العنصرية خطاب الشر والأنانية والغيرة والفوقية التى تقف ضد الفطرة التى فطرنا الله عليها، ولم تكن دماء هابيل إلا حصيلة ما سبق لأنه رفض قبول قربانه ظنا أنه هو الأولى والأفضل وليس أخيه. العنصرية التى جعلت من البشر أسيادًا وعبيدًا، يباعون ويشترون وحاربها الإسلام والتنويريون والحقوقيون ولم ينته خطابها من العالم. وإننى لأفخر أن جد أبى أطلق عَبدَهُ (جوهر) حرًا لوجه الله. فيتقدم للزواج من أخت سيده فيوافق وتوافق سيدتة السابقة إيليم. لفرط أمانته ودماثه خلقه. الملفت فى الأمر أن عبدًا يحرره سيده ويعطيه اسمه فيرفض أن يترك بيت عبوديته لأنه حتما لم يشعر فيه بعبودية، والملفت أكثر أن يقبل جدى أبى أن يزوجه أخته والمدهش أن تقبل جدتنا إيليم وتنجب منه آمنة وجمعة وجوهر. رحل هذا الفرع من العائلة لأن آمنة أنجبت بنتا فقط ولم ينجب الذكور ولم يبق منهم سوى ختم قديم عثرت عليه فى مقتنيات العائلة. لقد حكوا لنا ونحن صغار وعلمونا، لنعرف أن الناس سواسية وأن المستحيل فى عادات الناس وأعرافهم يمكن كسره ليصبح عاديًا وممكنًا طالما كانت هناك شجاعة لا تتنافى مع الأخلاق أو لا الدين، وطالما تربينا على التسامح والمحبة والمساواة التى لا تعترف بلون أو عرق فكلنا لآدم وما دون ذلك هراء وغباء. لا أذكر تلك الحكاية الآن للتفاخر وإنما لأثبت وأنا فى الخمسين أننى أحفظ جيدا الدروس التى نشأت عليها فى نطاق العائلة، يحكون معنا ونحن صغار، فيحفر فى الذاكرة وينمو مثلما تنمو الخلايا وتنضج. فاتركوا أبناءكم للجدات للحكايات التى ننتقيها ونزرعها فيهم السيىء للعبرة والحسن ليحتذى به. وابعدوهم قليلا عن التكنولوجيا. حاولوا. وعلموهم دفء الجلوس على السرير بجوار كنز المحبة وذخيرة الخير – أجدادهم - أقول هذا وأنا أعلم سعار التكنولوجيا وتوحشها فى التهام الطفولة ووقت الشباب بين الكمبيوتر والبلاى استيشن. حيث الألعاب الصامتة والحروب الصاخبة ولعبة بابجى تلك اللعبة الدموية التى تلتهم رءوس أطفالنا وشبابنا وتضعهم فى ميدان حرب تقتل فيها أو تقتل. اللعبة التى هدمت حرمة الموت فصار لعبة يومية. وصار من يَقْتل يتخفف من لقب قاتل، ويستبدله بفائز. لتختفى كل المعانى الإنسانية المصاحبة لجلال الموت فهو لا يزهق روحا ولا يهدم عائلة، تتألم من الفقد ولا يكسر أطفالا بيتم مقيم. إنه فقط يلعب. فيتغير خطاب القتل ويتخفف من معنى الجريمة. هكذا الأمر فى كل بيت فانتبهوا لأطفالكم. أقولها وبقوة بعد أن رأيت فيديو الاعتداء الإرهابى على المصلين فى فى المسجدين بنيوزيلندا وقرأت كلماته التى تعج بالكراهية والعنصرية. الخطاب الذى يتجاوز الأديان ويقفز إلى البربرية والهمجية، ولأنه لا يعرف التسامح وقبول الآخر، غدرهم فى بيت الله ورحابه. حينما رأيت فيديو الحادث لم أصدقه واستقبلته كمزحة من ابنى الذى أتشاجر معه بسبب تلك البابجى اللعينة. فأكد لى أنه حقيقة ودعم كلامه بموقع أمريكى ففزعت. فزعت من القاتل الذى يتنزه فى المسجد وهو يصطاد المصلين الآمنين بدم بارد، فزعت من بندقيته التى كتب عليها أسماء فزعت من جرأته فى تصوير جريمته وبتثيبت كاميرا على رأسه فعلها وكأنه يلعب. لأن الموت صار لعبة والدم صار لونا لا يحمل أى معى آخر سوى لون على الشاشة. من هنا وجب علينا التحدث مع أبنائنا وجذبهم على منطقة الحكى الآمنة منذ الطفولة المبكرة. منطقة الدفء الإنسانى لا حيلة لنا سوى فعل ذلك. كلنا يتذكر جدته وجده والحكايات. فلنستغل تلك الطاقة النورانية لينفذ منها النور إلى القلوب لتحصنهم ضد الكره بالتسامح والمحبة لأن كثيرًا من الغضب من حولهم وكثيرًا من الشر يتراقص فى ألعابهم التى يلهون بها ولأن وقتا طويلا سرقته منا الحياة ولم نجلس معهم بما يكفي. فلنحاول ولا نمل. ربما نستطيع معا تكوين حائط صد. إننى منزعجة بل وبل يصل انزعاجى إلى الرعب بعدما قرأت بعض المقالات التى عرفت منها أن الإرهابيين والدواعش كانوا يقومون بتدريب الشباب الذين يريدون الانضمام إليهم عبر ألعاب إلكترونية تحاكى ميادين القتال. وبذلك يتم تدريبهم وهم فى بيوتهم حتى يلتحقوا بهم. هكذا وصل الأمر إلى تدريب فى المنازل. إننى أتضرع إلى الله أن يخفف آلام عائلات جميع من استشهدوا بفعل الكراهية فى نيوزيلندا وادعوا العالم كل العالم أن يوقف فعل القتل وأدعو جميع الأمهات إلى مراقبة ألعاب أبنائهن وخاصة تلك اللعبة الغبية الدموية بابجي.
آراء حرة
بعد حادث نيوزيلندا المروع.. انتبهوا لأطفالكم
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق