أصبحت الشائعات فى بلادنا ظاهرة اجتماعية فى ظل حالة الغموض وعدم توافر المعلومات بشكل سلس وسليم أمام الجمهور المتعطش إلى المعلومات، التى تمنع الالتباس وفهم الأمور بأكثر من وجه، وهذا ما تسعى الحكومة المصرية إلى تفعيله فى الفترة القادمة، والقضاء على الشائعات التى تعمل على بث الأكاذيب والتضليل العام للمواطنين حيال كل ما يتعلق بوطنهم ومستقبلهم، وقد ساهمت وسائل التواصل الاجتماعى بشكل مباشر فى نشر الشائعات التى تستهدف المجتمعات فى عدد من الجوانب والقطاعات، مثل الاقتصاد وقطاع الخدمات المالية والبورصة المصرية، والأخيرة تتأثر بشكل مباشر من مطلق الشائعات الذى یستفید عادة من ارتفاع أسعار الأسهم أو انخفاضها؛ فإنه يبيع ويشترى الأسهم بناء على الشائعات التى يطلقها على سبيل المثال. ففى بداية العام الجارى انطلقت بعض الشائعات، وسرعان ما شهدت البورصة موجة بيع قوية وتخارج عدد كبير من المستثمرين الذين اعتمدوا على اللعب على قضية فرض الضرائب.. وكانت النتيجة خسائر ببلايين الجنيهات لجميع الأسهم المدرجة فى البورصة المصرية! وبالتأكيد الشائعات تؤثر على اقتصاد البلد؛ حيث إنها غالبًا ما تكون شائعات موجهة، من قبل جهات وتستهدف المجتمع ككل، وربما فئات محددة منه كالمؤسسات السیاسیة أو الاجتماعیة أو الاقتصادیة، وتعمل على نشر الروح الانهزامیة أو للتفرقة بین الشعوب!
والمجتمع نفسه نتيجة عدم وجود المعلومات والحقائق فى بعض القضايا الحياتية یعمل على ترویجها وتصدیقها كالشائعات التى تنشر عن سوق الأسهم أو عن الحالة الاقتصادیة والحالة السیاسیة فى المجتمع وتزداد الشائعات فى حالة تعارض المصالح، وعادة ما یمكن ملاحظة هذا النوع من الشائعات لأغراضها الشریرة والهدامة.
كما أن مفهوم الحرب بين الدول مر بعدة أجيال، وصولا لما يسمى بالجيل الرابع، وهو جيل معلومات ونظم آى تى، والعديد من الشائعات تستهدف إضعاف الروح المعنوية وتستهدف التشكيك، وبعض الدول تنبهت لهذا وجعلت فى قوانينها أدوات تحجب المواقع الإلكترونية والصفحات المتضمنة لهذه النوعية من الشائعات التى تثار على السوشيال ميديا أو الأخبار الكاذبة التى تنشر على مواقع التواصل الاجتماعى تستهدف النيل من الدولة والتشكيك فى كل شىء!
ومن أجل هذا دعا عدد من القانونيين بالدولة إلى تفعيل القوانين التى تنظم الجرائم الإلكترونية وتطبيق العقوبات الواردة فيها بشكل حازم وصارم لتحقيق الردع العام، ومواجهة الفوضى على مواقع التواصل الاجتماعى والتصدى للشائعات، ورأى البعض أن التشريعات الحالية غير رادعة، وهناك حاجة لتشريعات جديدة أكثر ردعا، مع تشديد الرقابة على مواقع التواصل الاجتماعى والمواقع الإلكترونية، وغلق أى مواقع أو صفحات تبث شائعات أو تحرض ضد الدولة.
كما أن قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات به ضوابط وعقوبات تجرم نشر وبث الشائعات وإثارة الفتن والبلبلة عبر المواقع الإلكترونية والسوشيال ميديا، وهناك ضرورة لتفعيل أحكام هذا القانون لتحقيق الردع العام والتصدى للفوضى، مستطردا: «بشكل عام لا توجد قوانين رادعة بشكل كافٍ، فمنظومة القوانين المرتبطة بجرائم السب والقذف والتشهير وترويج الشائعات تحتاج إلى إعادة نظر، ووضع ضوابط صارمة لما يخص المواقع الإعلامية والسوشيال الميديا التى أصبحت وباء ووسيلة يستخدمها المغرضون لهدم المجتمع ونشر الفتن والتحريض ضد الدولة والأشخاص، ولا بد من غلق صفحات عناصر جماعة الإخوان الإرهابية التى تروج للشائعات وتحرض ضد الوطن ومؤسسات الدولة، وطالب بتوقيع عقوبات رادعة ضد كل من يثبت تورطه فى نشر الشائعات والتحريض ضد الدولة.
وقد كشف المركز الإعلامى لمجلس الوزراء، فى تقريره الدورى لرصد الشائعات خلال الفترة من ٢٦ فبراير وحتى ٥ مارس، عن رصد ١٣ شائعة، انتشرت على مواقع التواصل مؤخرا، وقد نفى مثلا ما تردد من أنباء حول مراقبة الحكومة لمحادثات المواطنين على مواقع التواصل الاجتماعى «الفيس بوك» و«تويتر» وغيرها من خلال قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، تواصل المركز مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. وهناك شائعة عن تخصيص ٢٠٠ مليار جنيه من الموازنة العامة للدولة لمشروعات البنية التحتية بالعاصمة الإدارية الجديدة، تواصل المركز مع وزارة المالية، والتى نفت تلك الأنباء بشكل قاطع! وليدرك الجميع أن الشائعات تجد بيئتها الخصبة فى المجتمعات التى تفتقد الوعى ويسودها الجهل وتنتشر فيها البطالة، ولأن الشائعات أشد خطرا على المجتمع من حرب الإرهاب ومواجهة الأعداء، ونحن نعمل فقط من أجل حماية الوطن والحفاظ عليه فليس لنا وطن غيره نعيش فيه!