في الساعة الواحدة صباحا تذكرت عم «مصطفى» فظللت أضحك كثيرا، خرجتني ذكريات الرجل من حالة ضيق كانت تطرق باب غرفتي، فكرت مليا في كل شيء فوجدت أننا نعيش بنفس فلسفة عم مصطفى، وحتى أختصر عليكم الأمر، عم مصطفى رجل ريفي بسيط، كان يعمل بالفأس في الأراضي الزراعية بعدما حصل على شهادة الدبلوم منذ زمن طويل.
شاءت الظروف بعد عمر طويل أن يأتيه جواب التعيين، ظن في بادئ الأمر أنه خطاب من الجامعة لابنه، لكن بعدما فتحه وجد فيه قرار التعيين، كان فم الرجل حينها كشباك فـُتحت ضلفتيه بعد غلق سنوات فملأت الجو ركام من الهم، لم يعد يحتفظ بالكثير من أسنانه فقد كان يخلعها بإصبعيه حينما تؤلمه وما تبقى منها يحيطه الدخان من كل مكان.
أسرع عم مصطفى إلى مجلس المدينة بالخطاب، ومن هناك تم توجيهه إداريا في إحدى المدارس، في مكتب المدير وقف بجلبابه يضحك رغما عنه.. ظن المدير في بادئ الأمر أن عقله «خفيف»، لكن أحد المدرسين قال له: «مصطفى مش مصدق نفسه».
«من بكرة تيجي إن شاء الله يا مصطفى»، تلك كانت آخر جملة قالها المدير وظلت في أذن مصطفى كلما سمع صداها جفاه النوم حتى وصل به الأرق إلى شفق الصبح، فنهض من على فراشه ارتدى جلبابه وحذاءه وكان أول من وصل إلى المدرسة، ترجل حول السور حتى أتى المدير، وقبل أن يلقي عليه السلام قال: «إيه ده يا مصطفى انت جاي بالجلابية.. ما ينفعش انت دلوقتي موظف لازم بنطلون وقميص.. أنا همضيلك النهارده بس بكرة لازم تيجي ببنطلون وقميص».
تبدلت ضحكات مصطفى بغيمات حزن على وجهه رأتها زوجته فسألته: «مالك يا مصطفى؟».. فأجابها: «مصيبة سودا وحلت على دماغي يا سعدية.. عايزني ألبس بنطلون».. شهقت سعدية شهقة غطت على صوت جرس المدرسة وقالت: «يا عيب الشوم بنطلون بعد العمر ده كله يا مصطفى ده أنت هتبقى مألتة».. همهم: «والعمل يا سعدية!».
في جلسة العصاري حول ركوة النار طرح مصطفى أزمة تعديل هيئته من «الجلابية» لـ«البنطال والقميص»، تضاربت الآراء بين الانصياع لذلك حتى يتمكن مصطفى من تجاوز تلك المرحلة دون مشكلات وبين التمسك بـ«الجلابية» ورفض أي تعديلات، بعد مناقشات ومداولات واستفتاءات أجروها على «قشر البرتقال»، وصلوا جميعا إلى حل وسط وهو ارتداء «الجلابية والبنطال».
هرول مصطفى إلى زوجته سعدية ليخبرها بأنه حل أزمة القميص والبنطال، فاندهشت وقالت له: «إزاي حلتها دي يا أبو العيال»، قالها استني هوريكي يا سعدية: «لبس البنطال ومن فوقه الجلابية.. ثم قال لها بصي يا سعدية.. وضع طرف الجلابية داخل البنطال وصاح وقال أنا كده بقيت الأستاذ مصطفى.. ثم أخرج الجلابية من البنطال وفردها وقال وأنا كده مصطفى من غير مألتة ولا حفلطة».
كرر مصطفى هذا العرض أمام مدير المدرسة، الذي رفض الأمر خوفا من اللجان والتفتيشات لكن مصطفى أقنعه أنه سيكون حريصا على ألا ينكشف أمره، وبالفعل كان مصطفى يدخل الجلباب في البنطال حتى ينتهي مرور اللجان ثم يعود بعد انصرافها إلى هيئته الأولى.
