطب السماوى بدقة متناهية، وعلى أنهم كانوا يعرفون الفارق الضئيل بين النجم القطبي والقطب السماوي الحقيقي، وهى معرفة مذهلة بأسرار الفلك. سأكتفى بهذا القدر الضئيل من أسرار السر الأعظم، ولنا لقاء آخر مع أعجوبة العجائب.