رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

ذكــــــريـات ١٨ عـامًا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بِحُكِم عملى الصحفى؛ أُتابع الشأن السياسى فى مصر مُنذ ما يقرُب من ١٨ عاما، كُنت أُغطى الملف السياسى بما يشمله من «أحزاب ونقابات ومنظمات المجتمع المدنى»، بعد ذلك أصبحت مسئولًا عن تغطيه أخبار وزارة الداخلية لسنين طويلة، وأدعى أننى أعرف كواليس كثيرة عن صفقات تمت بين الحزب الوطنى والمعارضة، وأسرار عدد كبير من أحزاب المعارضة وقياداتها وتحولاتهم وأموالهم وسبوباتهم، وعاصرت سنوات ساخنة مرت على الحياة السياسية المصرية.
أتذكر شخصيات سياسية كانت تبتز النظام قبل أحداث ٢٥ يناير، وتأكدت بأن عددا آخر من هذه الشخصيات كان من صُنع كبار رجال دولة مبارك، شفت «ناس متواضعة المستوى» أصبحوا بقُدرة قادر مُديرى منظمات حقوقية بعد حصولهم على تمويلات خارجية، شفت أمثالهم ترددوا على سفارات عربية وأجنبية، وأصبحوا فى يوم وليلة نجوم المجتمع، «حرافيش» كتير تحولوا لنشطاء سياسيين، «موظفون درجة تالتة» لدى رجال أعمال أعرفهم أصبحوا «مُلاكا لكومباوندات فى التجمع الخامس».
أتذكر فى إحدى المرات دعانى رَجُل أعمال صديقى لحفلة فى فندق شهير بالزمالك ووجدت فيها «بنت غلبانة» تعمل «خادمة» لإحدى سيدات الأعمال الحاضرات وفوجئت بـ «الخادمة» بعد أحداث ٢٥ يناير وقد أصبحت من أشهر راقصات شارع الهرم وصورها تملأ صفحات المجلات الفنية.
أتذكر أننى قابلت وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى بمكتبه بعد انتهاء حفل عيد الشرطة فى ٢٣ يناير ٢٠١١ وتحدثت معه عن حادث كنيسة القديسين، وكشف لى كافة كواليس الحادث بالتفصيل، يومها كتبت التفاصيل وعرضتها على الكاتب الصحفى أحمد عبدالحكم، مدير تحرير مجلة الأهرام العربى وقتها، وقررنا أن يكون الموضوع «غلاف المجلة» ووضعنا له عنوان «بندقية للإيجار» دور جيش الإسلام بغزة فى حادث كنيسة القديسين، كانت المجلة تُطبِّع يوم الأربعاء لتكون فى يد الصحفيين بالمجلة فى اجتماعهم الأسبوعى، لكنها كانت تنزل للأسواق السبت، ونزلت المجلة يوم ٣١ يناير، كانت مصر تغيرت وتبدلت ولَم يهتم أحد بما قاله العادلى، وكأن مصر قد انقلب حالها، وما زلت أحتفظ بنسخة المجلة.
أتذكر نقاشا حاسما عام ٢٠٠٩ بينى وبين اللواء حمدى عبدالكريم، مساعد وزير الداخلية الأسبق للإعلام والعلاقات، الله يرحمه، عما كان يحدث فى سيناء، وقال لى بصوت حاد وعيناه الطيبة تكاد تخرج من مقلتيه ويكاد يأكلنى بأسنانه: متصدقش وكالات الأنباء الأجنبية اللى بتصِف الإرهابيين بأنهم «جهاديين»، العيال الإرهابيين اللى هربانين فى جبل الحلال مش اسمهم جهاديين، مفيش حاجة اسمها «جهاديين»، هُم سلفية جهادية وجماعة إسلامية وتنظيم جهاد وكُلهُم يا حلو أساسهُم إخوان مسلمين وتابعين فى الآخر لـ مُرشد الإخوان.