ذات يوم استيقظ «مصطفى» مبكرا وارتدى الجلباب ونسي البنطال وعلى باب المدرسة اكتشف أن هناك لجنة من الوزارة، «فشلح الجلابية بعفوية».. والبقية لكم أن تتخيلوها وتتخيلوا ما آل إليه الحال بعد ذلك.. لكن خلاصة المقال أن «تعديل الهندام لا يكفي وحده دون تعديل فكر».
أسرع عم مصطفى إلى مجلس المدينة بالخطاب، ومن هناك تم توجيهه إداريا في إحدى المدارس، في مكتب المدير وقف بجلبابه يضحك رغما عنه.. ظن المدير في بادئ الأمر أن عقله «خفيف»، لكن أحد المدرسين قال له: «مصطفى مش مصدق نفسه».
«من بكرة تيجي إن شاء الله يا مصطفى»، تلك كانت آخر جملة قالها المدير وظلت في أذن مصطفى كلما سمع صداها جفاه النوم حتى وصل به الأرق إلى شفق الصبح، فنهض من على فراشه ارتدى جلبابه وحذاءه وكان أول من وصل إلى المدرسة، ترجل حول السور حتى أتى المدير، وقبل أن يلقي عليه السلام قال: «إيه ده يا مصطفى انت جاي بالجلابية.. ما ينفعش انت دلوقتي موظف لازم بنطلون وقميص.. أنا همضيلك النهارده بس بكرة لازم تيجي ببنطلون وقميص».
تبدلت ضحكات مصطفى بغيمات حزن على وجهه رأتها زوجته فسألته: «مالك يا مصطفى؟».. فأجابها: «مصيبة سودا وحلت على دماغي يا سعدية.. عايزني ألبس بنطلون».. شهقت سعدية شهقة غطت على صوت جرس المدرسة وقالت: «يا عيب الشوم بنطلون بعد العمر ده كله يا مصطفى ده أنت هتبقى مألتة».. همهم: «والعمل يا سعدية!».
في جلسة العصاري حول ركوة النار طرح مصطفى أزمة تعديل هيئته من «الجلابية» لـ«البنطال والقميص»، تضاربت الآراء بين الانصياع لذلك حتى يتمكن مصطفى من تجاوز تلك المرحلة دون مشكلات وبين التمسك بـ«الجلابية» ورفض أي تعديلات، بعد مناقشات ومداولات واستفتاءات أجروها على «قشر البرتقال»، وصلوا جميعا إلى حل وسط وهو ارتداء «الجلابية والبنطال».
هرول مصطفى إلى زوجته سعدية ليخبرها بأنه حل أزمة القميص والبنطال، فاندهشت وقالت له: «إزاي حلتها دي يا أبو العيال»، قالها استني هوريكي يا سعدية: «لبس البنطال ومن فوقه الجلابية.. ثم قال لها بصي يا سعدية.. وضع طرف الجلابية داخل البنطال وصاح وقال أنا كده بقيت الأستاذ مصطفى.. ثم أخرج الجلابية من البنطال وفردها وقال وأنا كده مصطفى من غير مألتة ولا حفلطة».
كرر مصطفى هذا العرض أمام مدير المدرسة، الذي رفض الأمر خوفا من اللجان والتفتيشات لكن مصطفى أقنعه أنه سيكون حريصا على ألا ينكشف أمره، وبالفعل كان مصطفى يدخل الجلباب في البنطال حتى ينتهي مرور اللجان ثم يعود بعد انصرافها إلى هيئته الأولى.
ذات يوم استيقظ «مصطفى» مبكرا وارتدى الجلباب ونسي البنطال وعلى باب المدرسة اكتشف أن هناك لجنة من الوزارة، «فشلح الجلابية بعفوية».. والبقية لكم أن تتخيلوها وتتخيلوا ما آل إليه الحال بعد ذلك.. لكن خلاصة المقال أن «تعديل الهندام لا يكفي وحده دون تعديل فكر».