أتذكر كلمات قالها لى المهندس علاء عبداللطيف، رئيس شركة أنابيب البترول عام ٢٠٠٨: أنا هاطلع معاش وعايز أقولك كلمة حق لوجه الله إن حكومتنا عبيطة، لأنها تُفرِط فى أموال الشعب وتترُك سعر لتر الميه المعدنية أغلى من سعر لتر البنزين الذى تتصارع عليه الدول الكبرى، لازم الحكومة تُعطى الدعم لمن يستحقه فقط.
أتذكر الكاتب الصحفى الكبير سعيد عبدالخالق رئيس تحرير الوفد، الله يرحمه، حينما تولى رئاسة تحرير جريدة الميدان عام ٢٠٠٥ ونشرت حوارًا للفريق صلاح حلبى، رئيس أركان الجيش الأسبق قال فيه نصًا: «ربنا يُستر على البلد من الإخوان»، يومها الدنيا انقلبت بسبب ما جاء فى الحوار، وتم تحويلى للقضاء بصفتى مُحرَّر الحوار والأستاذ سعيد عبدالخالق بصفته رئيس التحرير، وتم التحقيق معنا لمدة ٦ ساعات وبعد خروجنا قال لى: «كِدا يا بلال تبهدلنى معاك، إوعى تقول لحد اللى حصل فى الـ ٦ ساعات».
أتذكر لقاء جمعنى أنا والزميل العزيز الكاتب الصحفى عثمان علام المُتخصص فى ملف الطاقة بالمهندس أسامة كمال، وزير البترول الأسبق حينما كان يتولى رئاسة الشركة القابضة للبتروكيماويات عام ٢٠١٠ لمدة ساعتين متواصلتين بمكتبه، شرح لنا «كمال» الخطة المستقبلية لإنشاء مجمعات جديدة للبتروكيماويات بتمويل من البنوك ولا تتحمل الدولة مبالغ وتوفر فرص عمل كثيرة للشباب وتُدر عوائد لا حصر لها للدولة، يومها قلت له: ربنا معاك يا محترم، واحد غيرك كان طِلِع معاش وخرج من منصبه ونفذ المشروعات دى لحسابه، رد «عثمان علام»: لأنه أصيل ووطنى ويقوم بدوره تجاه الوطن فيعمل بجد واجتهاد ويراعى الله ويريد إنجاز شيء لوطنه، رد المهندس أسامة كمال: سيبك مِنى أنا عايز أعمل إنجاز لمصر وبس ولا أنتظر شيئا لنفسى.
أتذكر الدكتور رفعت السعيد، رئيس حزب التجمع الأسبق، الله يرحمه، بعبقريته وأسلوبه ودِقته ومعلوماته ودراسته لتاريخ جماعة الإخوان، كان الدكتور رفعت دائم الدخول فى معارك لا حصر لها مع قيادات جماعة الإخوان، وكانوا يتجاوزون فى حقه، لكننى شاهد عيان على اعتذار رسمى قدمه له مُرشد الإخوان «محمد مهدى عاكف» عام ٢٠٠٦، والحكاية هى كنت قد أجريت حوارًا صحفيًا مع «عاكف» وخلال الحوار المُسجل على شريط كاسيت اتهم «عاكف» الدكتور رفعت بالكذب، بعدها اتصل «عاكف» بالدكتور رفعت تليفونيًا، وكان الدكتور رفعت موجودا فى مارينا بالساحل الشمالي، وبالصُدفة كنت أنا أجلس بجوار الدكتور رفعت فى مارينا لإجراء حوار معه، ليرُد به على ما ادعاه «عاكف»، يومها «عاكف» قال لـ «رفعت» فى المكالمة: أنا مقُلتش عليك إنك كذاب يا دكتور رفعت، ما تصدقش، دا كلام جرايد، إحنا نعرف بعض من ساعة ما كُنا مع بعض فى زنزانة واحدة فى فترة الستينيات.. بعد انتهاء المُكالمة قال لى الدكتور رفعت: إيه رأيك؟ مين فينا الصادق؟ ومين فينا الكذاب؟ أنت لسه مسمعنى الحوار على شريط الكاسيت، وهو بيقول علىَّ إنى كذاب، وهو بِلحمُه وشحمُه اتصل قدامك وقال مقلتش ومتصدقش.. رديت وقُلت: «صدق» الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع و«كذِب» مهدى عاكف مُرشد الإخوان.